أحمد العربي : قراءة في رواية. السلطان سليم خان الاول..

الكاتب .اوقاي ترياقي اوغلو..
.الترجمه للعربيه. مصطفى حمزة.
نشر الدار العربيه للعلوم و ثقافه..
ط 1.ورقيه 2013..
 
الروايه تركيه والكاتب ايضا.. وتجربتنا مع الرواية التركيه حديثه نسبيا . مررنا على جواد فهمي باشكوت وعزيز نيسن .والاهم اورهان باموق صاحب جائزة نوبل واطلعنا على اغلب اعماله... منها المعاصر ومنها التاريخي..
.الرواية بين يدينا هي اقرب للعمل التاريخي . فهي ترصد حياة السلطان سليم الاول .منذ طفولته حتى وفاته متحدثة عن عصر كامل .. سليم الاخ لاربعة اخوة ذكور عند السلطان بايزيد .ابن السلطان محمد الفاتح ..فاتح القسطنطينيه التي اصبحت استنبول وعاصمة ملك آل عثمان.. سليم ومنذ طفولته تميز بحس القياده والتفكير العميق وتأهله ليكون له مستقبل في في حكم آل عثمان.. اهتم به جده الفاتح واعطاة من خبرته السياسيه والعسكريه والاستراتيجية ايضا.. كبر وترعرع في عز السلطة والبحث عن الدور .. وعندما كبر واخوته كانت المنافسة لوراثة الحكم بعد والده بايزيد كبيرة وخاصة انه الثالث بالعمر . والاولوية كانت لاخيه الاكبر احمد وكان الاقرب للوالد .. لم يكن سليم الذي وضعه والده واخوته كل في امارة ولايه. لم يكن يرضى بأن يأخذ السلطنه غيرة بعد ابيه.. بدأ بالتشاور مع صحبته في امارته . كنعان صديق الطفولة وذو الاصل الايطالي وآخرين .وعملوا ليمنعوا السلطنه ان تكون لاخاه احمد .وهو يعتبر انه الاولى والاكفأ .. ويعتقد ان مستقبل السلطنه يتطلبه.. ليصنع قوة قادرة على مواجهة انشقاق اسماعيل الصفوي .والتحاقه بالمذهب الشيعي وشق صف المسلمين وسيطرته على فارس .وكذلك امتداد الدوله المملوكيه حتى تخوم الاناضول. عدى عن اوربا التي ما فتئت تتمدد وتبحث عن مصالحها واستمرار تجارتها في البر لطريق الحرير. والبحر لتأمين مصالحم المستمره . والعمل الدائم لخلق فتن وصراعات تستفيد منها لاستمرار مصالحهم وهيمنتهم.. ادرك سليم انه لن يستطيع ان يصل للسلطنة الا بصناعة مجد شخصي له وبالحيلة وفرض نفسه على والده السلطان .فبدأ حملات عسكريه توسع بها في امارته شرق الاناضول بمحاذات ممالك التتار والقبائل المجاورة .واستطاع ان يصنع لنفسه شعبية في اجواء الجيش وفي اركان الحكم.واعتمد على خلق تمردات وفتن وقتل بعض انصار اخية احمد المحيطين بالسلطان .ومنعه عمليا من الوصول لاستنبول ليحصل على ولاية العرش .واستمر في محاصرة والده .حتى فرض عليه ان يكون هو السلطان وانسحب والده الى ولاية نائية وسرعان ما مات .وهناك من اتهمه بقتل والده بالسم حتى يصفى الامر له. وسرعان ما لاحق اخوته واولادهم وكان مصيرهم جميعا القتل . فقد كانت رؤيته تنصب على ان الحكم لا يستقيم الا له واي منافس ولو بعد حين يجب ان يستأصل .وهكذا صار انه السلطان الذي تلوث بدم اغلب اهله .. ولكنه مع ذلك كان كثير الاطلاع. مهووس بالسلطنه وتوسعها وامتدادها.بعيد عن المظهرة والبرهجة وملذات الدنيا وخاصة النساء.. انصب اهتمامه على التوسع وكان يرى ان اسوأ عدو له وللسلطنه هو السلطان اسماعيل الصفوي . وتحرك لمواجهته في تبريز ووصل اليه وهزمة وتوسعت دولته هناك .وعاد وتوجه جنوبا ليتوسع في ممالك عينتاب وحلب بعدها والتقى مع جيش المماليك بقيادة سلطانها غوري في مرج دابق شمال حماه .وكانت الغلبة للسلطان سليم .وفتحت في وجهه كل بلاد الشام .وتوجه لدمشق واستسلمت له والقدس ايضا .وعندما سقط السلطان الغوري وكان معه الخليفة العباسي الاخير المتوكل الثالث .الذي تخلى عن الخلافة واعلن سليم الاول نفسه او خليفه عثماني على المسلمين. وهو اول من اسمى نفسه خادم الحرمين الشريفين . وتوجه بعد ذلك صوب مصر ليجتث المماليك وواجه سلطانهم الجديد طوماي باي.. وهزمه وفتحت له ابواب مصر .. واستقر بها قليلا ثم عاد الى الاستانه استنبول .. ليعيش مجده وليفكر مجددا بكيفية وضع حد للاوربيين . كان يؤمن ان من يسيطر على البحار فقد سيطر على العالم .وأسس لاسطول بحري كبير سيكون يده الباطشه في البحار. وسيكون تحت اعين الغرب الاوربي المتمثل بالبابا وحاشيته .بصفته قائد فعلي للعالم المسيحي الذي ينظر للعالم كله كغنيمة يجب تحصيلها.. وكان السلطان سليم قد استقبل المنشق عن الكنيسة ماتن لوثر .الذي سيصبح صاحب مذهب ديني جديد (البروستانتي).وسيكون نواة شق الكنيسة وتعدد مصادر شرعيتها. تعاطف معه سليم من خلفية انه يشق صفوف الاعداء ويخلق صراعا بينهم .ويحرك النزعة الالمانية وراء مارتن لوثر لمواجهة البابا ووراءه روما وايطاليا وغيرها من المقاطعات الاوربيه.. استطاع سليم ان يحيد اسماعيل الصفوي وبلزمه حيث هو وتوسع بسلطنته التي اصبحت خلافه ثلاثة اضعاف عما ورثها عن والده. واصبح العثمانيون القوة الاولى في العالم.. طبعا هذا لا يغطي على دمويته في مواجهة كل مختلف معه حتى اقرب الناس اليه.فها هو يقتل اعز اصدقائه اليه تباعا لاعتقاده انهم يختلفون مع خطته او انهم خرجوا عن ارادته .مهمد وكنعان واغلب وزراء المفضلين .سقى بدمائهم طريق صعوده .. والذين سيبكيهم وسيفتقدهم باشعاره.. ولكنه ينتصر اخيرا لهوس السلطة والتوسع والاستمرار..
.لم تطل حياة سليم الاول ليتمتع بامجاده .فقد كان القدر حاضرا له.. فبعد عودته لاستبول ليفكر بحركة توسع جديده اتجاه اوربا هذه المرة .سرعان ما عاجله المرض واصيب بالجمرة الخبيثة التي لم يكن لها علاج .واكلته عبر دمل في ظهرة استمر بالتقيح حتى فارق الحياة في عدة اشهر.. واستلم الخلافة ابنه سليمان بعده..عاش ما يزيد عن الخمسين سنة بقليل. توفي في 926 هجريه الموافق 1522 ميلاديه.. وهنا انتهت الرواية..
.عن الرواية نقول .. ما زال العالم يقف عند نفس الآليات لممارسة السلطة والتوسع واحتلال البلدان وامتصاص خيرات الاخرين.. ما زال هوس السلطة يعمي. ويقضي لاجلها صاحب السلطان على الاقرب وعلى عموم الناس .وواقعنا في سوريا والعراق وبلاد العرب يؤكد ذلك للان.؟!!. وما زلنا ضمن لعبة المصالح الدولية وبدمائنا .وما زال اصحاب المصالح والسلطات لا يراعون حرمة لانسان او حقوق او صالح عام.. 
.ولم يغفر التاريخ لسليم وغيره انه ضحى بالاخلاق وحرمة دم المسلمين واستباحة بلادهم تحت دعوى توسع بلاد الاسلام ودولتهم.. ما نفع دولة واسعة تقتل ناسها وتحولهم لعبيد وتستعملهم في محرقة سلطتها لمصالح عصبة ضيقه ضد وجود الناس وحقوقهم بالعيش في حرية وكرامة وعدالة ودولة ديمقراطيه..
.ما اقرب الامس باليوم...
 
..احمد العربي...
5.7.2014...