فرحان كلش : كيف نكون مثقفين لا مسقفين

2014-11-17

أن تكون مثقفاً أي أن تكون بالمختصربوصلة مجتمع ،متجاوزاً الشخصية الجمعية بأفكارها التقليدية،,تستطيع تحمل مخالفة العقل الجمعي الموروث ،وأن تكون لسان حال مصالح شعبك وبذلك تديرمعادلة وحدة الأمة وصراعها الداخلي للوصول الى رسم خارطة تحريرها،

وينقسم المثقفون في الفكر التحليلي الى مدرستين: -المثقف المرحلي ويكون متابعا للحدث التاريخي وينقلب تحت ضغط الظروف المنبثقة عن تحولات ومراحل هذا الحدث ،ويبدو شخصا لا يثبت على رأي ،حتى يفقد هو ذاته ثقته بالتاريخ الذي يعتبره خاضعا لرغباته وقراءاته الخاصة،يغير حزبه ويغير لون قلمه(اتجاهه السياسي)حتى يخرج من عباءة الانتماء التنظيمي ليخرج الى الناس بنرجسية مدمرة ويعتبر نفسه مركز الحركة الثقافية،والمنظر الأوحد للحركة السياسية دون الاحتكاك الحيوي معها،حتى تأكل الانتهازية بصورها المتعددة من دوره الاعتيادي وتكون العزلة مكانه ويكون متشائما حد انكار مقدساته ،وتبدأ رحلة بحثه عن الذات عند كل ظاهرة،وتختلط عليه الأمور ويفقد الثقة بالجميع وفي الحقيقة يكون قد فقد الثقة بنفسه0 -المثقف الاستراتيجي ويحمل رؤية ثابته لا تتغير مع تغير ملامح وأشكال الحدث التاريخي،لا يفقد ثقته بأفكاره،ولا يغير قناعاته كما يغير الاخرون أحذيتهم،يحتك بالحركة السياسية من منظور النقد واستنهاض الهمم،يتعرض للتهميش عندما تفرض الشعبوية نفسها على الواقع الثقافي لأنه يبدو خارج سرب الحركة الاجتماعية وفي الحقيقة يكون باذرا لفكرة تجاوز هذه الحركة لعوامل تراجعها وفشلها ويكون حالًا لازماتها المرافقة،لا يتأثر بالاعلام ولا بالأموال يكون العمود الفقري لفكره ثقته بالاتجاه الموضوعي للحركة التطورية،لا يفقد الثقة بالشعب يحزن على انكساراته وتضحياته ولكنه لا يفقد أمله به،لأنه يتعامل مع الحدث التاريخي بموضوعية وبعيدا عن (العاطفة الفكرية)وممتلئ بالوجدانيات عندما تتطلب الظروف رفع المعنويات من أجل الاستمرار بتحقيق الأحلام0 ويمكنني القول بأنه لا مثقف في الحركة السياسية(تنظيميا)دون­ ايديولوجيا،لأنه يربط فلسفته بالسياسة فتحيا من بين أصابعه ايديولوجية ما،وهنا يتبادر الى الذهن سؤال عن العلاقة بين المثقف والايديولوجي وتأثير هذه العلاقة عاى الدور الوظيفي للمثقف الجمعي ان صح التعبير،على كل حال يمكن تدوير الزوايا في السياسة ولكن في الفكر ذلك غير ممكن،وحسب رؤيتي الخاصة لا يمكن لأي مثقف بالمعنى العام أن يحمي قلمه من الانزلاق الى الاتجاه الذي لا يريده دون أن يحرر نفسه من ضواغط ومحرفات دون أن: 1-يتحرر من سطوة وقيود السياسة،لأن السياسة من منبع الايديولوجيا تدير المثقف وتوجهه وهو لا يستطيع (عندنا على الأقل)أن يتجاهلها لأنها أصبحت عندنا (وبموضوعاتها الكلاسيكية)مخلصة للشعب كتبسيط اوتوماتيكي0 2-العودة الى دوره كراصد للحدث ،من موقع المستقل على الأقل في البداية ،ليحدد الأساسيات ثم يمكنه أن يفقد أستقلاله،من ناحية موقعه من الحدث،أي المطلوب تعميق النظرة التحليلية،لأنه لا يمكن أن يكون المثقف متخبطا في سديمية الرؤية،ولا يمكن أن يكون شخصا متأثرا على طول الخط0 3-لا يلتفت طويلا الى المزاج العام لأنه سينجرف الى الشعبوية أي لا يختلف في تحليله عن تحليل أي شخص عادي يحلل وفق مزاجه ورغباته،وألا يبحث عن ارضاء الناس لأن ذلك سيؤثرعلى موقعه كمثقف يرى ما لا يراه العامة ويصحح لها هناتها، ويعقل عواطفها ويمنطق اندفاعاتها0 4- كل هذا لا يمكن أن يتحقق دون ان يكون المثقف جزء من الحدث،لا يكون فوقيا ومتعاليا لأن هذا يفقده ميزة التأثير في الناس،وهذا التأثير يأتي من الاحتكاك والجرأة في طرح الرأي،لا الانكماش على الذات بانتظار طلب المشورة منه0 فالمثقف ليس نبيا يعظ بل متعاطي فكري مع الناس على علاتهم الفكرية ،وقد لا يستطيع تحقيق رؤيته ولكنه يتحدث للتاريخ،وحينما يأتي الأقوياء الذين على هديه سيكتبون عنه بانصاف لأنه لا يمكن أن يتحدث المختلفون عنا بحسناتنا غير المثقفين الذين يتحدون الذات الأنانية ويقولون الحقيقة عارية وهؤلاء وحدهم أسميهم (المثقفون) فقط دون نعوت0 فرحان خ كلش