خورشيد عليكا : اتجاهات الإعمار في كوباني بعد غزوة داعش

2015-04-13

ينتظر الكوبانيون، بفارغ الصبر، انتهاء الحرب الداعشية الشرسة في منطقتهم، والدخول في مرحلة إعادة الإعمار، حيث يتوقعون يوما بعد يوم، معاناة المزيد من البؤس الاقتصادي والاجتماعي، ومواجهة الكثير من التحديات التي لا يمكن اعتبارها بديهية الحلول والنتائج. لابد من إعادة مناقشة الأولويات في مجالات التنمية المختلفة، وكيفية ترتيبها بالتوازي مع متطلبات مرحلة إعادة الإعمار في ظل الإمكانيات المتاحة. 
 
  أن تكلفة إعادة إعمار ما دمرته الحروب عموماً، تفوق تكلفة هذه الحروب بأضعاف مضاعفة، ومن البديهي، أيضاً، ألا يملك مواطن عادي أدنى تقدير لتكلفة إعادة إعمار البلد التي يقطن إن كانت تشهد حرباً، حتى ولو كان التقدير تقريبياً، وحتى لو كانت كلفة الحرب معلنةً وبأدق تفاصيلها. يُعد إعادة الإعمار أرقى مهام ما بعد الحروب، وأكثرها كماً في المسؤولية، وحاجةً للتخطيط الأقرب إلى الكمال.
 
  وفي مشاريع إعادة الاعمار بعد غزوة داعش (الكارثة أو الحرب) في كوباني هناك عدة اتجاهات للتعامل مع إعادة الإعمار، بعض هذه التقنيات تركز على الناحية العملية الوظيفية، وبعضها أكثر رمزية تهتم بالذاكرة الجماعية والهوية الوطنية والتاريخية والثقافية للشعب الكردي، وبالعموم فأن كل حالة إعادة إعمار في كوباني لها استراتيجيتها الخاصة في التطبيق خصوصاً في التفاصيل، ومن اتجاهات الاعمار في كوباني المقترحة:
 
1-اتجاه التحديث والتجديد:
 
  ويهتم هذا الاتجاه بإيجاد عمارة جديدة لم تكن موجودة من قبل في كوباني، وليست ذات ارتباط وثيق مع تاريخ وهوية المجتمع وينتشر هذا النوع من المباني في أعقاب الحروب والكوارث والغزوات لتلبية احتياجات السكن الفعال والسريع وقليل الكلفة وأحادي النمط بهدف إيواء المشردين والنازحين والتخفيف من معاناتهم، وقد انتشر هذا الاتجاه بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية من أجل توفير مأوى للسكان في الدول الاوروبية.
 
2-اتجاه إعادة إحياء:
 
  يهتم هذا الاتجاه بإعادة بناء ما تهدم بفعل الكارثة أو الحرب أو الغزو من المباني التاريخية في كوباني كما كانت في السابق بهدف المحافظة على وجودها (إعادة الإحياء الشكلي للعمارة التاريخية)، وحفظ ذاكرة وهوية المكان، وهذا النوع من إعادة الاعمار بحاجة إلى توثيق مسبق ودقيق للمباني التاريخية لإعادة البناء كما كان، ويتركز هذا الاتجاه بشكل اساسي في المناطق التاريخية والمناطق ذات القيمة الاعتبارية والرمزية الخاصة بالمنطقة التي تعرضت للغزو.
 
3-اتجاه للمزج بين القديم والحديث:
 
  وفي هذا الاتجاه يوجد عملية مزاوجة في استخدام أساليب البناء القديمة وإحياء الطراز القديم إلى جانب استخدام أساليب البناء الحديثة في كوباني، وذلك للمحافظة على العمارة التاريخية إضافة إلى مسايرة روح العصر وملائمة الاحتياجات السريعة والملحة والتطور الحاصل ولصعوبة استخدام الاساليب والانماط القديمة بشكل مطلق.
 
4-اتجاه رمزي شاهد على الاحداث:
 
  يركز هذا الاتجاه على أهمية ورمزية الحدث أكثر من أهمية البناء في كوباني، فهو يعمل على الإبقاء على حال المبني كما هو شاهداً على الدمار الذي حصل لحفظ الذاكرة ولإظهار بشاعة ما ترتكبه الحروب والغزوات الداعشية في حق القيمة الإنسانية والتاريخية.
 
  ولا يصلح هذا الاتجاه للتطبيق إلا في مباني معينة ذات رمزية خاصة وسبب وجيه للمحافظة عليها كما هي، ويتم اختيارها بواسطة العديد من المختصين والخبراء من مختلف المجالات والاتجاهات. وهنا يجب الإشارة إلى أنه في كوباني لا يفضل اختيار مباني المواطنين لتكون شاهد رمزي على غزوة داعش، ولكن يمكن الاكتفاء باختيار مباني عائدة للقطاع العام (المباني الحكومية والمدارس ودور العبادة) لتكون شاهد رمزي على غزوة داعش.
 
 
 
خورشيد عليكا *(ماجستير في الاقتصاد، عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد – سوريا)
 
10-4-2015
 
 
 
الرابط على الفيسبوك:
 
 
الايميل: