في سوريا لا بد من القوة مع الديبلوماسية (مقال من صحيفة نيويورك تايمز )

2014-02-26

الحكمة التقليدية تقول مع سوريا لا يمكن القيام بأي عمل..والعمل العسكري سيمكن الجهاديين في المعارضة  من السيطرة على السلطة من ناحية و غير مجدية وقد ترجح كفة الميزان لصالح نظام الأسد، أو قد يعرض للخطر المسائل الغربية الأستراتيجية  كتأمين صفقة ايران النووية حليف سوريا العتيد من ناحية ثانية .

 و المشكلة ان الحكمة التقليدية قد تكون قدرا ،ولكنها تتقاطر مع الواقعية وتريد التنكر لهذه الحكمة.
ان أي واقعي يحتاج الى مواجهة حقيقتين في سوريا ، أولهما ان غياب تطبيق قوة حقيقية  وذات مصداقية ضد الأسد  لن تؤدي الى قبول الأسد إلى انتقال سلمي و سلس للسلطة  ،وجنيف 2 وبالرغم من محاولة الابراهيمي للتفاوض بين النظام والائتلاف كان مضيعة للوقت ،  واستمرار ا للقتل ، وإعطاء النظام ميزة استراتيجية ،  وتقويته على حساب المعارضة العسكرية  ،و هزيمتها على الأرض ، وبالتالي عدم اعطاء الأسد أي حافز للتنازل .
ثانيا ، اذا سمح للأسد الغلبة في هذا الصراع فانه سيفرض طغيانه ،وبالتالي قواته سيقضي ويبيد ما تبقى من قوات المعارضة المسلحة من الطائفة السنية ، وهذا سيزيد الطينة بلة ،ولن ينهي الصراع الى الأبد ، بل سيؤجج الصراع عاجلا أم آجلا وسيزيد من تدفق شلالات الدم ثانية .
ان ترديد امريكا بضرورة رحيل الأسد قولا وبدون العمل فعليا وعمليا لذلك ، يجعلها متواطئا وداعما لبقاء الأسد ، ولكن هل هناك بديلا واقعيا .
تسليح المتمردين ليس هو الحل ، توفير الأسلحة من دول مثل قطر و غيرها مع وكلائها من الأصولية في سوريا لم تساعد المدنين السوريين بل زاد من محنتهم  و قتلهم .
إنشاء ممرات انسانية ، أو مناطق آمنة لحماية المدنيين خطوة  جيدة وفعالة، ولكنها لن تنجح ما لم تنشر القوى الغربية قواتها البرية على أرض الواقع ،وهذا لن يحدث .
ان الخيار الوحيد والمتبقي هو استخدام القوة العسكرية لمنع الأسد وحرمانه من التفوق الجوي ، الطائرات المقاتلة ، والطائرات بدون طيارين  ،وسبر الجو كفيلة بمنع قيام طيران الأسد وإلقاءها القنابل الفوسفورية والعنقودية والبراميل المتفجرة على المعارضة والمدن من جهة ، وإجبارها على وقف اطلاق النار والعودة والجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف2  من جهة ثانية ، ولكن يجب عدم إعطاء  أي دعم للمعارضة المتمردة والتي لا تنسجم والمواقف الغربية .
 في العام الماضي ، التهديد باستخدام القوة أقنعت الأسد بالتخلي عن أسلحته النووية ، والآن استخدام القوة وتطبيقها بالتأكيد ستمنع الأسد من الفوز بالنصر، لان حكم الأسد سيدوم فقط في حال سحقه للمعارضة وللثوار ، و حرمانه من النصر والفوز سيؤدي إلى رحيله إلى المنفى ، وهذا  سيبقى مسألة وقت ،عاجلا أم  آجلا .
ان وقف إطلاق النار في سوريا سيطلق العنان على الارجح لفوضى الصراع على السلطة  ، هذا خطر وسيء ولكنه أرحم من الذبح والقتل اليومي ، سوريا تبدو وكأنها ليبيا ،لذا قوات حفظ السلام ضرورية لمنع انصار النظام والمعارضة من الانتقام والقتل على حد السواء .
الحكمة التقليدية تؤكد عدم وجود الأخيار في المعارضة السورية ، لذلك لا أحدا يريد ويعمل من أجل الفوز فعليا  ، والوقائع السياسية في دول البلقان اكدت بالرغم من عدم وجود الأخيار استطاع المبعوث الدولي هولبورك من اقناع جميع الفرقاء بوقف اطلاق النار و وقف القتل ، وهذا ممكن حدوثه في سوريا بشرط توفر القوة على النفوذ الديبلوماسي مثلما فعلت أمريكا في البوسنة ، عند ذلك سيقف القتل ويعود اللاجئون إلى ديارهم ، وتبدأ المفاوضات التي قد تضع دستورا جديدا للبلاد أو تؤدي الى التقسيم في نهاية المطاف .
استصدار أي قرار باستخدام القوة العسكرية الجوية  من قبل مجلس الأمن  سيصطدم بكل تأكيد بالفيتو الروسي ، وفي حال طلب الكونغرس الأمريكي الموافقة على استخدام القوة ، فان هذا سيحط من قيمة أوباما .
ان وقف الحرب في سوريا ستمدد الشرعية المحلية والدولية لمجلس الأمن  ، أما اذا لم توقف الحرب في سوريا فان هذا سيخل بتمدد الشرعية في مجلس الأمن وبالتالي يمدد القتل في سوريا الى أجل غير مسمى .
كل بند أو فقرة من هذه الفقرات ، استخدام القوة الجوية ، فرض وقف اطلاق النار ، نشر قوات حفظ السلام الدولية على الأرض سيكون اختبار لعزم الرئاسة وأعصابها ، بالإضافة الى احتمال المواجهة العسكرية مع الروس ، ومجابهة  الجمهور الأمريكي الذي أنهكته الركود الاقتصادي ، وكل هذا يشكل ضغطا على القرار الأمريكي .
اخيرا وفوق كل شيء ، استخدام القوة سيمكن الرئيس من تملك المأساة  السورية. وحتى الان يتظاهر الرئيس بانه لا يريد تملك هذه الماساة ، ولكنه بالفعل تملكها ، لكن تراخيه عزز من قدرة الروس و ايران و حزب االه ، وهذا ادى الى دفع سوريا الى جهة التطرف الاسلامي الذي قد يعرض للخطر الاستقرار في لبنان والاردن والعراق وتركيا بالاضافة الى  مخاطر ترك دولة فاشلة في خاصرة اسرائيل.
 من الصحافة الأمريكية
26-2-2014