حسني كدو : في ذكرى 112 لأب الكرد الروحي

2015-03-15

بالأمس بينما كنت اتصفح الميديا الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية لفت إنتباهي مقالة للكاتب التركي مصطفى أكيول المعروف باسلوبه المرن والمتفهم للاحداث التي حدثت في الماضي وفي الحاضر داخل تركيا وخارجها ،كونه يمثل بعضا من رموز الفكر والثقافة الحديثة داخل تركيا ،وله مداخلات في اوربا و الدول الإسكندنافية عن دور تركيا خارجيا  
   وفي مقالة للكاتب التركي مصطفى أقيول وبعنوان ( أب الكورد ) في صحيفة حرييت الناطقة بالانجليزية تطرق الى حياة القائد عبد الله اوجلان الذي" بدأ  حياته السياسية من أنقرة  ناشطا  شيوعيا في السبعينات وكيف أسس حزب ب ك ك  الكوردي اليساري والذي تصرف وكأنه حامي الاشتراكية  بين الكورد ,ولكن انقلاب كنعان ايفرين 1980 سحق كل النشطاء السياسيين من الكورد والترك وغيرهم. غير ان أوجلان ظهر الى الوجود بشكل اقوى في 1984 وبدأ بهجماته على القوات الأمنية  وعلى كل من خالفه  , وهكذا استمر الصراع الدامي منذ ذاك الوقت الى يومنا هذا ,   وبلغ عد الضحايا أكثر من خمسين ألف قتيل من الكورد والكريلا والجيش التركي , وفي عام 1999استطاعت تركيا وبمساعدة أمريكا من القاء القبض على أوجلان  , الذي بقي يتنقل في جميع بقاع العالم ولم يجد من يلجأ اليه, وعندها عمت الفرحة والبهجة عموم أجزاء تركيا  ، مثلما عمت الفرحة أمريكا عندما قتلوا ابن لادن , غير ان الحزن والسكون والذهول و الأسى ساد معظم أجزاء ردستان و ان الكثيرين من الكورد أحرقوا انفسهم فداء وغضبا على اعتقال قائدهم, بل أبيهم الروحي  حسب تعبير اكثر من ثلث االكورد في تركيا والذين ينظرون الى أوجلان بأنه المنقذ لهم ولقوميتهم من الضياع والانصهار وحامي القومية الكوردية وحركة التحرر الكوردية" 
.                                                                            
ويمضي مصطفى أقيول بكل تحيز لبني جلدته ومجردا عن كل ما كان يقول في مقالات أخرى عن حقوق الكورد والظلم الذي لحق بهم  " كل الأتراك يريدون ان يقتلوا قاتلهم بدم بارد لانه قتل الكثير من الاطفال والابرياء, ولكن الأحداث على طوال هذه العقود برهنت ان أوجلان الأرهابي  هو الزعيم و هو القائد الذي لا يمكن تجاوزه وان أي حل للمسألة الكوردية في تركيا لن يكتب لها النجاح ما لم يزيل  بتوقيع أبو نفسه , وانه لا يزال يحتفظ بهيبته ليس فقط بين صفوف حزبه بل بين صفوف عموم الشعب الكوردي وأحزابه وان باستطاعة أوجلان الارهابي ان يصبح بطلا للسلام ,وهذا ما حمله أوجلان للحمائم التركية الزائرة في سجنه في جزيرة يزيل مرمرة ويقصد بهما زعيم حزب الشعب الجمهوري والرئيس القرين لحزب الديمقراطية والسلام". 
ثم يضيف أقيول ويتباهى بحزب الحرية والعدالة  " بكل صراحة ان حزب العدالة والحرية بزعامة أردوغان  إتخذ خطوة جريئة وشجاعة للتفاوض  مع نزيل سجن إيمرالي الذي يتحاشى ذكر اسمه علنا لما لهذا الاسم من حساسية وصدمة لدى غالبية المجتمع التركي , الذي لم ينسى شهداءه ودموع امهاته, و إن حزب أردوغان إتخذ من الإرهاب نفسه أداة لصنع السلام وهو  يعرف حق المعرفة بانه لا يمكن القضاء على ب ك ك من خلال الحرب والحلول الأمنية ,  وانه لا بد من التفاوض مع رأس الإرهاب نزيل  إيمرالي وليس غيره  , حتى ينجز السلام المنشود. 
 
  الوطن هو الكرامة, وهو أغلى  وأثمن شيء , ولكننا ككورد لم نعرفه , ولم نتلمس دفئه وحنانه  , ولم نشعر بالأمان فيه ، ولم نشعر في يوم من الأيام بان هذه الأنظمة الجاثمة  تهتم بنا أوتمثلنا داخليا أو خارجيا  , وان الحنين الى الوطن أصبح مرضا مستعصيا ، وان علاجه لا يمكن ما لم تزول الأسباب التي أدت إلى هذا المرض وهذا الاحتقان ، ولا بد من العيش في هذا الوطن بحلوه ومره ولو لفترة قصيرة , ولكل وطن رمز أو قائد , أو أب روحي يعتز به أبناء الوطن , فمثلا الامة العربية كانت تعتز بجمال عبد الناصر وتعتبره زعيما خالدا , والهنود يعتزون  بالمهاتما غاندي ويعتبرونه أبا روحيا وفي تركيا يعتبرون كمال أتاتورك قائدهم وأبيهم  الروحي, اما كورديا فيعتبر البارزاني الخالد الأب الروحي لأغلب الكورد في جميع أجزاء كوردستان بما قدمه من نضال دؤوب , وتضحيات جسام في جميع أجزاء كردستان ، وإرادة صلبة لا تلين ولاتتنازل عن المبادىء والكوردايتي  ..وان الروح القومي في جميع الأجزاء هو بفضل تضحياته وتضحيات القادة الأخرين الذين سبقوه  في النضال والتضحيات والذين أتوا بعده .
 
اذا كل الانظار كورديا , تركيا و عالميا  متجهة الى كردستان العراق وما يقوم به أحفاد البرزاني الخالد البشمركة الميامين من بطولات في دحر داعش وسحقه على كافة الجبهات ، والى روشافا حيث احفاد البرزاني الخالد و أوجلان يسطرون أروع الصفحات في قامشلو وسري كانييه وتل تمر وكوباني  ، والى  إيمرالي حيث  اوجلان نزيل  جزيرة بكاملها , وهو معزول  و محروم لاكثر من عدة سنوات عن جميع وسائل الإعلام و الحياة ,  والسؤال الذي يطرح نفسه  كيف سيكون حل المسألة الكوردية في الجزء الأكبر من كوردستان؟ وهل ما تروجه الصحافة التركية من القاء للسلاح مقابل لا شيء صحيحا ؟ أم انها محاولة من الاستخبارات التركية لخلق حالة  أنشقاقية  بين صفوف الكريلا الأبطال ,  وقتل الروح المعنوية  للشعب الكوردي  البطل ,  وإعطاء صورة مسبقة هزيلة  , مخيبة و ركيكة لقادة حركة الشعب الكوردي في  كوردستان المركزية ؟ ونأمل , وكلنا ثقة بأن دماء شهداء الكريلاء ودموع امهاتهم وتضحيات الشعب الكوردي في جميع أجزاء كوردستان لن تذهب سدى , وان ما لم تسطع الدولة  العراقية والتركية تحقيقه عسكريا سوف لن تسطيعا تحقيقه نفسيا وسياسيا , وان غدا لناظره قريب  .
                                                                                                                                  
      13-3-2015
    حزني كدو