الأمن الغذائي في كُردستان سوريا

2014-02-12

 كُرد زانا
                                                           عضو جمعية
الاقتصاديين الكُرد- سوريا

يعرّف الأمن الغذائي في كُردستان سوريا بأنَّه توفر الإمكانية الاقتصادية
والاجتماعية لمواطنيها للحصول على الغذاء الكافي والصحي الذي يؤمن
العناصر الغذائية الضرورية للقيام بفعاليات الحياة الصحية. والذي يقتضي
(توفر كميات كافية من الغذاء بنوعية جيدة، وتوفر إمكانية الحصول على
الغذاء الكافي للأفراد والأسر، وتوفر شروط التغذية الجيدة بما فيها
الوجبات الصحية المنتظمة).

وهو أحد المكونات الرئيسية للأمن الاستراتيجي
في كُردستان سوريا الذي يتوجب الاهتمام به لمساندة ركائز الاقتصاد.
إنَّ تفاقم مشكلة نقص الغذاء في كُردستان سوريا أصبحت اليوم من المشكلات
التي تشغل تفكير المواطنين في جميع مستوياتهم إلا أنَّها لم تأخذ الأبعاد
التي أخذتها خلال هذا العقد، ولم تصل إلى الخطورة التي وصلتها في هذه
الفترة، حيثُ أدت إلى تشرد الكثيرين جوعاً، ومعاناة الآلاف من نقص
التغذية وهروب الآلاف باتجاه إقليم كُردستان العراق لتأمين لقمة العيش.
يتألف مؤشر الأمن الغذائي في كُردستان سوريا من ثلاثة أبعاد رئيسية وهي
(مقدار توفر الغذاء، وقدرة تحمل تكاليف الغذاء، وجودة وسلامة الغذاء(.
فبالنسبة لمقدار توفر الغذاء سيصبح بنهاية عام 2013 اقل من ربع ما كانت
عليه نهاية عام 2010 بسبب استهلاكه وبالتالي نفاذه على مدى ثلاث سنوات
الأخيرة. وبالنسبة إلى القدرة على تحمل تكاليف الغذاء فقد تراجعت القدرة
على ذلك التحمل لأنَّ الليرة السورية فقدت أكثر من 70% من قوتها
الشرائية. وبالنسبة إلى جودة وسلامة الغذاء فهي رهن ظروف الاستيراد من
الداخل السوري ومن الخارج.
لقد تراجع إنتاج القمح في كُردستان سوريا إلى 1.2 مليون طن سنوياً أي أقل
بأربعين بالمائة مما كان عليه قبل بدء الأزمة السورية، حيث خرجت الكثير
من الأراضي الصالحة للزراعة والتي كانت تحتوي على 58% من ثروات سوريا ذلك
نتيجة إصرار الحكومة السورية على عدم التوسع باستصلاح الأراضي، وترك حبل
الزراعة على غارب الاعتماد على المطر وما تجود به السماء. حيث يعتمد
الاقتصاد في كُردستان سوريا على الزراعة والتي 70% منها زراعة بعلية
متدنية الإنتاجية ومتذبذبة بين السنوات ولا تؤمن مصادر كافية للعيش وتشكل
مخاطر الطقس إلى جانب فترات الجفاف وتراجع خصوبة التربة عوائق كبيرة. كما
وأنَّ سعر الخبز في كُردستان سوريا ارتفع بنسبة 300%، وأنَّ أربعة من بين
خمسة مواطنين قلقون من أنَّ الغذاء ينفد. وأنَّ الحصول على المياه
النظيفة بات صعباً لدى أكثر من نصف المواطنين. أي أنَّ حوالي نصف السكان
داخل كُردستان سوريا يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي، وأنَّهم في
«حاجة ملحة» لمساعدة غذائية للبقاء على قيد الحياة. وأنَّ المجاعة باتت
تهدد أعداداً كبيرة من المواطنين. كما وتعرض 85% من مزارع تربية الماشية
لانتشار الأوبئة بسبب نقص اللقاحات. وتراجع إنتاج الدواجن بنسبة 80%
بالمقارنة مع نهاية عام 2010.
إنَّ مسألة الأمن الغذائي هي مسألة مرتبطة إلى حد كبير بتدني الإنتاج
الزراعي وصعوبة تأمين الأسمدة والعلف الحيواني والعقاقير البيطرية
للماشية والدواجن. وإنَّ ارتفاع معدلات النمو السكاني مع عدم القدرة على
تأمين فرص العمل، بالإضافة إلى تأثير التغيرات الاقتصادية في الداخل
السوري على الاقتصاد في كُردستان سوريا هي من الأسباب المسرعة لتفاقم
أزمة الأمن الغذائي.
إنَّ التدهور الشديد في الأمن الغذائي سوف يؤدي إلى تفاقم الإنتاج
الزراعي أكثر فأكثر على مدى الأشهر الأثني عشر القادمة في حالة استمرار
الصراع الجاري )هذا ما حذّره تقرير مشترك بين منظمة الأمم المتحدة
للأغذية والزراعةFAO ، وبرنامج الأغذية العالمي WFP).
إنَّ عملية تحليل قضايا الأمن الغذائي في كُردستان سوريا لم تشمل حتى
الآن المؤشرات الاقتصادية الممكنة ولا تزال تنقصها الدراسات والمسوحات
الشاملة المتخصصة للتركيز على مظاهر وأشكال هذه الظاهرة كافة. وإنَّ
المحافظة على أمنها الغذائي ليس قراراً يتخذ وينتهي الأمر، إنَّه قبل كل
شيء سياسات، وخطط وبرامج، لابد من العمل على تطبيقها، وتأمين مستلزماتها،
وخلق الظروف الموضوعية الكفيلة في نهاية المطاف لتحقيق هذا الأمن. ولذلك
لا بد من إيلاء هذه المشكلة أهمية خاصة كي يتم تجاوز مشكلة العجز عن
تأمين إنتاج الغذاء في المنطقة. وهنا لا بد للقوى السياسية الكردية في
سوريا من تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الكردي بالبحث الجاد عن مصادر وطرق
لتلبية الحاجات الضرورية للسكان ضماناً للاستقرار ولقطع دابر الهجرة
والتشرد.

نشر في جريدة يكيتي العدد (198-199) كانون الأول والثاني 2014-2013
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك:
https://www.facebook.com/Komela.Aborinasen.Kurd.li.Suri2006?ref=hl