عماد يوسف : ماذا لو كنت أنثى .. ؟

2014-09-25

تطالعنا كتب الأدب الساخر عن شاب يدعى هبنقة و رغبته أن يتحول إلى أنثى بعد ما كان يراه من اهتمام الأهل و الناس بأخته و سعيهم جميعاً في الظفر بسعادتها و رضاها دون أن يلقي أحدهم اهتماما به أو اعترافا ً بوجوده , فما كان إلا رقما ً يكمل أفراد الأسرة و أداة يخدم متطلباتهم ..
 
و لم أكن أدري أن ما كان يحدث مع هبنقة المسكين ذاك في عصر من عصور الترف الثقافي سيغدو واقعاً في عصر التكنولوجيا يعاني منه مفكرون و كتاب و مهنيون و إعلاميون عظماء عاشوا حياتهم كداً و تعباً و سهروا الليالي في سبيل تقديم أفضل ما تنتجه الثقافة و العلم لشعبهم دون أن يأبه بهم أحد في الوقت الذي يسعى فيه المستثمرون لتشغيل الأنثى و استغلال منظرها لكسب الزبائن سواء في الشركات أو في الإعلام أو في الدعاية لمنتج ..
 
و في متابعة طبيعية للإعلام المرئي و الألكتروني نتبين ما تحظى بها الإعلاميات و صفحات الإناث من دعم في الاعجابات و التعليقات و المشاركات حتى لو كانت منشوراتهن مجرد صور أو كلمات منقولة أو خربشات أدبية و سياسية , حيث يتهافت المتابعون على المنشور تهافت العطشى على الماء و لا شك أن ذاك الدعم الرهيب يأتي لمجرد صفة الأنثى الناشرة و ليس للمنشور , بينما تشهد صفحات الكثير من الكتاب و الإعلاميين تصحراً و جفاء و لا يعبر صفحاتهم إلا بعض المقربين منهم , اللهم ما عدا البعض الذين عرفوا بنقدهم اللاذع و فزلكاتهم الكتابية الموجهة للدواب و الشجر و البشر على حد سواء .. 
 
أذكر أنني ذات مرة على سبيل إثبات نظريتي هذه أنشأت صفحة أنثوية باسم فتاة و صورة فتاة و رميت فيها بعض الكلمات التي لا قيمة لها و لم يمر يوم أو يومان حتى تهاطلت علي سيل الإضافات و الإعجابات و ردود المديح بفكري و ثقافتي فضلا عن الرسائل الخاصة التي عبرت عن امتنانها لوجود فتاة بهذه الثقافة , حتى تمنيت لو كنت أنثى و أنشر في صفحتي كل ما أكتبه من تقارير و مقالات و أدب لعلني أتمكن من التأثير على قناعات الآلاف من الناس التي لا تقرأ صفحتي كرجل و تقرؤها كأنثى ..
 
من هنا يتأتى لنا أن نقول ونحن نضرب بأكف الأسى على واقع بات الأصيل فيه زبداً والغث له مقام وهو في تكاثر وازدياد ومن هنا أيضاً علينا أن ننوه أن هذه الفضاءات باتت تروّج لسقط الكلام وهي تحضن المظهر دون المضمون , والخشية لو تفاقم الأمر وكُثر اللغط وعم السخف .. 
كل ذلك على حساب العقول وهي في كد وتعب وعصر دون أن تنال ربع ما تناله تلك الوجوه التي تلونت بأصبغة جاهلة قميئة لا هم لها غير التبجح بتلك الهالة التي تحيط بها .. ناسية أنها كالذباب تضع على ... نرجو لنا الصلاح والسير على هدي الفلاح والفكر السليم المعافى مما عَلِق به من أدران المظاهر وهي لن تقدم لنا غير الخُسران ! .
 
عماد يوسف 
الخميس 25 / 9 / 2014