كريمة رشكو : نهاية الفيلم الهندي

2014-06-05

وكأنّ ماحدث حلمٌ ، كابوسٌ ، لا أزال أخشى تقبّل الواقعِ والحقيقة ... ثلاثةُ أعوامٍ ولا أزالُ أنكرُ بكلِّ ما أُوتيتُ من قوة حقيقةَ رحيلكَ يا مشعل . كانتِ الشّمسُ على وشكِ الغروبِ ، و أنا على وشك إنهاء عملي ، رنّ هاتفُ العملِ ( كيفَ ماتَ مشعل ؟ ) جائني الصوتُ حزيناً دونَ إلقاءِ التّحيّة ... للحظات استسلمتُ للضّعفِ ... كلا ، كلا ... لاتقلقي شاوان ... ليسَ هناك ماتقولينه ، أنهتِ المكالمةَ بهدوءٍ ، وكأنّها أدركتْ صدمتي ... رنّ الهاتفُ مرةً أخرى ... حقيقةً ، أخشى الرّدَّ ... كسرتُ حاجزَ الخوفِ ...مرةً أخرى شاوان ، ولكنّها هذه المرة لاتتكلم ، ترفعُ صوتَ التلفازِ : " خبرٌ عاجل ...اغتيالُ المعارضِ الكُردي مشعل تمّو في القامشلي " . أضحكُ ... كم تكذبُ هذهِ القنواتُ ؟ ... النظامُ يروّجُ هكذا أخبار . أقطعُ الاتّصال .. أخرجُ للشّارع .. لا صوتَ في الشّوارعِ سوى صوتُ الرّياح . تتّصلُ نارين متيني : نحنُ في مشفى فرمان ... تهيّأ لي للحظات أنّها تخبرُني بأنّ مشعلٌ بخير . يا إلهي !! الجميع هنا ، الجميع يبكي !! .. لماذا أنا لا أبكي ؟ يحضنُني عبدالرزاق تمّو ... يبكي ... هدِّءْ من روعِكَ يارجل ، مشعل بخير ، أينَ هو الآن ... أحاولُ قدرَ الإمكانِ سماعَ خبرٍ مفاده أنّه على قيدِ الحياة ... " مشعل مات " تقولها هرڤين بصوتٍ هادىء أقرب إلى الهمس . حاولتُ الهبوطَ إلى الطابق السّفلي .. حيثُ أنتَ ، حيثُ الثماني عشرةَ طلقةً ، حيثُ الدّمُ ، حيثُ ابتسامتُك ، كنتُ هناكَ ، قريبةً جداً منكَ ، بضعةُ خطواتٍ تفصلني عنك ... بابُ الغرفةِ التي تحضنُ جسدكَ المسجّى مغلقٌ ، خشيتُ طرقَ البابِ ، خشيتُ أن يزعجك صوت الطرقِ .. ترددتُ كثيراً ، كثيراً ترددتُ ، واجمةً أمام هذا الباب الأصمّ .. يالثقله ! كأنّ هذا الخشبَ تحوّل للحظةٍ لجبلٍ شاهق . ماتَ مشعل .. تبّاً لهرائكم ، هوَ نائمٌ فحسب ...إصابتهُ خطيرةٌ ، لكنّه لن يموت ، لا لا ، لاتخافوا ... تحضنُني كلبهار : مات . شڤين و هيڤين لم تدعاني أكمل : مات والدنا .. مات . أي جنون أصابكم ... لم يمت .هو بخير ...تمسك شڤين بيدي ...مات والدي ...أخذوه للأبد . همهماتٌ خائفةٌ تصدر ممن كان خارج المشفى : هو ضحيةُ خلافاتٍ كُرديّة . يقول آخر : لا ، تخلّصَ منهُ النظامُ ، فقد كانَ متوقعاً أن يستلمَ رئاسةَ سوريّة المستقبل ، حقاً رحيلهُ خسارةٌ للقضيّة الكُرديّة وللشعب السوري. أيّةُ خسارةٍ ، وأيُّ رحيلٍ .... تصرخُ هرڤين بصوتٍ مبحوح : أيُّها الكُرديّ .. اقتلْ أخاكَ الكُردي ، وخذ لاشيء . للحظات أدركتُ غيابَ مارسيل وزاهدة ... رجالُ الأمنِ ملؤوا أروقةَ المشفى ... كلّ شيءٍ يكتنفهُ الغموضُ بالنسبة لي ... صوتُ زاهدة لايزالُ صداهُ يترددُ في جنبات ذاكرتي : فقيروووو كُردو . إذاً ، كلنا هنا ... للحظة ...هدوءٌ تامٌ ، خيّمَ على الجميع صمت غريب ... حانَ وقتُ صلاةِ الفجرِ ... الله أكبر الله أكبر ... يالله ... صرخَ الجميعُ ، بكتِ النسوةُ ... وبكى الرجال . هل حانَ موعدُ الرحيلِ ؟ غداً نلبسُ السواد ... هكذا أخبرني أحدهم . يالله ... ! تصرخ هرفين مرةً أخرى : أيُّها الكُرديُّ اقتلْ أخاكَ الكُردي وخذْ لاشيء . أخرجوا مشعلاً من تلكَ الغرفةِ التي خشيتُ دخولها ، يالضعفي ..! لو بإمكاني أن أخبرَ الله كم كانَ قاسياً ، ألم تخطأ يالله ؟؟ آهٍ يامشعل ، تيتّمت القضيةُ ، اُغتصِبَتِ القضيةُ ... مشينا ... الجميعُ هنا يامشعل ، شياطينُ الليلِ في بطونهم صغار الأفاعي ، دموعُ التماسيح ... اِنتصروا يامشعل ، واغتصبوا القضية ... و بدأتْ أغنيةُ سكابا ، يادموع العين سكااااااااااااااااااااب
وانتهى الفيلم الهندي