ماجد حمدون : المدماك الأول في الدولة الجديدة

2014-04-22

ماجد حمدون / رئيس الكتلة الجامعة      
من يتجه صوب استقراء التاريخ السياسي لسورية سيجد أن لجان الأحياء في المدن والبلدات والقرى كانت النواة التنظيمية الأولى والقواعد الشعبية التي اعتمدتها التنظيمات الوطنية في معاركها المختلفة سواء مع سلطات الانتداب أو مع سلطات العهود الدكتاتورية.                                    
                                                                                                         
ويتصف أبناء الأحياء الشعبية السورية بتماسكهم وتضامنهم وحميتهم ووقوفهم إلى جانب الحرية والعدالة في مواجهة الطغيان الخارجي والداخلي ، حيث انطلقت من الأحياء الشعبية أولى الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة ، وكانت ومازالت الخزان الأساسي للثورة ، ومعقلا أساسيا من معاقل العصيان بشكليه المدني الناعم والعسكري العنيف .                                        
وما يعيشه الشعب السوري اليوم من ثورة وطنية هادفة للتغيير الشامل تبرز ضرورة مواصلة العمل على تشكيل لجان الأحياء من قبل ساكنيه المتعددة المهام وتعميق اختصاصاتها لإدارة المناطق المحررة أو شبه المحررة .. لجان اجتماعية . إدارية . ثقافية . خدماتية . . بين أبناء الحي الواحد تتولى مهمة إدارة المرحلة الثورية الحالية والمرحلة الانتقالية عقب سقوط النظام باعتبارها مؤسسات مجتمع مدني يحتاجها الواقع لسد الفراغ الحاصل والمدماك الأول للدولة الجديدة المنشودة.                               
 والمعركة التي يخوضها شعبنا المغوار مع نظام متصفح بقوة أمنية وعسكرية معدنية ليست معركة سهلة بل هي معركة طويلة وشاقة ومعقدة تحتاج النفس الطويل في الحشد والتعبئة والتنظيم والإدارة والمبادرة لكسر سياق سلطوي متجذر والتأسيس لسياق جديد في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والإدارة والخدمات.                                                     
 والعمل على تأسيس سلطات محلية عوضاً عن سلطات نظام مطبق على كافة جوانب الحياة الوطنية تمت هزيمته في الكثير من المناطق تتطلب المأسسة الثورية المؤقتة من خلال تشكيل لجان الأحياء وسلوكها سبيل الإدارة الذاتية بعيدا عن المركزية المفرطة للسلطة أو الأشكال الديكورية للبعض الآخر ، بهدف استراتيجي محدد هو الاستغناء عن إدارة النظام لهذه المناطق بعد طرده منها ، ومنافسته على سلطاته الأخطبوطية من خلال إمساك الشعب المجاهد لسلطاته المحلية بشكل مباشر وسيادته على نفسه ( التسيير الذاتي ) رداً على القصف والتدمير والتهجير والعقوبات الجماعية ، وصولاً إلى تنسيق الأحياء فيما بينها لتشكيل مجلس المحافظة والانتقال من ثم إلى مجالس المحافظات .                                                                                          
 وعليه فإن لجان الأحياء التي تحتاجها المرحلة الثورية الحالية، وتكون بمثابة مراكب تنقلنا للمرحلة الانتقالية هي: لجنة الأمن والدفاع . لجنة تنظيم الاحتجاجات . لجنة النشاطات الاجتماعية والثقافية والرياضية . لجنة الخدمات البلدية . لجنة الخدمات الطبية . لجنة الشؤون التموينية . لجنة حماية الممتلكات العامة . لجنة العناية بدور العبادة . لجنة علماء الدين والوجهاء . لجنة التضامن . لجنة التنسيق مع الأحياء الأخرى . اللجنة المالية .... مع الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية إضافة لجان جديدة أو الاستغناء عن بعضها  وذلك تبعا لطبيعة الحي وموقعه الجغرافي ونشاطه الاقتصادي وعدد سكانه ومنشآته المشيدة واجتهادات أهله، مع بقاء المواطنة والكفاءة أساس اختيار أعضاء اللجان بعيداً عن الهويات الإثنية العرقية والدينية والطائفية والسياسية .              
إن الواقع الموضوعي الضاغط يحتم على السوريين الثائرين مواصلة العمل الدؤوب على تأسيس إدارات محلية مزاحمة لإدارات النظام السوري الآيلة للانحسار التدريجي ، وضرورة البدء بتشكيل لجان الأحياء في المدن والبلدات والقرى لأن المعركة الشعبية مع النظام أصبحت معركة وجود ، والثورة التامة التي تبغي هدم إدارات نظام متخلف هي الثورة التي تبني إدارات نظام عصري .  
عاشت سورية حرة أبية .. وعاش شعبها العظيم