خالد ديريك : منطقة آمنة في سوريا تركياً.. أسبابها ونتائجها!

2014-10-09

تحوم أصابع الاتهام حول تركيا في دعمها للمنظمات الإرهابية في سوريا وخاصة بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المساحات الشاسعة من سوريا والعراق وتمكنه أخيراً من احتلال أرياف مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية واشتداده الخناق على مدينة كوباني عبر الجبهات الثلاث الجنوبية والشرقية والغربية بسبب تفوقه في العدة والعتاد على مقاتلي الوحدات الكردية، في محاولة لاقتحامها واحتلالها وسط الصمت العالمي.

 المصادفة، أن يتزامن هذا التصعيد من قبل تنظيم داعش مع بدء الحملة الدولية الجوية على مواقعه في سوريا، وتقدم التنظيم نحو مدينة كوباني بالرغم من الغارات الجوية للتحالف الدولي يوحي بعدم فاعلية وجدوى الضربات الجوية تلك في وقفه وإعاقته بشكل مطلوب أو إن الحلف يتعمد عدم ضرب أهداف حيوية وإستراتيجية لداعش لغايات في نفس يعقوب.
 أسباب التغيير في موقف التركي 
بعد أن تمت صفقة سرية بين تركيا وداعش حول مسألة الرهائن، وفي محاولة منها(تركيا)لإبعاد الشبهات عن نفسها وتحقيقاً للمكاسب السياسية والأمنية على المدى القريب والبعيد، أعلنت انضمامها إلى الحلف الدولي وفوض برلمانها الجيش التركي الحق في تنفيذ عمليات عسكرية عبر الحدود السورية والعراقية لمحاربة ما أسماه بالإرهاب.
تركيا لها شروط وأهداف معلنة وغير معلنة. المعلنة تتمثل بالآتي:
ـ إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية الشمالية وبدعم الحظر الجوي الدولي.
ـ إيجاد ملاذ آمن لمئات آلاف من اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب.
ـ تغيير النظام في دمشق في سياق الحملة.
أما غير المعلنة فهي:
ـ ترى تركيا في منطقة آمنة أنها تشكل درعاً وحصناً بينها وبين الجارة الجديدة دولة داعش وضمان عدم انتقال الارهاب إلى عمقها إذ ما انقلب داعش عليها.
ـ الفصل بين الأكراد على طرفي الحدود
ـ القضاء على الإدارات الكردية المؤقتة وضمان عدم انتقال هذا النموذج إلى الأكراد في شمال كردستان داخل تركيا.
ـ القضاء على أية طموح أو رغبة كردية سورية مستقبلية في تشكيل كيان موحد أو منسق مع إقليم كردستان ـ العراق.
ـ منافسة التمدد الإيراني في المنطقة.
ـ توطين اللاجئين في منطقة عازلة للتخلص من عبء الأعداد الهائلة من جهة وتغيير ديموغرافية جغرافية غرب كردستان التي هي ستكون ضمن منطقة آمنة مفترضة.
ـ السيطرة على مصادر الطاقة في منطقة كردية (غرب كردستان)
تريد أميركا انضمام تركيا إلى الائتلاف الدولي لما تمتلكه من الإمكانات وقواعد عسكرية على مقربة من حدود البلدين وبسبب قربها الجغرافي من سوريا والعراق.
وقد تتدخل تركيا في سوريا وتحارب داعش برياً في مراحل مستقبلية بالتعاون مع ما تسمى بالأطراف المعتدلة من الجيش الحر وذلك تحت إمرة الائتلاف الدولي في ظل غياب حليف بري على الارض السورية في نظر الغرب لأن الغرب بجميع دوله ليس بوارد دخول بري إلى العراق وسوريا، لذلك إذ ما رأوا الحاجة للدخول البري في سوريا فإن الجيش التركي سيقوم بالمهمة بحكم وجوده في الائتلاف الدولي وقربه من سوريا.
لكن دخول تركيا إلى مستنقع السوري لن يكون سهلا الخروج منه.
أولاً، تمتلك تركيا حدودا طويلة مع سوريا (أكثر من 800 كم) ولن تستطيع ضبط الحدود في حال أرادت مجموعات مخاصمة لها الانتقام منها في الداخل.
وإذا حاربت تركيا داعش فعلاً وبجدية، وهذا أمر مستبعد في ظل الدعم التركي غير المعلن له، فإن تنظيم داعش سيحرك خلاياه النائمة في تركيا لضرب أهداف حيوية داخل تركيا.
ثانياً، القضاء على الإدارات الكردية وشد الخناق على الأكراد سيلقى مقاومة عبر الحدود من الأكراد على طرفي الحدود وستتوقف عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يعني العودة إلى الحرب.
ثالثاً، سيعتبر النظام السوري هذا التدخل احتلالاً وخاصة أن تركيا تريد من الحملة الدولية الإطاحة بالأسد. قد لا تحدث اصطدامات مباشرة بين الطرفين، لكن النظام سيستعمل الميليشيات العربية التابعة له ضد القوات التركية وسيعتبر ذلك نوعاً من المقاومة.
فهل تركيا مستعدة على فتح أية جبهة من الجبهات الثلاث تلك؟ 
بقلم .خالد ديريك