خالد ديريك : العراق على شفير الهاوية وكردستان على حافة الاستقلال

2014-06-28

دخل العراق بين ليلة وضحاها إلى منزلق أمني خطير
عندما سقطت مدينة الموصل والتي تعتبر ثاني أكبر المدن العراقية وأجزاء من محافظات الشمالية والغربية الأخرى بيد الدولة الإسلامية في العراق والشام"داعش" واستمرار زحفها نحو حدود الأردنية والسعودية وسيطرتها على المعبر الوحيد  بين الاردن والعراق(معبر الكرامة ـ طريبيل) وشمالاً التماسها مع حدود إقليم كردستان
تعتبر سقوط المدن العراقية واحدة تلو أخرى بهذه الوتيرة أشبه بليلة سقوط بغداد في عام 2003 عندما انهار واختفى جيش النظام العراقي السابق "صدام حسين" أمام القوات الأميركية وحلفائها بدون أية مقاومة
الأزمة العراقية الحالية ليست وليدة اللحظة وإنما هي نتائج تراكمات ونزاعات طائفية وسياسية منذ عام 2003 وعدم مقدرة العراقيين في الانسجام مع الواقع الجديد منذ ذلك التاريخ واستمرار بقايا نظام البعث العراقي في البحث عن ثغرات لتقويض العملية السياسية ورجوع بالعراق إلى مجدها الغابر مزعوم
ومن جهة ثانية،لم يستطع النظام المالكي الخروج من العباءة الطائفية والابتعاد عن روح الثأر والانتقام فهو لم يكن منصفاً وعادلاً مع معارضيه ومخالفيه وقد انتهج سياسة الإقصاء والتهميش الطائفي والمذهبي والعرقي مما أدى إلى امتعاض وتنافر المكونين السنة والكُرد من سياساته الهوجاء وشكلت حالة من أزمة عدم الثقة بين الأطراف العراقية المختلفة
وقد ازدادت التفسيرات والتحليلات حول الوضع العراقي الجديد،برغم التعدد في هذه القراءات والتنبؤات،المؤكد،إن حرباً طائفية طويلة وواسعة تنتظر هذا البلد والمنطقة بأسرها ما لم تتوصل الأطراف السياسية العراقية المختلفة إلى حل سياسي تعيد نوع من الثقة بين تيارات متصارعة وتضمن حقوق الجميع في المشاركة والممارسة في إدارة الحكم وهذا أمر مستبعد في ظل شحن طائفي  حالي 
فسياسة الإقصاء التي مارسته السيد المالكي منذ استلامه الحكم باتجاه مكونات أخرى ومحاولاته في إبراز نفسه حاكماً مطلقاً للعراق من خلال حصر الصلاحيات السياسية والعسكرية بيده أفرزت نتائج وخيمة وأوصلت بالعراق إلى هذا المنحى الخطير
من جانب آخر،استغلت دولة الإسلامية في العراق والشام"داعش" وجماعة "الطريقة النقشبندية"بقيادة نائب الرئيس العراقي السابق عزة الدوري وجماعات إسلامية أخرى هذا التهميش والإقصاء من خلال إيجاد حاضنة شعبية لهم في مدن سنية عراقية إضافة إلى تبعات وتداعيات الأزمة السورية وهذا أهم الأسباب البدء بالهجوم الكاسح 
وتبقى هذه الأزمة أكثر خطورة  منذ عام 2003 والحل يبدأ بالتسوية السلمية السياسية وإعادة الاعتبار إلى طبقات مهمشة في حرية اتخاذ القرار في تقرير المصير وعندها سيكون الحل الأمني الأكثر سهولة
وأفضل حلول في خضم مستجدات الراهنة هو إنشاء إقليم السني وهو بالطبع ليس الحل النهائي للأزمة لكن سيذيب الكثير من الخلافات  والإشكالات والقلاقل لأنه من صعب العودة إلى ما قبل 9 يونيو 2014 وتجربة ما بعد سقوط النظام صدام حسين وحتى الآن حافل بالنزاعات والمشاكل والنعرات وأثبتت بأن العراق الموحد بيد المركز لن يشهد الاستقرار.
وأثناء إخلاء الجيش العراقي مواقعه من المناطق المتنازعة عليها بين بغداد وإربيل وتركها لقمة سائغة للدولة الإسلامية في العراق والشام(داعش)للاستيلاء والسيطرة عليها،استبقتها قوات البشمركة الكُردية ودخلت إلى تلك المناطق لسد الفراغ الأمني ومنع عناصر تلك الجماعة من التقدم نحو المناطق المتنازعة وخاصة مدينة كركوك الغنية بالنفط
والكُرد يسيطرون الآن على معظم الاراضي المتنازعة المشمولة بمادة 140 من الدستور العراقي وهم يرون عليهم اغتنام الفرصة وعدم التسبب في ضياعها كسابقاتها 
وكردستان على حافة الاستقلال ومن صعب العودة إلى وراء 
وهم ماضون نحو الاستقلال الفعلي بعد ما حققوا الاستقلال في مجالات أخرى عملياً 
   وأيام قادمة ستكون حبلى بالمفاجئات.
بقلم خالد ديريك