حسني كدو : خوف أمريكا من كردستان مستقلة

2015-02-28

كردستان مهد حضارة قديمة قدم التاريخ ،أنها مهد حضارة ميديا التي لا تنتسى ، ولكن كردستان حظها عاثر والعالم أجمع قديما وحديثا لم ينصفوها ، انها دائمة العطاء والفداء ،ضحت بالكثير ولا تزال تضحي وتدافع ، لكن بالمقابل لا تكافىء على تضحياتها و مواقفها  .
أمريكا وبكل رحابة صدر وبسخاء تسلح الجميع وبكافة انواع الأسلحة الفتاكة ، تسلح المليشيات الشيعية عبر الجيش العراقي  ، وتسلح المليشيات السنية والمعارضة السورية المشكوكة في ولائها  ،  وتسلح جميع الأنظمة القمعية ، وتسلح حلفاء الناتو الذين ينامون ويصبحون على نظرية الموأمرة الأمريكية عليهم في كل مناسبة وبدون مناسبة و لكنها لا تسلح الكرد بالسلاح الفتاك والفعال خشية من تعاظم قوة الكرد ونفوذها و اعلان دولة كردية مستقلة .
كل هذا يحدث من طرف أمريكا كرديا بالرغم من إداركها ويقينها بأن الكرد حلفاء  شجعان جيدون  ومخلصون ، ويمكن الاعتماد عليهم كثيرا،  وحرب داعش برهنت ان الكرد قوة لا يستهان بها ،و أن نظرية المؤامرة لا تتعشعش في ذاكراتهم تجاه الغرب عامة وأمريكا بشكل خاص بالرغم من تخلي أمريكا عنهم مرات عديدة  ، وهم يرحبون بأن يكونوا حلفاء حقيقيون وليسوا ورقة تلعبها  أمريكا عند الضرورة.
منذ عام 2003 والى يومنا هذا لم يقتل جندي واحد من جنود التحالف في كردستان العراق ، وحتى الكرد في الأجزاء الأخرى من كردستان لم يهاجموا الأهداف الغربية ولم يقوموا  بأية افعال ضد قوات التحالف وحتى في أحلك الظروف عندما كان الغرب يمد الانظمة القمعية في المنطقة بالأسلحة الفتاكة التي كانت تستخدم ضد الكرد ...أليس هذا كافيا للغرب ولصناع الساسة في أمريكا ان يدرسوا عن كثب الاستقلال الكردي في العراق ؟ وما سبب مخاوفهم من الاستقلال الكردي ؟
أولا وقبل كل شيء ، علينا أن نتذكر ان امريكا هي الدولة التي خرجت بشكل قوي  بعد الحرب العالمية الثانية ، وانها استفادت أكثر من أية دولة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية  و أصبحت أقوى دولة في العالم وهي  عامل استقرار للحدود الدولية حتى يومنا هذا .
ان قيام دولة كردية في أي جزء من كردستان سلميا أو عن طريق الكفاح المسلح هو الشاغل الرئيس للغرب وهم يخشون من وصول عدوى ونشوة الاستقلال الى الأجزاء الكردية الأخرى وانشاء كردستان الكبرى، وهم يقولون في هذا الشأن " اذا خرج الجني الكردي من المصباح فأنه ليس بمقدور أحدا ان يعيده الى داخل المصباح " وهذا ما يحدث في كردستان العراق ، وان الأخوة العرقية في الأجزاء الأخرى تنظر بكل شغف و بشهية مفتوحة لهذه الدولة القومية التي طال انتظارها .
الديبلوماسية الأمريكية وصناع ساستها و نظرائها الغربيون وساستهم يتباحثون فيما بينهم ومع نظرائهم من الدول الأخرى  ويتبادلون وجهات النظر حول الاستقلال الكردي ، وانهم( الغرب ) يقتنعون بوجهة نظر سفراء تركيا والعراق و ايران  عندما يتهموهم بزعزعة استقرار دولهم خلال دعمهم للكرد ، و لذلك  أمريكا تفضل مساعدة الكيانات مثل المجلس الوطني السوري بدلا من الحركات الانفصالية التي تسعى غلى إعادة رسم الحدود وتحدي الأنظمة برمتها .
ان الحالة العراقية ودعم قدرة الكرد على الإنفصال  تضع أمريكا في موقف حرج ، فهي تنظر إلى النفقات الباهظة والى الدماء الكثيرة التي هدرت من اجل الدولة العراقية منذ 2003 وقد باءت بالفشل وان الدولة العراقية آهلة للسقوط .....وان الإنفصال الكردي سيضعف العراق و  ويجعلها دولة شيعية موالية لأيران ، وان العرب طالما كانوا يتهمون الغرب وأمريكا  في إنشاء كيان إسرائيل ثانية في وسطهم ليس محض صدفة .
أما في كردستان تركيا ، وفي سوريا ، فان حزب العمال الكردستاني المعروف بعلاقته وميوله الماركسية -اللينينية ، والان تسير نحو الفوضوية ومناهضة الدولة وتساعد التحالف الدولي وأمريكا في مقارعة الإرهاب ومحاربة داعش من خلال فرعها السوري  حزب الاتحاد الديمقراطي  وأمريكا تريد هذا وباي أية صيغة ....اما تركيا صاحبة القوة الكبيرة والأقتصاد القوي فهي الأخرى تضخ الكثير منالمياه الفاسدة ،و القوى وتثير الكثير من المشاكل في المنطقة من خلال علاقاتها المشبوهة مع داعش ، وهذا الشيء تسبب في تدني علاقاتها مع أمريكا الى درجة كبيرة ،ولكن من دون حدوث تصدعات قوية في الداخل التركي فان أمريكا لن تضحي بعلاقاتها معها ولم تصل الأمور أمريكيا للبحث عن حلفاء جدد حتى الأن .
وبالرغم من كل هذه العوائق ، فان العلاقة المميزة بين الكرد وأمريكا ، يجب النظر اليها بعيدا عن الفوائد والبدائل المحتملة   لدعم الكرد ، ولكن يعتقد بان القادة في أمريكا ليس لديهم الشجاعة الكافية لتتطلع بصدق في خياراتهم الحقيقية في المنطقة.
ان مخاوف أمريكا من انشاء دولة كردية مستقلة تمنعها من القبول بالمزيد من الحكم الذاتي للكرد تضمن بقاءهم بسلام وبحرية اكبر ضمن الحدود الحالية ، ولهذا فان أمريكا تطبق على الكرد المثل القائل " كونوا عونا لنا لتحقيق مصالحنا ، ولا تكونوا وبالا علينا من أجل مصالحكم ". ... وهذه الرسالة غير مقبولة وتحتاج إلى التغيير ، خاصة اذا كانت أمريكا تبحث عن حلفاء حقييقين، وأقوياء على الأرض لمحاربة داعش .
مترجم من صراع الديمقراطية والكرد في الشرق 
حزني كدو