الواقع المصرفي في كردستان سوريا

2014-04-05

  عبدالحليم سليمان (بلند)
 عضو جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا
توجد المنشآت المصرفية منذ قرون عدة ورغم شيوع كلمة بنك (مصرف) في معظم
لغات العالم, فإنه ليس من السهل إيجاد تعريف مُرضٍ ووافٍ لكينونة البنك
(المصرف) بسبب اشتراك بعض المنشآت المالية في أداء العديد من الخدمات
التي تؤديها المصارف. وأياً كانت التعاريف التي تعطى للمصارف, فإن
القانون المصرفي قد وضع الشروط التالية للمؤسسة التي تزاول أعمال البنوك:
أ‌-     أن تتخذ المؤسسة شكل شركة مساهمة.
ب‌-     يجب أن لا يقل رأس المال المدفوع عن مبلغ معين يحدده القانون.
ت‌-     أن يتمثل العمل الرئيسي للبنك في تجميع المدخرات العاجلة مؤقتاً من
الجمهور, وذلك بغرض إعطائها للغير لاستخدامها.
وبالتالي فيمكن النظر إلى المصرف على أنه: مجموعة من الوسطاء الماليين
الذين يقومون بقبول الودائع تدفع عند الطلب, أو لآجال محددة وتزاول
عمليات التمويل الداخلي والخارجي وخدمته بما يحقق أهداف خطة التنمية ودعم
الاقتصاد الوطني, وتباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالي في
الداخل والخارج, بما في ذلك المساهمة في إنشاء المشروعات, وما يتطلب من
عمليات مصرفية وتجارية ومالية وفقا للأوضاع التي يقررها البنك المركزي.
وفي سورية ظل النشاط المصرفي حكراً على القطاع العام خلال الأربعين عام
تقريباً. حيث كانت جميع المصارف مؤسسات عامة تمارس نشاطاتها تحت وصاية
وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية, وإشراف الجهاز المركزي للرقابة
المالية, كما كانت المصارف تعمل وفق نظام التخصص المصرفي الذي يجعل من
المصارف متعاونة بدلاً من أن تكون متنازعة فيما بينها على الزبائن.
وبصدور قانون تأسيس المصارف الخاصة رقم 28 تاريخ 16/4/2001م, تم كسر
احتكار الحكومة للقطاع المصرفي.
وبدخول المصارف الخاصة إلى السوق المصرفية في سورية أصبح هذا القطاع
يتكون من 6 مصارف عامة متخصصة هي: (التجاري السوري – الزراعي التعاوني –
الصناعي – العقاري – التسليف الشعبي – التوفير), و11 مصرف خاص تقليدي هي:
( بيمو السعودي الفرنسي – الدولي للتجارة والتمويل – سورية والمهجر –
العربي – عودة – بيبلوس – سورية والخليج – الأردن – فرنسبنك – الشرق- قطر
الوطني), و3 مصارف خاصة إسلامية (تعتمد هذه المصارف مبادئ الشريعة
الإسلامية) وهي: (سورية الدولي الإسلامي – الشام – البركة سورية). وتمتلك
هذه المصارف شبكة من الفروع والمكاتب والتي تقدم من خلالها الخدمات
والمنتجات المصرفية ويقدر عددها بـ 661 فرع ومكتب, إضافة إلى شبكة من
أجهزة الصراف الآلي (ATMs) يقدر عددها بـ 1010 جهاز صراف آلي.
 ورغم دخول المصارف الخاصة إلى السوق المصرفية في سورية إلا أن القطاع
المصرفي في سورية بشكل عام وفي كردستان سوريا بشكل خاص لا يزال يعاني من
محدودية وضعف الخدمات المقدمة وجودتها، ويمكن تلخيصها في أهم النقاط
التالية:
أ‌-     نقص في عدد الفروع المصرفية في مناطق كردستان سوريا حيث يقدر عدد
الفروع فيها بـ 45 فرع لمنطقة يتجاوز عدد السكان فيها بـ 3 مليون فرد, أي
أن كل فرع يخدم أكثر من 66500 فرد والتي تحسب من خلال المعادلة التالية:
عدد الأفراد لكل فرع = مجموع الأفراد في المنطقة المخدومة / عدد الفروع
في المنطقة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال كل فرع يخدم
حوالي 4000 فرد, وفي ألمانيا حوالي 10000 فرد لكل فرع, أما في المناطق
الأخرى من سورية فإن كل فرع يخدم أكثر من 35000 فرد.
ب‌-      نقص كبير في عدد أجهزة الصراف الآلي (ATMs) حيث لا يتجاوز عددها 25
جهاز في منطقة تمتد من عفرين غرباً إلى قامشلو شرقاً، أي أن كل جهاز صراف
آلي يخدم أكثر من 120 ألف فرد والتي تم حسابها وفق نفس المعادلة السابقة,
وفي المناطق الأخرى من سورية يخدم كل جهاز صراف آلي حوالي 23 ألف فرد,
علماً أن المعدل العالمي هو جهاز صراف آلي لكل 500-1000 فرد. أما بالنسبة
لعدد الخدمات التي تقدمها المصارف عن طريق أجهزة الصراف الآلي فإنها تبقى
أيضاً محدودة العدد مقارنة مع الخدمات التي يمكن الاستفادة منها والتي
تقدم في أماكن أخرى من العالم, وذلك على الرغم من حداثة أجهزة الصراف
الآلي في سورية وبالتالي قدرتها على تقديم الكثير من الخدمات, حيث تقتصر
هذه الخدمات على السحب النقدي وكشف للحساب. مع العلم أيضاً بقائُها خارج
الخدمة لفترات طويلة نتيجة للإهمال وعدم وجود كوادر متخصصة ومتدربة في
عمليات الصيانة، وانقطاع التيار الكهربائي عن الصراف الآلي لفترات طويلة،
بالإضافة إلى الانقطاع الممنهج للشبكة لعدة أسابيع.
ت‌-     الصيرفة الالكترونية ليست منتشرة على نطاق واسع في سورية عامة وفي
مناطق كردستان سوريا خاصة, أي إن مستوى استخدام الأساليب التكنولوجية
الحديثة في تقديم الخدمات المصرفيّة متدنٍ جداً, فعلى سبيل المثال تقتصر
خدمة نقاط البيع الالكترونية في مناطق ومراكز محددة وقليلة في سورية, كما
لا تزال المصارف غير قادرة على استثمار شبكة الانترنت في تقديم الخدمات
المصرفية بشكلٍ مناسب.
ث‌-     إن مزيج الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف في كردستان سوريا
يعتبر ضعيفاً, وذلك لقلة عدد خطوط الخدمات التي تقدمها المصارف وضعف
التشكيلة الخدمية التي يتكون منها خط الخدمات الواحد, فمثلاً تقتصر خدمات
الدفع والتحصيل التي تقدمها المصارف على عدد محدود جداً من الخدمات, أما
خدمات المتاجرة فيمكن القول إنها تعتبر معدومة.
ج‌-     تفتقر المصارف في كردستان سوريا لبرامج فعالة في عملية تطوير
الخدمات, ويعود ذلك بسبب أساسي إلى عدم وجود إستراتيجيات وخطط طويلة
الأمد لتطوير الخدمات, إضافة إلى افتقار المصارف لكوادر مؤهلة ومدربة
بشكل كافي لقيادة عملية تطوير الخدمات المصرفية واستخدام مناهج وسياسات
متنوعة في سبيل تطوير الخدمات المصرفيّة.
وأخيراً؛ يمكن القول إن المصارف لا يقتصر عملها في كردستان سوريا وسوريا
على تخزين الأموال بل تعتبر القائدة في عملية التطور الاقتصادي, فمع
ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي وانفتاح الدول في تعاملاتها
الخارجية تزداد أهمية الخدمات المصرفية والحاجة لها. فالمصارف هي أداة
الربط بين القطاعين المالي والنقدي من جهة والقطاعات الحقيقية من جهة
أخرى, وتتوقف قدرة المصارف على تحقيق هذه المهمة على قدرته على اجتذاب
الأموال, أي الودائع, وعلى منح القروض أي الائتمان.
 
 
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك: