حسن حاجي عثمان أوسو : هكذا يَكتبْ التاريخ عن سيرة قادة العظام

15-8-2014
 
لما استولى صلاح الدين على بيت المقدس وقع في يده كثير من الأسرى ، فوفد عليه رهط من النساء وناشدوه أن يفك سراح أزواجهن وأولادهن ، وقالوا له إنهن إذا رحلن عن هذه البلاد فقدن أزواجهن ،
ولو ردهم إليهن لأزال بؤسهن وعشن سعيدات بفيض كرمه وواسع رحمته ، فتأثر صلاح بتوسلاتهن وأمر برد الأسرى إلى أقاربهم ، ووزع الصدقات على اليتامى والأرامل ، وعمل على إسعاف الجرحى ومعالجة المرضى بحجاج المسيحيين ، وكان سباقاً لعمل الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.
 
وفي رواية آخرى في كتاب (محمداً ولم أخسر المسيح) والكلام لأسقف عكا  جاك دوفيتري إذ يقول:
 
(كان لا يُرى منهم في أرض الميعاد غير الزنادقة والملحدين واللصوص والخائنين ولصفحة التاريخ يقول الأسقف:
 
(أمر السلطان الكوردي صلاح الدين الأيوبي رجالاً ينادون في الصليبيين ، أن كل عاجز عن دفع الفداء له أن يخرج ، فهو حر لوجه الله تعالى  وكان موقف صلاح الدين معاكساً للمذابح التي ارتكبها النصارى فأطلق الأسرى وقدم الهبات للأرامل واليتامى).
 
وهذه الأبيات له:
 
مَلكنا فكان العفو منّا سجيةً ... فلما ملكتم سال بالدمِ أبطُحُ
 
وحلّلْتمُ قتل الأسارى ، وطالما ... غدونا على الأسرى نَمُنُّ ونصفحُ
 
وما عجبٌ هذا التفاوتُ بيننا ... فكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ يَنضحُ
 
وكانت إصلاحات صلاح الدين في بيت المقدس إرساله البشائر والوفود إلى أنحاء العالم الإسلامي، واختلاف صلاح الدين مع الخليفة العباسي، وحضور العلماء في فتوحات القدس وغيرها ودوّنت بعض القصائد في مدح صلاح الدين وفتح البيت المقدس كقول أبو علي الحسن بن علي الجويني في فتح القدس:
جُنْدُ السماء لهذا الملك أعوان ... من شك فيهم فهذا الفتح برهان
متى رأى الناس ما نحكيه في زمن ... وقد مضت قبل أزمان وأزمان
هذي الفتوح فتوح الأنبياء وما ... لها سوى الشُكرِ بالأفعال أثمان
أضحت ملوك الفرنج الصَّيد في يده ... صيداً وما ضعفوا يوماً وما هانُوا
إلى أن قال:
وقول أسامة بن منقذ في مدح صلاح الدين:
والناصر الملك المتّوج ناصري ... وعلاه قد خطت كتاب أماني
قد كنت أرهب صرف دهري قبله ... فأعاد صرف الدهر من أعوان                                                   أنا جاره ويدُ الخطوبِ قصيرة ... عن أن تنال مجاورَ السلطان
 
 
إلى أن قال:
فلأهدينَّ إلى علاه مدائحاً ... تبقى على الأحقاب والأزمان
مدحاً أفوق به زهيراً مثلما ... فاق المليك الناصر ابن سنان
يا ناصر الإسلام حين تخاذلت ... عنه الملوك ومظهر الإيمان
بك قد أعزّ الله حزب جنوده ... وأذل حزب الكفر والطغيان
لما رأيت الناس قد أغواهم ... الشيطان بالإلحاد والعصيان
جرّدت سيفك في العداء لا رغبة ... في الملك، بل في طاعة الرحمن
فضربتهم ضرب الغرائب واضعاً ... بالسيف ما دفعوا من الصلبان
وغضبت لله الذي أعطاك ... فصل الحكم غضبة ثائر حّران
 
فلنقارن اليوم وفي هذا الزمان ، قد انحط فيه كرامة الناس وعامة المؤمنين وباسم الدين الذي عرف به السمح والمحبة والوأم بين الشعوب والأديان.
 
  
 
  
 
هذا هو التاريخ فلنتحاكم إليه ، وإذا لم يكن التاريخ كافياً فلننتظر المستقبل.