صبري حاجي : عندما أدرك ششو حجم المؤامرة والخطيئة

2015-04-16

شنكال من المناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد,الكورد يطلقون عليها تسمية المناطق المستقطعة من كوردستان,وبغداد تعتبرها واحدة من الأقضية المرتبطة بمحافظة الموصل ,وجزءاً لا يتجزأ من أراضيها,حيث كان فيها قوتان,البيشمركة,و الجيش العراقي النظامي التابع للحكومة الاتحادية,ففي العاشر من حزيران من العام الفائت دخل تنظيم الدولةالاسلامية مدينة الموصل وسط هتافات وزغاريد اهلها رافضي سياسات التفرقة العنصرية,وبقايا البعث العفلقي الصدامي المجرم.
 وعلى أثرها إنسحبت فرقتان نظاميتان من الجيش العراقي  ,بأوامر من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي,تاركاً ورائهم الأسلحة والعتاد والذخيرة الحية والمدرعات الحربية ,هل كانت ذلك صدفة ؟ أم بناءاً على اتفاق مسبق بينه وبين الذين يدعمون تنظيم داعش مادياً ولوجستياً,للتحريض لمؤامرة خبيثة ودنيئة ,لضرب أقليم كوردستان ,ووضع حد للبيشمركة بعد أن سيطرت على جميع المناطق التي تدار خارج الأقليم,من شنكال الى كركوك.
 
ما أثار غضب المالكي الذي حذره الرئيس مسعود البرزاني من المؤامرة التي تحاك لإجتياح العراق ,ومن مغبة هذه المنظمة الارهابية والأخطار والتداعيات التي ستنجم عنها ,والجهات التي تعمل ليل نهار للحد من سيطرة الشيعة على حساب السنية , دون أي إعتبار للشراكة الفعلية لهم في الإدارة والحكم , سيما صرحت قيادة الأقليم بأن المادة 140 لم تبقى لها أي وجود يذكر ,فلا داعي للمطالبة بتنفيذها ,لأنها طبقت على أرض الواقع ,بعد سيطرة البيشمركة على تلك المناطق ,إستناداً للوقائع والظروف الجديدين والأحداثيات التي تشكلت بعد العاشر من حزيران ,والأهم مشروع استقلال كوردستان الذي دعى له رئيس الهرم الدبلوماسي في الأقليم ,وإحالته الى البرلمان للمصادقة عليه ,وعرضه على شعب كوردستان للاستفتاء العام .
 
 ما أدى الى زحف الدواعش باتجاه هولير عبر بوابة شنكال ,فأحرقت الأخضر قبل اليابس ,ودمار لا تعد ولا تحصى ,والأنكى ,إرتكبت الإبادة الجماعية {الجينوسايد} لأهل المدينة ومحيطها ,الذين هم في غالبيتهم من الطائفة الإيزيدية ,الديانة الثانية للكورد من حيث الكم والعدد ,الوقع كان أليماً ,والكارثة كان فظيعاً ,حيث أصبح من السهل حينئذ التلاعب بمشاعر الناس ,بسبب القتل والتشريد والتهجير بمئآت الآلاف ,وتعليق عدد كبير منهم في الجبل دون مأكل ومشرب ,في ظل هذه الأوضاع المأساوية ,حاولة البعض التستر عن الفاعل الحقيقي والمسؤول الذي حيك المؤامرة وخطط عما حدث في العراق عامة وشنكال على وجه الخصوص ,وألقي اللوم على البيشمركة ,لإشغال الرأي العام عن المتهم الرئيس { تركيا , قطر , السعودية } 
الكل يعلم أن البيشمركة لم تكن تملك وقتها سوى أسلحة تقليدية خفيفة ومحدودة العدد أمام ما حصلت عليه داعش من أسلحة أمريكية متطورة من جيش المالكي ,البيشمركة حماة الديار ,تحمي أرض الآباء والأجداد بدمائهم الذكية ,لا تهاب الموت ,ولا تعرف معناً له ,إنما تعطي أرواحهم قرباناً لذرة من تراب الوطن ,دون أي مقابل ,لا تفرق بين من يعيش على أرض كوردستان ,مسلمين كانوا أم إيزيديين أم مسيحيين أم فيليين أو شبك وصابئة المندائية .
 
لا اظن أن البيشمركة قد إنسحبت من تلك المنطقة كون غالبية سكانها يعتنقون الديانة الإيزيدية ,خاصة إنهم يعرفون بأن شنكال جزء عزيز من كوردستان ,وإن الديانة الإيزيدية هي ديانة أجدادهم القدامى ,وإن المسلمين من الكورد قد تخلوا عن ديانتهم القديمة عنوة ,بسبب فرمانات وإبادات التي تعرضوا لها على يد المتطرفين والمتشددين الهمج ,تماماً كما يحصل اليوم على يد داعش ومثيلاته من القوى الظلامية ,لذا من الأفضل أن يتحرى أبناء هذه الطائفة النبيلة عن المستفيد عما جرى في شنكال ,الذي خطط وحرض لذلك ,والبيشمركة لم تكن لتصمد أمام قوة بهذا الحجم والعتاد الثقيل والمتطور وقتها ,وهي لا تصيب بني جلدتها ,إنما تصيب أعداء أبناء هذه الجلدة .
 
عندما أدرك حيدر قاسم ششو هذه الخطيئة وحقيقة المؤامرة, قرر وقف المساعدات التي تلقى من حكومة بغداد لغرض تشكيل قوة حماية شنكال براية ايزيدخان لكنها في الحقيقة تتبع الحشد الشعبي الشيعي الذي يتبع بدوره للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني رجل المصائب والويلات , علماً أنه  ليس هناك أي رابط بين الديانة الإيزيدية والمذهب الشيعي , كونها خارج التعليمات القانونية لوزارة البيشمركة وحكومة الأقليم ,وتعهد بعدم القيام بأي فعل يخالف قوانين وتعليمات الأقليم ووزارة البيشمركة ,معلناً أن كل عناصر قوته أحرار في الإنضمام لقوات البيشمركة وأجهزة ودوائر الأقليم .
 
فهذا بحد ذاته صفعة لكل الذين يبنون أجنداتهم وإستراتيجياتهم وسياساتهم على حساب المصالح العليا للأمة الكوردية والكوردستانية بإختلاف مناطقهم ولهجاتهم ودياناتهم ,حيث يجمعهم لغة واحدة وثقافة وتاريخ ومصلحة مشتركة,وإفشالاً للدسائس التي تحاك ضدها بأجزائها الأربعة ,وموقف مخلص ومشرف يسجله التاريخ .
بقلم : صبري حاجي
15.04.2015