شفان ابراهيم : بقايا الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا ( البارتي) إلى أين

2015-04-07

مازال ( البارتي) حتى اليوم يعيش المستنقع الذي جره إليه أغلب قياداته وخاصة الصف الأول منه؛ نتيجة تصرفاتهم ورغباتهم الشخصية. وفق هذه الصورة النمطية كان من المتوقع أن ينهار وحدة صف الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا ( البارتي) وخاصة بعد أن أفرزت الوقائع الراهنة محاور وخطوط واضحة, كان من أبرزها أن نهج البارزاني يقود دفة التيار القومي الكوردستاني.
وفق الحالة الكوردستانية الراهنة والناتجة عن متواليات ومتلاحقات منذ سنين طويلة, وتأثيرات وتداخلات كثيرة أفرزت رؤى وتباينات متناقضة, وغير متجانسة بين أغلب أطراف الحركة الكوردية في سوريا, كان البارتي حين ذاك وبقيادة المرحوم كمال درويش يحاول جاهداً خلق حالة توازن بين أغلب القوى الكوردية في سوريا, وهو ما أكمله من بعده المرحوم نذير مصطفى, ومن بعده الدكتور عبد الحكيم بشار, واليوم ما نتج عن تلك التوازنات من خلق الأرضية الملائمة للوحدة السياسية بين أربع أحزاب كوردية تؤمن بالبارزانية نهجاً ونبراساً في سبيل خلاص الشعب الكوردي ووصوله إلى مبتغاه القومي, ما نتج عن تلك الوحدة من انبثاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني- والذي يترأسه الأستاذ سعود الملا.  وفق ما وصل إليه البارتي مع بقية الأحزاب الأخرى إلى هذه الحالة السياسية الراهنة, ومع كل السلبيات والنواقص الذي رافق العمل التنظيمي للحزب الجديد, إلا أنه لا يزال الحامل السياسي والاجتماعي للبارزانية في كوردستان سوريا. لكن المعادلة لا تزال شبه ناقصة وتبحث عن الجواب الأخير: أين الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا ( البارتي) من كل هذه الأحداث وهو المنشق عن الحزب الأم, وأين يقف من حالات الوحدة والحالات الاندماجية, وكيف لقواعده أن يجد الحزب خارج أسوار المجلس الوطني الكوردي وهو يصرح في أدبياته أنه على نهج البارزاني, خاصة وأن ثلاثة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب المذكور تركوا الحزب وأنسحبوا برفقة عدد ممن أعضاء اللجنة المنطقية وكوادر الحزب, حيث بلغ عددهم حوالي (500) عضو, وانضموا إلى الحزب الأم قبل المؤتمر التوحيدي بفترة, ودون أي قيد أو شرط أو مساومات, فقط حفاظاً على البارزانية وعلى النهج القويم حامل لواء التيار القومي الكوردستاني. وفي تلك الفترة انقسمت بقية القيادات إلى: قسم من قيادات ( البارتي) التفوا حول السيد نصر الدين ودافعوا عنه وعن مواقفه وانسجامه مع مجلس (TVDEM) وقسم أخر أثر السكوت ولم يصدر عنهم أي مواقف معارضة لسياسة حزبهم داخل المجلس ومواقفه المتناقضة مع قرارات اللجنة المركزية المؤكدة لدور الحزب في حماية وتنبي والدفاع عن البارزانية في المجلس الكوردي. وهو الموقف نفسه الذي أثره ذاك القسم حتى قبل انسحاب ثلاث من أعضاء اللجنة المركزية التي سبق ذكرهم. واستمرت معمعة تناقضات وتشرذم مواقف ما تبقى ممن القيادات من موقف السيد نصر الدين إبراهيم في تصويته لصالح قائمة (TVDEM) في انتخابات المرجعية السياسية, ولكن مع الشعور بغرق السفينة تسابقوا للقفز منها ومن ضمنهم الصندوق الأسود للحزب, ومحاولة انتشال أنفسهم من الغرق, بعد أن كانوا شركاء في الغرق نفسه. وبعدها بدأت الخطوة الثانية في محاولة الانضمام إلى المجلس الكوردي, وهو  ما يطرح السؤال الجوهري: لماذا لم يطلب أحدهم مراجعة موقف الحزب في المجلس قبل الآن, ولماذا لم يكترث الأغلبية بمزاجية ومواقف ممثليهم في المجلس, ولماذا يطلب اليوم الانضمام إلى المجلس الكوردي من كان يعترض بالأمس على عملية الوحدة مع البارتي الأم جناح المرحوم نذير مصطفى ومن تلاه, ولماذا كثر اللغط والهرج حول هذا الحزب, علماً أنه يتعرض إلى حالة انشقاق جديدة نتيجة تضارب المصالح المادية  وليست المبدئية, وهو الذي اشنق عن الحزب الأم, فأصبحت المعادلة على الشكل التالي:
انشقا عن الحزب الأم, ثم انسحاب كوكبة كبيرة من القيادات والأعضاء  والكوادر عن الحزب المنشق وانضمامهم إلى الحزب الأم دون أي شرط أو قيد, واليوم انشقاق جديد يضرب الحزب الذي انشق في المرة الأولى, وفي كل هذه اللوحة لم يكن أي من قياداته أو عناصره المتبقية حتى قبل حوالي الشهرين يرون أي مشكلة في بقاء البارتي خارج المجلس الكوردي, فأين يكمن السر في رغبتهم وإلحاحهم للانضمام إلى المجلس.