أحمد العربي : قراءة في فكر القاعده الاسلامي.. .داعش .. رؤيه وموقف.

2014-12-22

اولا. ليس ترفا الخوض في هذا الموضوع. خاصة ان ممارسة القاعده وفرعها داعش. وصل الى حد استسهال المجازر الجماعيه .بحق الناس مسلمين وغيرهم .باسم الاسلام.. وان القاعده بكل افرعها تطرح نفسها كمشروع حضاري وسياسي وكدولة. وانها تمارس في سوريا والعراق وكثير من بلدان العالم .اعمال كثيرة بعضها مرفوض ومدان .لذلك صار لزاما علينا ان نوضح مدى انضباط هذا السلوك بالاسلام. وما هو (اسلامهم ) الذي ينطلقون منه . مطلوب منا التنوير واتخاذ الموقف المناسب..
ثانيا. نحن ملزمون هنا ان نقول ماذا يعني لنا الاسلام ومرجعيته. وموقفنا من المشروعات السياسيه التي تنطلق منه او تنسب اليه.. 
.الاسلام بالنسبة لنا دين نراه مع غيره من الاديان والدعوات التي ظهرت في التاريخ.دعوة للخير والعدل والحرية والتشاركية والشورى . دعوات تمثل خطوات في التاريخ باتجاه بحث الانسان عن حياته الافضل.. وفي مواجهة واقع استعباد وظلم الانسان لاخيه الانسان فرديا وجماعيا. والذي ترسخ تاريخيا بممارسات اعتمدت مصالح افراد او حكام او قبائل او مجموعات بشريه في مواجهة مجموعات بشريه اخرى.. ونرى ان الاسلام ككل الاديان او العقائد .اصابه التعديل والتطوير والاستخدام (لمآرب خاصه احيانا) ولم يثبت على صورة واحده.. بل تعدد وتنوع على مدار التاريخ وتوسعت الرؤى والمذاهب والطوائف والاجتهادات.. بحيث اصبح لزاما على كل من ينسب نفسه للاسلام .ان يقول ماذا يعني باسلامه..وان يحدد مواقفه من السياسة والحكم والاخرين وطريقة الحياة...
ثالثا. اننا ننطلق من فهمنا للاسلام بانه دعوة لبناء حياة الانسان الافضل. متجاوزة كل تقسيم قبلي او اممي..الخ.. .ومتحركة من قاعدة تساوي البشر امام خالقهم .وتساويهم بين بعضهم .وانهم احرار وان العدل والمساواة اساس حياتهم .وان الحكم ينطلق من الشورية والمشورة بين ابناء المجتمع الواحد. وليس الدين الواحد(فقط).. وان دولة الرسول كانت دولة الناس المضبوطه بمصالحهم .وان حكم الراشدين كان شوريا (نسبيا). وان حكم الامويين والعباسيين حتى العثمانيين كان حكما مستبدا يختلف مع جوهر الاسلام الشوري . واننا نحمل الحكام المستبدين عبر التاريخ اغلب سلبيات الحكم وضياع المسلمين وتخلفهم ايضا.. وان ادعاء ان الحكم اسلامي وتلبيسه بالشرع وانه من الله .جعلة معصوم ولا يواجه من قبل احد .ويتهم من يختلف مع الحكم بالكفر والرده. وكانه يختلف مع الله.. وهنا كان البطش باسم الله .وكان الاسلام ضحية عندما تحول تاربخيا لنموذج للظلم عبر الحكام المستبدين.. واننا نرى ان الاسلام بمقاصديته للحفاظ على اركان وجود الانسان .وتحقيق حياته الافضل . والتكامل بين الاسلام كدين والعقل والعلم كادراك للحياة وكيفية العيش وبناء الحياة الافضل وفق شروطها .يجعلنا منفتحين على كل ما يحقق للانسان حريته وحياته الافضل. ويكون بمضمونه اسلاميا.. ولذلك نقطع بانه يجب ان لا يوجد حكم موسوم بالاسلام. بل حكم بشري .يتحرك للحياة الافضل للجماعة الوطنيه او الامم .لا يتناقض مع القيم التي يقول بها الاسلام والاديان السماوية الاخرى وحتى ما طالب به المصلحين عبر التاريخ.. ونصل اخيرا لما راكمت البشرية من اهداف ووسائل تحددت بالحرية والكرامة الانسانية والعدل والدولة الديمقراطيه.. ولو بحثنا في الاسلام اجتهادا مقاصديا. لوصلنا لذات الاهداف لتحقيق الحياة الافضل للجماعة الوطنيه ولشعوب العالم ايضا.
رابعا. انطلاقا من هذه الرؤية .سنتحدث عن القاعده .وما استنسخت من حركات كداعش ..
.ان القاعده انطلقت من فهم للاسلام اعتمد على اعلاء الجهاد واعتبارة اولوية الاولويات في الاسلام. وبغض النظر عن ما حشد هذا التيار ومفكروة من ادلة اسلاميه(قرآن وسنه وفتاوى العلماء في التاريخ للان). نقول ان الجهاد كان محكوما في الاسلام بمقاصده. وبحق الدين الجديد ان ينتشر وبحق المسلمين ان يحموا انفسهم.. وهو نظام الدفاع عن النفس.. ولم يكن يوما مشروعا مفتوحا في التاريخ .كصراع مستمر مع كل المختلفين.سواء من اديان او عقائد او الطوائف الاخرى من المسلمين والمذاهب (مثلا داخل السنه) .واحيانا بين اصحاب الفكر الواحد .كاختلاف داعش عن النصرة رغم مرجعيتهم الفكريه الواحده. و قولهم ان الهدف في الحياة وفي الدين هو الجهاد وان الجهاد هو المعبر للاهم وهو الاستشهاد.(لدخول الجنه).. ان هذا الطرح الذي يظهر على لسان كل قادة داعش .يجعل الاسلام مشروع حرب مستمره .والحياة مجرد معبر للشهاده.. والاخر اما معي او عدوي .وهنا يظهر الوجه الاخر لداعش وفكرها. استسهال تكفير الاخر ومن ثم قتله .كخارجي او مرتد او ملحد او مناصب او رافضي.. وتبرير قتلهم .ولكل كلمة وردت هنا لها مدلولها الفقهي و(الشرعي). عندهم . وهم يعتبرون انهم بقتلهم للمختلف هم يتعبدون الله . ويحشدون حسناتهم للدخول للجنه.. ان الوجه الاخر للجهاد عند داعش او القتل للاخر لكونه مستهدف بالجهاد ولا يكتمل الا بقتله.. لذلك نراهم يقومون بمجازرهم الجماعيه وكانهم في افراح جماعيه.. يفتخرون بما يفعلوا.. ويعتقدون انهم يقدمون لله ما يجعلهم يدخلون جناته ..انهم تحولوا عبر هذه الرؤيه وممارستها الى وحوش بشريه. ضد الاسلام اولا.. (الاسلام سلام الانسان وحياته المصانه وحقه بالعيش الكريم.). وضد البشريه كلها.. وهم يتحركون وفق قاعدة (نحن ضد العالم كله).. او ان (يسلم كل العالم وفق رؤيتنا.ويبايعنا). وهذا مستحيل .والنتيجة الوحيدة لاعمالهم .قتل متبادل من ابنائنا وفي بلادنا .ودون جدوى وبضرر على البلاد والعباد .. واعطاء ذريعه للغرب ان يقول هذا هو الاسلام دين القتل الجماعي. وها هم المسلمين وحوش بشرية في العصر الحديث..
خامسا. نعلم ان الاسلام القاعدي .(الجهادي) .له مبرر في خيارة استعمال القوة لتنفيذ ما يراه اسلاما وحقا .سواء من جهة الظلم العالمي الموجه ضد الامم المسلمه .وخاصة نحن كعرب بدء من فلسطين واحتلالها لتقسيم بلاد العرب لاستغلال الموارد واستعباد الشعوب لصالح الغرب والانظمة التابعة .وكان الشعب دائما ضحية الخنوع او التمرد المواجه لهذا القدر الغير مقبول. وكان الاسلام الجهادي احد الردود.. لكن انقلب الفعل ضد الشعب .فمثلا في سوريا.. كانت الثورة في مرحلتها السلميه محققة اجماع الشعب عليها ومعها. وفي المرحلة العنفيه. كانت متماسكة بشكل مقبول الى ان ظهرت داعش .حيث شقت الصف وكفرت الثوار والشعب وتحولت لحاكم بامر الله .واصبحت تحتل المواقع المحررة وتقتل كل مختلف وبشكل جعلها تصنف من قبل الشعب والثورة السوريه انها عدو .وهذا اثر سلبا على ثورتنا .فجعلنا ضحية صراع بيني عندنا. وارتكز الغرب على ذلك ليقول اننا لسنا ثورة حريه وكرامة وعداله ودوله ديمقراطيه.. بل حرب اهليه.وان هناك داعش عدو ويجب حربه . وحشدت وحاربته وما زالت تحاربه .واصبحت قضية شعبنا وتشرده ولعبة الموت الممارسة بحقه وحقوقه المغتصبه قضية هامشية.. تنتظر دورها في الحل ولا يأتي..
سادسا. اننا نرى ان ظاهرة داعش لها مبرراتها الموضوعية عندنا ظلم الحاكم وظلم العالم .وانها استدعت كل متمردي الارض وابناءنا المظلومين. وقدمت لهم فكرا (اسلاميا.. ولكنه ضد الاسلام والانسان). وان ذلك يجب ان يواجه بتنوير ووعي ديني حق. وانتصار لقضايانا واسقاط النظام ومحاسبته وبناء دولتنا الديمقراطيه. وبذلك تزول اسباب وجوده الموضوعيه. وقد نكون مضطرين في مرحلة من الصراع ان نحاربه لانه يتصرف على الارض كعدو بحق الشعب وثورته وثواره...
.اخيرا.. الاسلام والقاعدة والموقف من داعش .يحتاج منا ومن غيرنا كثير من البحث والتنوير .وازالة الخلط المقصود. ورفع غطاء الشرعيه الدينيه عنه.. لان من يستسهل هدر دم الناس يستحق ان يعرف ويدان ويحارب ايضا .. وان يوصف بحق كما هو .فداعش لا هي مسلمه ولا مجاهدة وضد الشعب السوري في افعالها.. لنرفع عنها الغطاء ولنضعها في قائمة اعداء الشعب السوري..
.عاش شهداءنا ضميرنا الحي ..
.عاشت ثورتنا نقيه واضحه ..
ثورة للحرية والكرامة والعدالة والدوله الديمقراطيه.
.عاش الشعب السوري العظيم ..
..احمد العربي...
21 12.2014...