ستير قاسم : البرزانية بردة الكرامة ام لبوس العراة من كل القيم

2015-01-27

 تعرض الشعب الكردي منذ الحرب العالمية الاولى الى عمليات صهر و ابادة ممنهجتين في محاولة لاقتلاعه من جذوره و ارضه وفقا لمصالح الدول المستعمرة له و رغم شدة البطش الذي تعرض له الا انه و بصلابة جباله الشامخة صمد و لم يستكن و لم تلن عزيمته ، و اشتعلت ثورات الحرية في عموم ارض كردستان على شكل انتفاضات دينية و عشائرية غير منظمة ضمن الامبراطورية العثمانية المتهالكة و الفارية التي كانت تحاول استعادة مجدها الغابر .
 
   جوبهت هذه الثورات بقوة و وحشية بالغتين حيث قتل الكرد و هجروا من ارضهم و غصت السجون و المعتقلات بهم ، و من بين هذه الثورات المشهود لها في التاريخ / ثورة جبال آكري – ديرسم – كيلان / وصولا الى ثورات بارزان التي قادها القائد مصطفى البارزاني الخالد و التي صبغت النضال التحرري الكردي فيما بعد بصبغتها و تحول البارزاني من قائد ثورة الى رمز نضالي كردي في جميع انحاء كردستان و العالم لعظمة التضحيات التي قدمها هو و رفاق دربه في وجه آلة الظغيان الفاشي في العراق بامكانات عسكرية و مادية بسيطة لكن قوة ايمانهم بقضية شعبهم العادلة و لم يكن نضاله مقتصرا على بقعة جغرافية محددة في كردستان العراق فقط بل انه ساند النضال التحرري في الاجزاء الاخرى مثل قيام جمهورية مهاباد و المشاركة في ثورة شيخ سعيد مما جعله بحق رمزا للكردايتي في العالم اجمع .
 
   إن جبال كردستان الشامخة شاهدة على الانتصارات و التضحيات التي قدمها حتى النكسات التي تعرضت لها الثورة احيانا كانت انتصارا و عظمة  فمن ينسى نضاله عندما اضطر الى عبور نهر آراس مع كوكبة من رفاقه الابطال و دخوله الاراضي السوفيتية و الظروف الصعبة التي عاشها و قضية شعبه تؤرقه حتى اضطر الى بيع قميصه ليرسل رسالة الى زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك ( نيكيتا خروتشوف ) ليشرح قضية امة تناضل لاثبات حقها في الحرية و الحياة .
 
   كل هذا جعله بحق رمزا يفخر به الكرد و مدرسة في القيم و الاخلاق النضالية تتالى الايام و يودع البارزاني الخالد الحياة و في قلبه حسرة ان يرى وطنه حرا و شعبه كريما و تتحقق هذه الحسرة و تنعم كردستان بحريتها و هذا الشعب الذي قدم آلاف الشهداء قرابين للحرية يحصل عليها .
 
   و كأني به اراه يطل علينا شامخا من اعالي جبال كردستان عظيما متواضعا سعيدا بما يراه لكن حسرة من نوع آخر تؤلم روحه و هو يرى بردة الكرامة التي حيكت بآلام و آمال شعبه و التي احتضنه قائدا لهذا الشعب تتحول الى غطاء يتستر به الانتهازيون و الجبناء الذي في جنته فسادا ، لقد تحولت البارزانية من إرث نضالي اخلاقي الى وسيلة للانتفاع عند بعض مدعي الكردايتي و الدخلاء على هذا النهج العطيم .
 
   اعتذر منك يا أبا الكرد و لا املك سوى الاعتذار عمن يحاول ان يلتف ببردتك ليستر روحه القميئة و من تضحياتك و رفاق دربك يحاول ان يسد جوع نفسه الخاوية . اعتذر منكن يا امهات الشهداء عمن يحاول ان يسرق عبق اجساد اولادكن الطاهرة ليغطي به انفاسه الكريهة .
 
   لكن هيهات فالارض تعشق شهدائها الابرار و البردة لا تليق إلا بصاحبها و من بذل و ضحى قديما و حديثا و اذا كان التاريخ سينسى مرة فجبال الكرد الشامخة ستذكره الف الف مرة .