حسين علي غالب : جارتي المسكينة – قصة قصيرة
أحمل كيس القمامة لجارتي التي تسكن في الطابق الثالث كما هي عادتي و أرميه في الحاوية القريبة من العمارة .
أعرف أن كل الجيران يعتبون علي لأنني أساعدها ، و هي معروفة بأنها تعمل كـ""بائعة هوى"" و لكنني أحب المساعدة ، و أرفض أن أرد طلب أي إنسان يطلب مني فهكذا تربيت منذ أن كنت صغيرا .
أخرج من العمارة في مشواري الممل و المعتاد حول دوائر الدولة المتنوعة بحثا عن فرصة عمل .
أرى جارتي تناديني من الشباك ""تعال ..تعال ..أصعد إلى فوق""..!!
لا أعرف ماذا تريد جارتي ، و لكنني سوف أصعد إليها و أعرف منها ما الذي تريده..؟؟
أصل إليها و أجده مبتسمة فخفت أن تدعوني لفعل ""الخطيئة "" و تنجح في الإيقاع بي كلقمة سائغة ، و إذ تقول لي : هل ما زالت تبحث عن فرصة عمل..؟؟
أحرك رأسي لها من دون أن أنطق بكلمة واحدة فتقول لي : أذهب إلى مديرية التربية و التعليم القريبة من هنا عدة دقائق فقد تجد لك فرصة عمل .
أحرك رأسي لها ، و أودعها و أنا ألوح بيدي ، أتقدم بخطوات بطيئة نحو مديرية التربية و التعليم فهي أقرب دائرة حكومية من العمارة التي أسكن فيها و بعدها سوف أستمر في جولتي المعتادة حتى نهاية الدوام.
أدخل إلى مديرية التربية و التعليم إلى المكان المعتاد لتقديم الوظائف ، و أقف في الطابور الطويل حالي كحال البقية .
يصل دوري و أقدم ملفي الدسم المليء بالمستندات و الوثائق و إذ أجد الموظف يبتسم في وجهي و يقول لي : لقد تم قبول تعيينك هنا منذ عدة أيام فهيا أذهب و أكمل بقية الإجراءات.
ارتسمت الابتسامة على وجهي و أردت أن أقفز عاليا من شدة الفرح ، قمت بالذهاب هنا و هناك في المديرية حتى حصلت على قرار تعيني مكتمل بين يدي .
خرجت من المديرية و أنا أشعر بنشوة الانتصار و النجاح فأخيرا حصلت على فرصة عمل و قريبة من العمارة التي أسكن فيها ، توقفت لعدة دقائق و بدأت أعيد تسلسل الأحداث داخل عقلي ، و سألت لنفسي سؤال بسيط : أيعقل أن تكون جارتي استخدمت نفوذها و قامت بتعييني .
أللعنة كيف أقبل أن أحصل على وظيفة عبر ""واسطة "" من بائعة هوى ..!!
تغيرت مشاعري بالكامل و عاد الحزن إلي و عدت إلى العمارة بخطوات بطيئة ، و إذ أجد ""جارتي "" تؤشر بيدها إلي و تقول لي : أصعد إلي.
لم أصعد إلى جارتي و جلست على سلم العمارة من شدة حزني .
سمعت صوت ""جارتي "" من بعيد وهي تناديني فبقيت في مكاني ، لم أرد عليها حتى وصلت بقربي و قالت لي : لا تحزن سوف تحصل على فرصة عمل.
شعرت بالغضب فهي بكل تأكيد تمثل علي و هي تعرف بكل تأكيد أنه تم تعييني فقمت بالوقوف و التفت عليها و قالت له : لا تقولي ولا كلمة ، ولا أقبل بواسطتك فهي ابتعدي عني .
صعدت إلى شقتي غير مبالي بما كانت تقوله و تفعله مر اليوم و الساعة بعشر ساعات و سمعت صوتها وهي تناديني و تطرق باب شقتي و أنا كالصنم غير مهتم .
حل الصباح و جمعت مستنداتي و وثائقي لكي أخرج و أبحث عن فرصة عمل بدل العمل الذي حصلت عليه البارحة في مديرية التربية و التعليم .
أفتح الباب لكي أخرج و إذ أجد ""رسالة"" ملصقة بالباب ..!!
أخذت الرسالة وعدت للدخول إلى شقتي و فتحتها و إذ أشعر بالتعجب فلقد كانت رسالة من جارتي و فيه عدة سطور ..؟؟
""عزيزي ..لقد توقفت عن العمل الذي كنت أعمله منذ عدة شهور و لكنك ترفض التنازل عن الماضي بل وحتى الاستماع لي و كنت أنت الشيء الجميل الوحيد لي في حياتي بأسرها و الآن أنا راحلة من دون رجعة و تمنياتي لك بالتوفيق "".
انتابني الحزن و بدأت بالبكاء كالأطفال ، فلقد ظلمت هذه الإنسانة المسكينة بسبب تفكيري السيئ المريض فهي لم تؤذني أبدا و حاولت مساعدتي دوما بكلماتها الرقيقة و البسيطة .
حسين علي غالبأحمل كيس القمامة لجارتي التي تسكن في الطابق الثالث كما هي عادتي و أرميه في الحاوية القريبة من العمارة .
أعرف أن كل الجيران يعتبون علي لأنني أساعدها ، و هي معروفة بأنها تعمل كـ""بائعة هوى"" و لكنني أحب المساعدة ، و أرفض أن أرد طلب أي إنسان يطلب مني فهكذا تربيت منذ أن كنت صغيرا .أحمل كيس القمامة لجارتي التي تسكن في الطابق الثالث كما هي عادتي و أرميه في الحاوية القريبة من العمارة .
أعرف أن كل الجيران يعتبون علي لأنني أساعدها ، و هي معروفة بأنها تعمل كـ""بائعة هوى"" و لكنني أحب المساعدة ، و أرفض أن أرد طلب أي إنسان يطلب مني فهكذا تربيت منذ أن كنت صغيرا .
ارسل تعليق