أساسيات التفاوض في مؤتمر جنيف 2 على حقوق الكُرد في سورية

2013-12-24

كُرد زانا

عضو جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا
إنَّ كثرة أقطاب المعارضة السورية على الساحة الداخلية والخارجية واختلاف إيديولوجياتهم ومطالبهم يضع الكُرد في موقف صعب جداً، وهذا الموقف يتطلب منه أن يتحلى بثقافة تفاوضية وأرضية قوية يستطيع من خلالها أن يحقق أكبر قدر ممكن من مطالبه في سورية.

فالكُرد في سورية خبرتهم محدودة في العلاقات الدولية والعلوم السياسية ولم يخوضوا في سابق تاريخهم أية مفاوضات ترقى إلى حجم المفاوضات التي قد تحصل في مؤتمر جنيف 2 هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأنَّ ذهاب الوفد الكُردي إلى مؤتمر جنيف 2 يجب أن لا يقتصر فقط على وضع المطالب الكُردية على الطاولة أو سردها وقراءتها ومن ثم الجلوس مباشرة وانتظار الحصول على الموافقة على تلك المطالب. إذ أنَّ هناك أساسيات عمل تفاوضية لا بد للمفاوضين الكُرد أن يكونوا على اطلاع بها والعمل بها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المطالب، ومن أهم هذه الأساسيات التي يجب على الوفد الكُردي التقيد به ما يلي:

1- الإدراك بأنَّ التأثير في الطرف الآخر (النظام السوري، أو المعارضة السورية) هو في الوقت نفسه بمثابة تقديم معلومات للطرف الآخر. وبالعكس فإنَّ استجابة الوفد الكُردي لتكتيكات التأثير التي يحاول الطرف الآخر ممارستها تمثل بدورها مصادر معلومات للوفد الكُردي الذي يمارس محاولة التأثير لصالح أهدافه.

2- اتباع إستراتيجية الثبات (عدم التنازل) عن المطالب الأساسية، أي عدم قيام الوفد الكُردي بالإقدام على أي نوع من التنازلات حتى يخضع الطرف الآخر لرغباته كافة.

3- اختيار الاستراتيجيات الملائمة لتوظيفها في التفاعلات مع المفاوضين في الطرف الآخر. فهناك إستراتيجية الإقناع، وإستراتيجية الإجبار، وإستراتيجية التنازل والتهاون، وإستراتيجية التعاون الايجابي أو السلبي مع الطرف الآخر. والعمل بمبدأ التفاوض اللين والمتشدد أي الحفاظ على التوازن بين ما يريدون من مطالب وبين الحفاظ على حد أدنى من العلاقات مع الطرف الآخر.

4- (عدم القيام بالتفاوض من أجل تبرير المواقف كهدف للتفاوض) فليس من صالح الوفد الكردي أن يقوم بتبرير موقفه واستحضار الحجج والبراهين لإثبات مشروعية موقفه فقط، أي يتعين على الطرف الكردي أن يتجنب موقف مفاده ((أنا المصيب على طول الخط وهو المخطئ على طول الخط)) فمثل هذا الأداء التفاوضي لن يؤدي عادة إلى الوصول إلى حل النزاع بل سيزيد من تفاقمه. فكلما دافع الطرف الكردي عن موقفه لمجرد الدفاع عنه أصبح معرضاً بصورة كبيرة للتورط في الدفاع عن أوضاع خاطئة وغير نزيهة.

5- محاولة استبيان فهم المفاوضين في الطرف الآخر للمشكلة والزوايا التي ينظرون من خلالها عن الأمر.

6- السماح للطرف الآخر بتفريغ شحنته قدر الإمكان، فهذا التفريغ مهم لحالتهم النفسية واستقرارها وعليه أن يتجنب قدر الإمكان أن يكون له رد فعل أثناء تفريغ هذه الشحنة.

7- انتهاز أي فرصة لأرسال رسالة طيبة رغم صعوبة ذلك، فهذا قد يعني إشارة بحسن النية يكون لها أثر طيب لا يكلف الطرف الكُردي شيئاً ولكنها قد تكون حيوية للابتعاد عن الكراهية والتناحر.

8- (التركيز على المصالح وليس على المواقف) فمن أجل الوصول إلى الحل المتعقل يتوجب على الوفد الكُردي أن يقوم بعملية توفيق بين المصالح وليس المواقف، وعليه أن يعرف أنَّ المواقف المتناحرة تستند إلى أمور خلافية، ولكن هناك أمور مشتركة لا بد من السعي لاستكشافها وتحديدها في المقام الأول.

9- القيام بتوسيع دائرة الاختيارات المتاحة للتعرف على انسبها لكل من الطرفين.

10- أن يكون لديه كفاءة الحوار اللغوية الاجتماعية والنفسية والدبلوماسية وذلك من خلال:

أ- معرفة الخلفية السياسية والاجتماعية للمفاوضين في الطرف الآخر.

ب- معرفة ما يحيط بموضوع التفاوض من موضوعات أخرى متعلقة به.

ج- التقيد بمقولة الكمية: أي عدم قول أكثر أو اقل مما يتطلبه سياق التفاوض.

د- التقيد بمقولة الكيفية: أي الاهتمام بكيفية توصيل رسالة ما.

هـ- التقيد بمقولة الاتساق: أي تجنب الطرف الكُردي التناقض في مقولاته.

11- إتقان اللغة المستخدمة في التفاوض على مستوياتها النحوية والدلالية.

12- إتقان المصطلح القانوني أو الدبلوماسي المتعلق بالموقف التفاوضي.

13- معرفة الخلفية النفسية للمفاوضين في الجانب الآخر وأن يكونوا قادرين على التوظيف الفوري لأنسب الاستراتيجيات للتعامل معه. والتعرّف على السمات الشخصية للمفاوضين في الطرف الآخر أي معرفة ((قدرتهم على التحمل والصبر، دوافع القلق والشك لديهم، قدرتهم على التخطيط والتنفيذ)).

14- تحديد خطة عمل تفاوضية وهذا يتضمن تحديد الهدف، والغرض والقيود، وجمع وتجهيز البيانات، وحدود قضايا التفاوض، وتقويم المركز التفاوضي للطرف المفاوض الآخر، وتحديد الإستراتيجية والتكتيك المناسبين، واختيار السياسات التفاوضية المناسبة لكل مرحلة من مراحل التفاوض.

15- العمل على تقليل دور المفاجآت غير المتوقعة التي تؤثر سلباً في العملية التفاوضية.

16- التمسك بهدوء الأعصاب وعدم الاستهانة بالمفاوضين في الطرف الآخر.

17- أن تكون لهم مهارات جيدة على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. فالمفاوض الذي يتحلى بالقدرة الأكبر على المستوى الاستراتيجي لا بد أن يختار ليكون صانعاً للقرار أو ضالعاً في عملية صنع القرار.

إنَّ التقيد بالأساسيات التفاوضية السابقة سيمنح المفاوضين الكُرد في الوفد الكُردي موقع تفاوضي قوي يستطيع من خلاله إرغام الطرف الآخر للرضوخ لمطالبه أثناء حضوره مؤتمر جنيف 2.

نشر في جريدة يكيتي العدد (197)، تشرين الثاني 2013



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.