ترجمة محمد رشو : خطة من خمس خطوات للقضاء على الدولة الإسلامية

2014-08-23

هزيمة الدولة الإسلامية تحتاج إلى مدى طويل واستراتيجية شاملة. فيمايلي كيفية القيام بذلك.
 
زلماي خليل زاد*
 
ترجمة محمد رشو
 
حيث تتواجد المفاهيم مثل العروبة والإسلام، تعرضت الهويات المحلية في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة إلى التسييس وعسكرة الصراع بين الشيعة والسنة في سوريا والعراق، وقد خلقت هذه الاتجاهات فرصة للدولة الإسلامية التي تحولت إلى تحدّ كبير وصعب ومعقد.
 
أفرز تدخل الولايات المتحدة حتى الآن مكاسب هامة، على الرغم من أن مدينة سنجار التي كانت تحت سيطرة القوات الكردية لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، حيث وصلت المساعدات الإنسانية للسكان الإيزيديين المحاصرين  في جبل سنجار، الأمر الذي رفع المعنويات الكردية، ما ساعد القوات الكردية على استرداد معظم المناطق التي فقدت السيطرة عليها لفترة وجيزة في كوير ومخمور وسد الموصل، في حين منع هذا التدخل الدولة الإسلامية من التقدم نحو العاصمة الكردية أربيل.
 
ومع ذلك فإن هذه الشبكة الإرهابية بعيدة حتى الآن عن الهزيمة، حيث أصبحت الدولة الإسلامية شبه- الدولة الأقوى في العالم والكيان الأكثر تطرفاً بين الشبكات الارهابية الدولية، هذه الشبكة الإرهابية بصدد إقامة دولة تسمى "دولة الخلافة". إجراءات الولايات المتحدة المحدودة المتخذة من غير المرجَّح أن تكون كافية حالياً حتى لاحتواء التهديد من الدولة الإسلامية، هذه الاجراءات التي هدفت إلى منع التنظيم من التوسع إلى مناطق أوسع في جميع أنحاء العراق وسوريا، وبدرجة أقل هزيمة الشبكة والقضاء على معاقلها.
 
يستمد تنظيم الدولة الإسلامية الدعم من مراكز قوى رئيسية مثل القبائل والضباط البعثيين في الجيش العراقي سابقاً، بالاضافة إلى عائدات الاستيلاء على الموارد المالية الهائلة مثل حقول النفط والمعدات العسكرية من القوات العراقية الفارّة، حيث تقدّر عائدات تنظيم الدولة الإسلامية بأكثر من مليون دولار يومياً.
 
 منذ بدء الذربات الجوية الأمريكية، تمكّن التنظيم من الاستيلاء على جلولاء من الكُرد، ويركّز حالياً جهوده على بلدة القائم العراقية على الحدود السورية. ان سقوط القائم يمهّد الطريق للاستيلاء على مدينة حديثة التي تمثّل حلقة وصل حيوية بين وديان دجلة والفرات، ومكان لثاني أكبر سد في العراق، وعاصمة محافظة الرمادي. فقدان حديثة والرمادي من شأنه أن يعني أن كل محافظة الانبار ستصبح تحت سيطرة الدولة الإسلامية، وترك القبائل السنية التي تقاتل التنظيم دون معاقل رئيسية.
 
هزيمة الدولة الإسلامية مهمة، ولكن تحقيق ذلك سوف يستغرق وقتا طويلا ويتطلّب استراتيجية إنسانية وسياسية وعسكرية طويلة الأجل، بما في ذلك معالجة مصادر استياء السنّة التي يستفيد منها تنظيم الدولة الإسلامية، حيث يستفيد من سخط السنة ويعدهم بإعادتهم إلى وضعهم المهيمن تاريخياً، حيث تبنّى التنظيم مفهوم الخلافة كحق للمسلمين في الحكم. في تاريخ الإسلام تميزت عصور الخلافة بهيمنة السنّة، و الدولة الإسلامية تمثّل الأمل في أن تكون الخلافة هي النموذج للحكم السنّي والمنافس لولاية الفقية الشيعية في إيران.
 
هناك استياء كبير بين أهل السنّة في العراق وسوريا حيث وجدوا أنفسهم على الطرف الخاسر من الحكومات التي يهيمن عليها الشيعة، نفّر نوري المالكي السنّة والكًرد على حد سواء، في حين تجاهل بشار الأسد بل ودعم الدولة الإسلامية في عملياتها ضد المعارضة السورية الوطنية، بالنتيجة ملايين من الأشخاص واللاجئين السنّة المشردين داخلياً يعيشون الآن في ظروف بائسة في الأردن ولبنان وتركيا وأماكن أحرى. ونتيجة لذلك فإن معارضة الشيعة والتشيّع هي الدعامة الأيديولوجية الرئيسية للدولة الإسلامية.
 
الدولة الإسلامية هي خلف تنظيم القاعدة في العراق. في المناطق السنّية من العراق قامت القبائل الساخطة وبعض الزعماء المحليين بدعم القاعدة في العراق قبل ان يتحولوا إلى مواجهة القاعدة في عام 2006. بحلول عام 2008 وصلت القاعدة في العراق إلى حالة شبه دمار بسبب ثلاثة عوامل رئيسية: غضب واسع النطاق من سوء معاملة القاعدة للسكان المحليين؛ تواصل الولايات المتحدة مع السنّة من خلال الدعم المالي والأمني والسياسي؛ والتزام الحكومة المركزية العراقية بالاستجابة إلى حد ما لتطلعات المجتمع السنّي.
 
السنة المعتدلين والقوميين فقدوا الأرض لصالح الدولة الإسلامية مع الانسحاب الامريكي الكامل من العراق وتفكك سوريا. وكذلك وبسبب التهاون الأمريكي مع المالكي فقد عمد إلى إضطهاد وإقصاء السنّة. وفي غياب الدعم من المجتمع الدولي في مواجهة عمليات الأسد الوحشية، فإن العرب السنة الساخطين - حتى من غير المتبنّين للأيديولوجية "السلفية الجديدة" والتعصب تجاه المسيحيين والإيزيديين- احتضنوا الدولة الإسلامية كوسيلة لمواجهة القمع الشيعي.
 
إدارة أوباما لم توضح ما إذا كان الهدف من السياسة الأمريكية هو هزيمة أم مجرد احتواء التنظيم. ان الاحتواء ينطوي على جهود إنسانية وسياسية وعسكرية أمريكية أكثر محدودية، ولكنه سيقدم مخاطر مماثلة لتلك التي فرضت على الولايات المتحدة خلال التسعينات عندما اختارت سياسة الاحتواء والدبلوماسية القاسية ضد إتحاد طالبان-تنظيم القاعدة. بالتالي المطلوب الآن استراتيجية أكثر طموحا تمكّن من تجنب مخاطر أكبر على المدى الطويل.
 
هزيمة الدولة الإسلامية تحتاج إلى مدى طويل واستراتيجية شاملة تتكون من الخطوات الخمس التالية:
 
حشد جهود إغاثة إنسانية كبيرة:
 
الكارثة الإنسانية الناجمة عن النزاعات في العراق وسوريا تتطلب استجابة واسعة النطاق، وهذا أمر ضروري من الناحية الاستراتيجية. الدول الصديقة التي تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين مثل الأردن وإقليم كوردستان العراق معرضة لخطر زعزعة الاستقرار. أما بالنسبة للعرب السنة المهجّرين فقد تؤدي ظروف اللاجئين الماديّة السيئة إلى التطرف وتزيد من فرص الدولة الإسلامية لتجنيدهم، بالتالي إذا سمحنا للدولة الإسلامية باستغلال هذه الفرصة فإن التهديد سيتوسع أضعافا مضاعفة.
 
وفوق هذا تسعى الدولة الإسلامية لتثبيت نفسها على أنها شبه-دولة، وتسعى لتوفير المساعدات والخدمات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها، بالتالي يجب على المجتمع الدولي والشركاء المحليين التنافس على قلوب وعقول اللاجئين والمجتمعات المحلية الذين يلتمسون الحماية وعلى استعداد لمواجهة الدولة الإسلامية. هذه المنافسة ستكون متمثلة جزئياً في توفير الإغاثة الإنسانية والخدمات الأساسية. إنها منافسة علينا أن نفوز بها.
 
هذا المجهود ينبغي أيضاً أن يستخدم كأداة لتوسيع ائتلاف البلدان التي تعمل على هزيمة الدولة الإسلامية. ففي الوقت الذي قد تنضم بعض الحكومات إلينا في العمليات العسكرية، فإن حكومات أكثر ستكون على استعداد للمشاركة في الجانب الإنساني. بالتالي على الولايات المتحدة واجب حشد تحالف من المانحين على غرار الجهد الذي تم حشده لدعم حرب الخليج الأولى مادياً، ويمكن أن يمهّد الطريق لجهد كبير من شأنه أن يستمر بعد هزيمة الدولة الإسلامية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية في المنطقة على غرار خطة مارشال في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
 
بلورة تسويات لتوحيد المجوعات المناهضة للدولة الإسلامية في العراق وسوريا:
 
لمّحت إدارة أوباما إلى أنه سيتم تسريع الجهود ضد الدولة الإسلامية بمجرد تشكيل حكومة وحدة وطنية في بغداد. الإدارة محقة في استخدام مواد الدعم بما في ذلك العسكرية للجيش العراقي والقوات السنية المعتدلة بالاضافة إلى الهجمات الجوية ضد الدولة الإسلامية كوسيلة ضغط لتشجيع القادة السياسيين الشيعة لتقاسم السلطة والموارد مع السنة والكُرد. مشاركة السنة في مقاتلة الدولة الإسلامية أمر حيوي، ولكن من غير المرجح أن تحمل القوات السنّية السلاح ضد الدولة الإسلامية دون تقديم تنازلات سياسية كافية لها.
 
حتى في مواجهة تهديد وجودي من الدولة الإسلامية، فإنه سيكون من الصعب على الأحزاب السياسية العراقية الوصول إلى توافق على السلطة وتقاسم الموارد. رئيس الوزراء العراقي المكلّف حيدر العبادي، سليل العائلة البغدادية القديمة والمنفى إلى لندن في عهد صدام حسين قد يكون أكثر انفتاحاً من سلفه المالكي رئيس حزب الدعوة. لكن العبادي يمثل نفس الجزء الأيديولوجي والإسلامي من الطيف السياسي في العراق ويجب أن يكون ممثّل لدائرته الانتخابية ذات الأغلبية الشيعية في الوصول لأي حل وسط يرضي المطالب الكردية والسنّية.
 
هدف كثير من القادة السياسيين السنّة هو اتفاق تفصيلي – ليس مجرد ورقة مبادئ- على وضع حد لقانون اجتثاث البعث، وإطلاق سراح السجناء، ونقل مسؤولية الأمن والمشاركة الفعلية في السلطة، وسيتيح ذلك للمحافظات السنية أن تشكّل مناطق فيدرالية مزوّدة بقوات أمن محلية خاصة بهم.
 
ينبغي على الولايات المتحدة المشاركة فورا مع الزعماء السياسيين السنّة ليس فقط للمساعدة في صياغة التسوية السياسية المطلوبة، ولكن أيضا لجلب القوى السنّية المعتدلة الى ميدان المعركة ضد الدولة الإسلامية وإيجاد طرق لفصل البعثيين والقبائل بعيدا عن تحالفهم مع الدولة الإسلامية، لأنه إذا كان ترتيب لتقاسم السلطة بين السنة والشيعة مستحيل التحقق فإن تفكك العراق سيصبح لا مفر منه. في تلك الحالة فإن علاقة الولايات المتحدة مع القيادة السنّية ستكون ذات أهمية حاسمة في هزيمة الدولة الإسلامية على مناطق نفوذها في غرب العراق.
 
في الوقت نفسه، الكُرد يريدون دولة ذات نظامين- عراق فيدرالي في الجزء العربي من البلاد وكونفدرالية في كردستان- حيث حكومة الإقليم الكردي إحتفظت بالأراضي المكتسبة حديثاً وتسيطر على مجالها الجوي الخاص، بالاضافة إلى شراء الأسلحة وتحكمها بصادرات النفط. إن لم يُعمل لتقاسم السلطة، فإن القيادة الكردية من المرجح أن تدفع بإتجاه الاستقلال والسيادة. وقد صرح الزعيم الكردي مسعود بارزاني أن الجهود الحالية لتشكيل حكومة وحدة وطنية هي الفرصة الأخيرة للعراق. في حال فشل هذه الجهود، فإن ذلك سيخدم مصالح كل من بغداد وأربيل للكُرد من أجل تحقيق الاستقلال من خلال اتفاق مع الحكومة المركزية.
 
حتى لو تم إحراز تقدم في العراق، فإن التهديد سيستمر لغياب التسوية في سوريا. وكما في العراق فإن الصيغة الأكثر عملية لتسوية الأزمة في سوريا هي حكومة وحدة وطنية مع تقاسم السلطة في المركز بين حكومة الأسد والسنة المعتدلين والكُرد والمجموعات الأخرى، وإنتقال السلطة إلى الأقاليم والمحافظات ربما على أساس عرقي وطائفي.
 
الدعم النوعي والقوي للعمليات العسكرية:
 
هزيمة الدولة الإسلامية يتطلب رداً عسكرياً من الولايات المتحدة أكبر وأقوى مما قد أرسلت الولايات المتحدة حتى الآن. وينبغي أن يستند هذا النموذج على الجهود الناجحة لاسقاط حكومة طالبان بعد أحداث سبتمبر، والتي شاركت فيها القوات الخاصة للولايات المتحدة بالاضافة إلى القوة الجوية، و العمل بالاشتراك مع القوات المحلية. ومع ذلك ينبغي لهذا الرد ضد الدولة الإسلامية أن يكون أكثر قوة من الحملة على أفغانستان من حيث المساعدات الأمنية ومتابعة جهود تحقيق الاستقرار.
 
في العراق هذا يعني العمل بشكل متزامن مع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان بالاضافة إلى القوى السنّية الصديقة لتطوير وتنفيذ خطة الحملة ضد الدولة الإسلامية. وينبغي تزويد الكُرد بأسلحة ثقيلة وعتاد وبدعم من القوات الامريكية الخاصة والضربات الجوية لتحرير المناطق التي تسيطر الدولة الإسلامية في الشمال. وأيضاً دعم مماثل يجب ان يذهب الى قوات الأمن العراقية والقبائل السنّية الصديقة لتعزيز تضافر الجهود للسيطرة على غرب العراق. وعند السيطرة على الأراضي فمن الضروري أن يتم تثبيت الحكم والخدمات لتعزيز المكاسب والفوز في المنافسة السياسية ضد الدولة الإسلامية.
 
زيادة دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية الوطنية وتوجيه ضربات عسكرية ضد الدولة الإسلامية في الوقت المناسب في سوريا أمر ضروري للضغط على الدولة الإسلامية في جميع الأراضي التي تسيطر عليها ولتمهيد الطريق لتسوية سياسية على حد سواء. في حين أن إدارة أوباما اقترحت برنامجاً بـ 500 مليون دولار للقوى الوطنية التي تحارب الدولة الإسلامية، والتأخير في تقديم هذه المساعدة سيخدم لصالح الدولة الإسلامية حيث ستستولي على الأراضي التي تحت سيطرة قوى المعارضة المعتدلة. نظرا لبطء تحرك مشروع قانون الدعم في الكونغرس بالتالي قد يستغرق عاماً اخر قبل أن تصبح المساعدات الأميركية ذات تأثير حقيقي على الأرض في سوريا، في هذه الأثناء الدولة الإسلامية يمكن أن تستولي على حلب كبرى مدن سوريا، لذا يجب اسراع هذا البرنامج بصفة طارئة.
 
تدويل جهود مكافحة الدولة الإسلامية:
 
الدولة الإسلامية تشكل تهديدا أمنياً واقتصادياً للمجتمع الدولي. أكثر من ألف مواطن غربي انضموا بالفعل إلى الدولة الإسلامية يمكنهم ببساطة تحويل إهتمامهم نحو بلدانهم. تهديد المتطرفين الإسلاميين لروسيا والصين قد يزداد أيضاً مع توسع الدولة الإسلامية وكسب المزيد من الإسلاميين. ويمكن للدولة الإسلامية تعطيل امدادات الطاقة من العراق، وزيادة أسعار النفط حول العالم.
 
المملكة المتحدة وفرنسا وغيرهما توفر بالفعل المساعدة للكُرد بعد الضربات الأمريكية الأخيرة ضد الدولة الإسلامية. يمكن للولايات المتحدة حشد المزيد من العمل الدولي من خلال الإعلان بشكل واضح بأن هدفها هو دحر الدولة الإسلامية. أن المشاركة على المستوى الرئاسي سيساهم في إظهار تصميم الولايات المتحدة، وسوف يسهّل المفاوضات مع الحلفاء والشركاء على الكيفية التي يمكن أن تدعم استراتيجية الولايات المتحدة. وإن تعيين مبعوث رئاسي يخوّل من قبل البيت الأبيض للإشراف على تنفيذ هذه الاستراتيجية من شأنه أن يسهّل توحيد الجهود والأهداف المشتركة بين الجيش وأجهزة الاستخبارات والسلك الدبلوماسي وتنسيق جهود المساعدات الإنسانية بين الدول المشاركة والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية.
 
ليس فقط سوريا والعراق مهددتان، فالشرق الأوسط ككل مهدد من قبل الدولة الإسلامية. التعاون الإقليمي بدوره يمكن أن يساعد في هزيمة الدولة الإسلامية. يجب على الولايات المتحدة تعزيز التعاون مع ايران وتركيا والسعودية لتنسيق استراتيجية لمواجهة التحدي وتحقيق الاستقرار في العراق وسوريا. إنشاء فريق اتصال يوفر وسيلة يمكن أن تكون مفيدة للتواصل بين الأطراف الإقليمية، الأمر الذي سيساعد في تخفيف الاستقطاب الطائفي الذي يؤجج من قبل الدولة الإسلامية. هزيمة الدولة الإسلامية سيكون صعبا في حال غياب التعاون الإقليمي.
 
سيحتاج العبادي إلى دعم من الولايات المتحدة وإيران وتركيا والدول العربية الكبرى في أقل من ثلاثين يوماً المتوفرة لديه لتشكيل حكومة جديدة من أجل التفاوض على صيغة لتقاسم السلطة. الاتفاق على المصالحة وتقاسم السلطة في العراق وسوريا يمكن أن ييسر المزيد من التعاون بين اللاعبين الإقليميين في تقاسم التكاليف الاقتصادية والعسكرية للتعامل مع تهديد الدولة الإسلامية.
 
تحضير الشعب الأميركي لمهمة مكلفة وطويلة الأجل:
 
دون جهد متواصل من جانب إدارة أوباما وقادة الكونغرس لشرح المخاطر في الشرق الأوسط وإعداد الشعب الأمريكي للمجهود طويل الأجل، يمكن للحروب في العراق وسوريا أن تصبح مسألة حزبية في الانتخابات الرئاسية 2016 عندما سيكون الوقت متزامن تماماً مع حاجة توسيع الوجود الأمريكي بما يتناسب مع تطورات الوضع على الأرض. ويتعين على الرئيس الوصول إلى قادة الكونغرس والشعب الأميركي وشرح طبيعة تحدّي الدولة الإسلامية، وكيف أنها تهدد المصالح الحيوية الأمريكية، ولماذا يجب على الولايات المتحدة التصدي لها. وبما أن أغلب الشعب الأمريكي حريص على تقليص "الحرب على الإرهاب"، بالتالي لن تكون محادثة سهلة. في الواقع وحتى التصعيد الطفيف في التدخل الأمريكي سيكون صعب في ظل المناخ السياسي الحالي الذي أنهكته الحرب.
 
الدرس المستفاد من صعود الدولة الإسلامية هو أن الإنخراط المستدام للولايات المتحدة في الشرق الأوسط أمر ضروري للاستقرار والتقدم. وقد يرغب الكثيرون أن يديروا ظهورهم للمنطقة، ولكن ثبت أن تكاليف التغاضي بالفعل أعلى من تلك المترتّبة عن استراتيجية الإنخراط الذكية. هذا الدرس يعني أننا يجب أن نبقي القوات المتبقية في أفغانستان إلى ما بعد 2016 و إن تشكيل المنطقة بطرق ايجابية سوف يتطلب الوجود والإدارة الفعالة للشراكات في مختلف أنحاء المنطقة.
 
فيما يخص العراق وسوريا، وضع استراتيجية طويلة الأجل لهزيمة الدولة الإسلامية هي أفضل من الاحتواء أو البدائل الأخرى. وعلى غرار النهج الذي إتخذته الولايات المتحدة في عام 2001 خلال المرحلة الأولى من الحرب على أفغانستان، حملة عسكرية تعتمد أساسا على القوات الخاصة والضربات الجوية يمكن أن تخلق مساحة لبذل جهود إنسانية كبرى في العراق، وظروف مواتية لثورات داخلية ضد الدولة الإسلامية، وزيادة الدعم للوطنيين السوريين وتكثيف الجهود لتجفيف أغلب مصادر التمويل المحلية للدولة الإسلامية.
 
تحقيق تقدم ملموس الآن قد يحول دون الحاجة لنشر قوات قتالية على الأرض، وسيساعد الولايات المتحدة على تدويل المهمة وتعزيز تقاسم الأعباء على المدى الطويل.
 
.......................................................................................
 
* زلماي خليل زاد، مستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية 2007 حتى 2009، شغل منصب ممثل الولايات المتحدة الدائم لدى الامم المتحدة، كما شغل سابقاً منصب سفير الولايات المتحدة في العراق، فضلا شغله عن السفير الأميركي لدى أفغانستان والمبعوث الرئاسي الخاص إلى أفغانستا، وعضو المجلس الاستشاري للمصلحة الوطنية.