الآثار الاقتصادية للعمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا على اقتصاد كُردستان سوريا

2014-05-25

جوان حمو
 
           عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
 
تعرّف العمالة الكُرديّة في كُردستان سوريا بأنَّها تلك الفئة الفتية
التي تتراوح أعمارها بين (18- 35) سنة والتي تعمل في قطاع الخدمات
والتجارة بغية تحقيق وارد اقتصادي يكفيهم لاستكمال متطلبات الحياة
المستقبلية.
فمع بدء واستمرار الثورة السورية منذ بداية عام 2011 والعمالة الكُرديّة
تتجه إلى الخارج وبخاصة إلى تركيا مستفيدة من ظروف الاستقرار الاقتصادي
فيها، ومستفيدةً من قيمة فرق العملة بين الدولتين (سوريا التي تشهد
انكماشاً اقتصادياً، وتركيا التي تشهد انتعاشاً اقتصادياً).
وقد تركزت هذه الهجرة إلى المدن التركية القريبة من الحدود بخاصة
(نصيبين، وماردين، واضنة، وعنتاب ...الخ). ومعظم هذه العمالة الوافدة
تعمل في مجال البناء، والخدمات الفندقية (المقاهي والفنادق)، وفي قطف
الثمار والفواكه بالمزارع التركية، وورش الخياطة والتطريز، والشركات
الأخرى. ويقدر نسبة هؤلاء العاملين الوافدين من كُردستان سوريا إلى تركيا
بحدود 90000 عامل.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ هناك آثار اقتصادية مترتبة على وجود تلك العمالة
في الخارج على اقتصاد كُردستان سوريا (آثار ايجابية، وآثار سلبية). إذ
يتمثل أكبر أثر إيجابي لذلك على اقتصاد كُردستان سوريا بأنَّ تحويلات
هؤلاء العاملين إلى كُردستان سوريا تساهم بشكل نسبي في تحسين الأداء
الاقتصادي لكُردستان سوريا وتساهم في رفدها بالقطع الأجنبي.
 
لكن الآثار السلبية لذلك أكثر من الآثار الايجابية نذكر منها:
1- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا تعمل في ظروف ليس لها صفة
الديمومة، أي أنَّها تعمل في ظروف غير ثابتة.
2- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا تتقاضى أجر أقل بكثير من العمالة
التركية، إذ يقدر نسبة الإيراد الذي يحصل عليه العامل الكُردي الوافد إلى
تركيا بأقل من الإيراد الذي يحصل عليه العامل التركي بنسبة 40% وهذا يعني
باللغة الاقتصادية (تآكل القدرة الأجرية للعامل الموفد).
3- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا تساهم في التطوير العمراني
بتركيا على حساب التطوير العمراني بكُردستان سوريا.
4- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا ستصاب في المستقبل بتراجع
المقدرة الإنتاجية نتيجة العمل المستمر، وهذا يعني باللغة الاقتصادية
(تآكل المقدرة الإنتاجية للعامل الموفد).
5- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا ستتأثر بالأجواء السياسية
والاجتماعية في تركيا أي أنَّه سيحدث تبدل في منظوماتهم الفكرية
والمعرفية والاجتماعية.
6- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا تهيأ جو الاستثمار الخاص في
تركيا على حساب كُردستان سوريا.
7- العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا تساهم في تخفيف عبء الإنفاق
الاستثماري الخاص في تركيا نتيجة تدني الأجور التي يحصل عليها العمالة
الكُرديّة، وبالمقابل تزيد من الإنفاق الاستهلاكي في كُردستان سوريا عبر
تحويلاتهم المالية التي تصرف فيها، وذلك كما يوضحه الشكل التالي:
 
 
وبذلك نرى أنَّه يترتب على وجود العمالة الكُرديّة الوافدة إلى تركيا
آثار اقتصادية سلبية أكثر مما هي إيجابية وبالتالي هذا يشكل أحد المشكلات
الاقتصادية التي يجب أن تعالج في داخل كُردستان سوريا.
أنَّ أهم الأسباب العامة التي تحبط أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية
في كُردستان سوريا يكمن في المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا عموماً
منذ أكثر من ثلاثة سنوات في ظل اقتصاد منهار أساسه الحصار الاقتصادي
والصراع الداخلي والتدخلات الخارجية. الأمر الذي يدفع إلى توجه العمالة
الكُرديّة ولاسيما الشباب نحو الهجرة بحثاً عن فرص أفضل للعيش، أو في
توجه بعضهم إلى الانخراط في مهن وأعمال تتعارض مع خبراتهم وقدراتهم
العلمية والمهنية التي اكتسبوها، بل إنها قد تتعارض مع التوجهات القيمية
والأخلاقية التي يؤمنون بها أو تربوا في ظلالها، وبين تلك المهن والأعمال
ما يصنف باعتباره أعمالاً سوداء وخطرة وبعضها مخالف للقانون.
وبالتالي يقع على عاتق كل من المجلس الوطني الكُردي ومجلس شعب غربي
كُردستان توفير فرص العمل في الداخل لهؤلاء العاملين وذلك من خلال:
1- إعلان إستراتيجية للتنمية ومكافحة الفقر والبطالة والهجرة، يتم
الالتزام بها بصورة علنية وشفافية كاملة وببرامجها التنفيذية التي تتضمن
في مفاصلها الأساسية: تخفيف الأعباء عن الفئات الدنيا والفقيرة من
المجتمع، وتقديم مساعدات عاجلة للبيئات الفقيرة بما فيها الأسر الشديدة
الحاجة، ومكافحة ظواهر وعدم تكافؤ الفرص، ومناهضة أي اتفاقات تمس مصالح
المهمشين والفقراء والعمل على إدماجهم في المجتمع وفعالياته، والاهتمام
بالتوازن الإقليمي من خلال إيجاد فرص العمل وتطوير البنى التحتية في
المناطق الأقل نمواً والأكثر فقراً.
2- إقامة إطار وطني عريض يشمل ممثلي جماعات سياسية وهيئات اجتماعية
وفعاليات وشخصيات عامة يكون هدفه مكافحة الفقر والبطالة والهجرة.
3- القيام بأبحاث ودراسات تتناول موضوع الفقر والبطالة والهجرة في
محتوياته وعلاقاته المختلفة، وبواسطة باحثين ودارسين متعددي الميول، مما
يجعل موضوع الفقر والبطالة والهجرة في الدائرة الأوسع للرؤية.
4- بذل جهد إعلامي وثقافي هدفه الكشف عن طبيعة الفقر والبطالة والهجرة
ومحتوياته وتأثيراته الخطرة على المجتمع وفئاته الأضعف ولاسيما النساء
والأطفال.
5- تشجيع الصناعات المتوسطة والصغيرة في كُردستان سوريا من أجل الحد من
هجرة الشباب نحو الخارج.
 
نشر في جريدة يكيتي عدد (202) شهر نيسان 2013-2014
 
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك: