عماد يوسف : عيدنا المفرغ من بهجته ..

2014-07-30

قضى الناس في قريتنا عيدهم بالبحث عن شبكة الهواتف المحمولة العائدة لدول الجوار الكردستانية منها و التركية , أملاً بالظفر ببعض التغطية لمعايدة أبنائهم المغتربين في مخيمات الألم و القسوة ..
 
تراهم يصعدون أسطح المنازل و التلال القريبة و أياديهم ترفع إلى العلالي ليس تضرعاً إلى الله بل بحثاً عن الشبكة و صيحات " ألووووووو ألووووووو " تعلو الآفاق و في جعبتهم الكثير من الآلام يبثونها عبر الأثير بين دموع الأمهات و شهق الأبناء و لا يوحد خفقات قلوبهم إلا الأمل بغدٍ قريب يجمعهم من شتات الأرض و بؤس الحياة التي رمت بكل فرد منهم في مخيم ..
 
و أصبحت في ظل هذه الظروف أشهر معلم من معالم المنطقة حجر شامخ في الطريق الواصل بين قرى منطقة آليان و بلدتي كركي لكي و الرميلان يسميه الناس ب " حجر الدولار " نسبة إلى الدولارات التي يرسلها الأبناء المغتربون إلى أهلهم في الوطن , كونه المكان الوحيد الذي يغطي شبكة كورك الكردستانية , فأصبح مزاراً يومياً للكثير من الناس للاتصال منه بأقاربهم النازحين في إقليم كردستان .
 
ما أن تنتهي خطبة العيد في بلادنا حتى نهرول شيباً و شباباً إلى المقابر لنخبر أهلها عمّا أصابنا من كوارث و نجد في راحتهم بعض السلوى و الأنس و نحمل في ذاكرتنا المثقوبة بعضاً من أيامهم و كثيراً من همومنا و آلامنا التي ورثناها منهم , ثم ندور حسب عاداتنا و تقاليدنا بالمنازل التي فقدت روحاً ذكية من ابنائها , شهيداً كان أم موتاً طبيعياً , لنعوض فقدانهم بغيابه ببعض من السلوى , في الوقت الذي مات في كل منا – نحن الأحياء - روحه دون أن يشعر أحد بمواساتنا , ليمضي العيد بنا و نحن نبحث عن الألم ..
 
عماد يوسف 
2 شوال – 29 / 7 / 2014