نوري بريمو: الثورة السورية تدخل عامها الرابع ولا يزال الحبل على الجرار

2014-03-17

اليوم في 15 آذار 2014م، تكون الثورة السورية قد أكملت سنتها الثالثة ودخلت الرابعة من عمرها المُعَمَّد بدماء السوريون بعربهم وكوردهم ومسيحييهم ودروزهم وغيرهم من المكتوين بنيران هذه الدوامة العنفية المندلعة بلا رحمة، ولايزال الزمن يمضي والحبل على الجرار رغم أنّ التضحيات بلغت ذروتها لا بل حطمت مختلف "أرقام غينيتس القياسية" وإجتازت توقعات أهل سوريا وكل المعنيين هذا الشأن الذي بات متأججاً ويُطبَخ على صفيح ساخن قد يؤدي إلى إحتراق الطبخة السورية بكل ظواهرها وبواطنها وتجلياتها الحاضرة والمستقبلية.

وفي هذه الخضم والسياق نفسه، وقبل أيام أحيا الشعب الكوردي الذكرى العاشرة لإنتفاضة 2004م الكوردية التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء برصاص النظام السوري، ورغم أنّ هذه الذكرى أليمة ووطأتها ثقيلة على الشعب الكوردي، إلا الكورد الذين لم ولن ينسوا جراحهم قد آثروا أن يعتبروا انتفاضتهم جزءا من الثورة السورية لا بل فاتحتها لأنها سبقتها بعشر سنوات، وفي كل الأحوال فإنّ الكورد متضامنون مع كافة السوريين اللذين لن يحيوا ذكرى الثورة السورية فهي ماتزال مندلعة وقائمة ولم تتحول إلى ذكرى وهي واقع مرير وأمرُّ من المرّ بعينه، ولأنّ السوريين لايزالون يعيشون في قلب الحدث ويعانون من الويلات بأشكالها وألوانها، ويتصدّون للبلاء الأعظم المتجسد بنظام الأسد الديكتاتوري الذي يلعب لعبة الوقت لصالحه ويحرق البلد ويستهدف البشر والحجر.

ورغم أنّ شهداء الثورة السورية فاقوا ربع مليون والمهجّرون صاروا بالملايين، وأما عن تفاصيل المأساة ـ الخراب والدمار والجوع والتشرد والقتل على الهوية والمجازر الجماعية والقصف بالكيمياء والصواريخ والبراميل المتفحرة وحملات التطهير الطائفي ـ فحدّث ولا حرج، إلا أنّ السوريين المُعتدى عليهم بالجملة قد إستطاعوا أن يعكسوا الآية لصالحهم وأن يقلبوا السحر على الساحر، إذ أبدوا منتهى الجرأة حيال هذا الإرهاب الممنهج الذي يمارسه هذا النظام الأرعن بمعية أعوانه الإقليميين ومجاميعه الإرهابيين الذين إستجلبهم من كل أصقاع الدنيا.

ومها اختلفت الآراء والمواقف حول التطورات الحاصلة في الثورة السورية التي طال أمدها وطفح كيلها وبلغ سيلها الذبى!، وحتى ولو قيل بأنّ هذه الثورة قد خرجت عن مسارها السلمي وتحوّلت إلى دائرة لا بل دوائر من العنفْ والعنفْ المضاد، فإنّ هذه الآراء لن تؤخر أو تقدم أي شيئ في المسارات والخيارات، وكما يُقال "إنّ الإختلاف في الرأي لا يُفسد في الود قضية"!، لأنّ الحقيقة ساطعة وتؤكد بأنّ الثورة كانت سلمية وطالبت بالحرية والكرامة وباسقاط نظام البعث وإنبثقت من رحم المجتمع السوري الذي تأثر بالربيع الشرق أوسطي كغيره من شعوب بلدان منطقتنا التي شهِدَتْ وقد تشهد تغييرات جذرية على شتى الأصعدة والمستويات.

ورغم أنّ ثمة ظروف وتوازنات ومصالح دولية وإقليمية وداخلية بالإضافة إلى حسابات وتحسُّبات كثيرة، قد أطالت أمد الثورة وأفسحت المجال واسعاً أمام نظام الأسد وحالتْ دون اسقاطه حتى الآن، إلا أنّ السوريين عقدوا العزم على المضي في ثورتهم ولم ولن يتراجعوا عن أهدافهم التي ثاروا من أجلها، عبر مواصلة الحراك بشتى السبل والوسائل لتحقيق ما يصبون إليه ولإسدال الستار على المشهد الأخير من الحقبة البعثية وللسير بسوريا نحو بناء دولة تعددية إتحادية ذات دستور جديد يعترف ويُقرّ بحقوق كافة المكونات وينصف الجميع ويحقق الفدرالية لكوردستان سوريا.

وبناء عليه فإن هذه الثورة المُخَضّبة بدماء شهدائها الأبرار، قد حققت نجاحات لا يُستهان بها، سواءً في الساحة الداخلية على صعيد المعارك المتبادلة التي باتت تشهد صراعاً دمويا بين كتائب الجيش الحر من جهة والآلة العسكرية للنظام وكل مَنْ هبّ ودبّ من أجنداته لمناصرته من جهة أخرى، أو في الساحة الخارجية على صعيد السباق الدبلوماسي الذي تمارسه المعارضة (الإئتلاف السوري المعارض + المجلس الوطني الكوردي) في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، ولعلّ النجاح الذي حققه وفد الإئتلاف كممثل عن المعارضة السورية في جنيف2، خير مؤشر ودليل على أنّ العد التنازلي لإسقاط نظام الأسد قد بدأ...وإنّ المستقبل لناظره قريب.

* المجد لشهداء الثورة السورية 2011 ولشهداء الانتفاضة الكوردية في آذار 2004
* معاً نحو بناء سوريا ديمقراطية تعددية فدرالية.