حسني كدو : لماذا كوباني

2014-11-07

في الاسبوع الماضي وخلال زيارة أردوغان رئيس تركيا الجديد الى قصر الآليزيه ، ولقاءه مع  الرئيس الفرنسي هولاند ، لم يتحمل اردوغان ما في صدره من حقد على الكورد ، لقد سأل وبلغة معبرة عن حقده الدفين  "لماذا كل هذا الإهتمام بكوباني ؟ لماذا لا يهتم التحالف  بإدلب او حلب أو حماة  او العراق حيث 40 بالمئة من أرضها محتلة من قبل داعش ؟ مضيفا هناك فقط 2000 مقاتل في كوباني ، انه من الصعوبة ان نفهم هذا النهج  من التحالف ؟ لماذا لا تتصرف التحالف هكذا في  مناطق أخرى ؟.
عبارات السيد أردوغان نابعة من صميم وجهة نظر تركية قديمة و مستدامة بعداءها لكل ما هو كوردي ، وهذا يذكرنا بسنين مضت عندما حضر لفيف من النشطاء حول العالم الى تركيا لإحياء مناسبة قطار السلام لموسى عنتر (الكاتب والناشط الكوردي الذي أغتيل في تركيا )حيث كانت نقاط التفتيش تستجوبهم وتسألهم لماذا أنتم هنا ؟ لماذا لا تذهبون إلى فلسطين ؟ لماذا لا تذهبون الى بوسنة او الشيشان ؟ لقد كانت هذه المناظر والنظرات الضمنية لرجال الشرطة التركية توحي بأن الكورد لا يستحقون العطف والدعم  وان أي تعاطف مع الكورد او الوقوف إلى جانبهم تدخل ضمن نظرية المؤامرة لإضعاف تركيا ومردها معاهدة سيفر 1920.
 
الكورد وبناء على مبدأ السيد أردوغان بدورهم سيسألون لماذا فلسطين أو بوسنة أوالصومال أو أماكن أخرى، وليس كوردستان والكورد ؟ االمسألة الكوردية في تركيا والعراق وبشكل خاص في سوريا تبدو انها لم تدخل بعد ضمن إهتمامات الدول الكبرى ، وان هذه الدول لا تحرك ساكنا تجاه اكبر شعب مظلوم وبدون دولة ، لقد صدق القول الكوردي المأثور (لا صديق للكوردي سوى الجبل (.
حتى في المراكز الجامعية و الاكاديمية و منذ زمن ليس ببعيد لم يستطع الكورد ان يكسبوا إلا القليل من الإهتمام ، "ويقول هذا الكاتب انا شخصيا لم اكن أعرف شيئا عن الكورد قبل أحداث حلبجة  1988 المريعة وما ظهر منها على الفضائيات ، عندها  كنت شابا وذهبت إلى تركيا ، و أغلب الذين صادفتهم أنكروا وجود الكورد في تركيا ، بعضهم قالوا هناك بعض الارهابيين ، وبعض أخر قالوا هناك بعض الثوار.ثم يضيف " لقد ذهبت الى مكتبتي الجامعية لأعرف المزيد عن الكورد ولدهشتي لم أجد سوى كتابين بالانكليزية وأخر بالفرنسية حول المسائل السياسية للمسالة الكوردية ،بينما في 1995 بدا الأمر مختلفا و أفضل قليلا و قررت ان اقدم إطروحتي في الدكتوراة عن القضية الكوردية وتعقبت الدراسة عن الكورد  وعندها ادركت لماذا رفوف المكتبة مليئة بالكتب عن العرب والفلسطينين والترك والايرانين وليس الكورد".
ويضيف الكاتب "في عام 1998 تعلمت اللغة التركية بشكل معقول ، وخلال تجوالى بالباص في المدن الكوردية وعلى نقاط التفتيش ،حيث يدقق الجنود في هويات المسافرين ، وعندما شاهدوا جواز سفري الكندي كانوا يقولون بلغتهم  " لابأس طالما هو ليس صحفيا " و عند مغادرتي مدينة ديرسيم الكوردية على نقطة التفيش خارج المدينة ، سأل الضابط بغضب من سمح لهذا الرجل بالدخول الى المنطقة ? أجابه الجندي بخوف وخجل......سيدي يبدو انه دخل الأسبوع الماضي حيث لم تكن مناوبتي !
 
أظن ان هذا أفضل جوابا على سؤال السيد أردوغان لماذا كوباني ?  في الماضي كانت الأحداث الفظيعة تحدت في كوردستان وكأنها أشجارا تسقط في الغابة لايراها ولايسمعها أحد و كأنها لم تحدث ، حملات عسكرية متعددة ، جرائم و مجازر فظيعة حدثت ضد الكورد من دون ان يعلم بها أحد . 
العالم أصبح قرية صغيرة الأن ، وكل هذا بفضل التكنولوجيا الاعلامية  الحديثة ، وجود كوردستان العراق والحكم الذاتي والدراسات الأكاديمية الجديدة حول قضايا  الشعب الكوردي وايصالها إلى الرأي العام العالمي ،الذي أدرك وتعرف على معاناة و مأساة الشعب الكوردي الذي يعد اكبر شعب من دون دولة.....كوردستان لم تعد كما كانت....ما عدا كوردستان ايران لايزال بعيدا عن الأضواء ...جبال كوردستان لم تعد ذاك المكان المظلم الشبيه برواية جوزيف كونرد.
كوباني هي النموذج الأفضل والأمثل ، انها تقع في خاصرة تركيا وعلى مرمى حجر منها ، وأصبحث في قلب العالم إعلاميا وعلى لسان كل رؤساءها قبل شعوبها ، الكل شاهد كيف مجموعات كوردية من الأبطال والبطلات الكورد وبأسلحتهم الخفيفة قاوموا بكل بسالة وشجاعة وصدوا جحافل الغزاة المدججين بالاسلحة والعتاد الثقيل ....كوباني صمدت ودافعت عن أرضها وشرفها بينما نصف الجيش العراق لم يصمد ساعة واحدة ...كوباني صمدت بقوة إرادة شبابها وبناتها بينما الكل الإقليمي كان يمد إدلب وحلب وحمص بالعتاد والسلاح ...كوباني... حاربت وقاومت لوحدها ، والدبابات التركية وجيشها كان يمد الجهاديين واي أخر يحارب الأسد وفي نفس الوقت كان يمنع الطعام والماء والهواء عن كوباني المحاصرة من قبل داعش......
لهذه الاسباب ،العالم يسأل... لماذا ليس كوباني ?وعلى السيد أردوغان وحكومته أن يتعود على التغيير الجديد .
عن الصحافة الانكليزية 
حزني كدو