غسان جانكير : ماردُنا الخُلبي في التوازن الاستراتيجي

2014-03-31

في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم, في ساحة احدى مُدرّجات جامعة حلب, حيث حشود الطلاب تتدافع بغرض الاستئثار بالمقاعد الأمامية, لحفلة أقامتها احدى الفرق الفنية الفلسطينية, لدعم الانتفاضة الفلسطينية الاولى, كان من نتيجة ذاك التدافع, أن انكسر تمثال نصفي للريئس السوري حافظ الأسد, دون أن يسقط التمثال أو يتحطمّ,فقط شرخ ليس بكبير فصله عن قاعدته, ليُسارع الطلاب في إسناده خشية تهشمالجبسين المغشوش السريع التشظي.

مرّت اللحظة ثقيلة, كأنما الدهر قد توقف فيها, فَمَن له الجرأة في النظر في عين الآخر,الذي تترائى أمام عينيه سيناريو الكارثة القادمة, والى أيّ حدّ سينتقم منّا رجالالمخابرات, وكيف سيكتب كتبة التقارير المتملقون عن سبب شرخ تمثال القائد الى الأبد في سورياه التي حصل فيها على تأييد أبَديته, قبل سنتين بنسبة 99فاصلة تسعاتتكاد لا تنتهي في المئة, ( راعي الطلاب و الرياضيين و العمال و الفلاحين والجنود و الاطباء و المهندسين وحامي المرأة و الطفل ... ) وقبل هذا كله راسم التوازن الاسترتيجيمع اسرائيل, الذي أوحى كتّابه المنافقين خلالها, بقرب رُقيّنا الى مصاف الأمم, لا بعدد و عُدّة الصناعات العسكرية فقط, وإنما في مُجمل مجالات حياة التحضّر.
و تمضي السنوات و نحن بانتظار بوادر هذا التوازن أن تلوح في الأفق, تمنيناه أن يظهر حتى و إن كان سراباً, ليظهر لنا أخيراً كأنه ماردٌ حُبس في قُمقم, لا يعرف طلاسم تحرره سوى أبنه الأهبل أخرجه ليس لنا, و أنما علينا.

الثورة السورية التي بدأت سلمية, كانت سبباً في أن يتمتم ( بشاركو الأهبل ) بطلاسمٍ من قبيل ( المؤامرة الكونية و المندسين وعملاء اسرائيل ) ليخرج ماردنا في التوازن تترجّح كفته في قتل ألاف المُخالفين تعذيباً, على المارد الاسرائيلي المفضوح من قِبل الإعلام الاسرائيلي نفسه وجبروته الذي لم يتعدى كسر عظام المتظاهرين الفلسطينيين , و ماردنا في توازن الرعب ظهر أكثر بأساً وهو يحمل السلاح الكيميائي موتاً رحيماً لمواطنيه , بل ,يُعتبر المارد الاسرائيلي ( طنتاً ) وهو يخجل من الافراط في استخدام الغازات المُسيلة للدموع .

ولأن ماردنا الكيميائي أتى بالقبائح, فبات قاب خطوات أن يكون حبيس القمقمالامريكي, ولأن مُروّجي الوهم من الكُتّاب المنافقين كي يُحافظوا على نسق التسارع الوهمي في بلوغ التوازن الاسترتيجي, فأنهم لا يكتفون ب ( تطييب خاطرنا ) فقط,بترويج فكرة أنه ليس بالكيماوي فقط تتحصنّ البلدان, فقد عوّضنا الله بخيرٍ منه وهو حماية روسيا, وإنما ايضاً بترويج فكرة إنشاء وكالة الفضاء السورية , التي من شأنها دفع ( علومنا ) بخطواط فلكية الى الأمام, بدءاً من هندسة الحكم الوراثي, وليس انتهاءً,بعلم العشوائية المُنظّمة في سقوط البراميل المُتفجرة يُسقطها طيارون أغبياء .

Ghassan.can@gmail.com