جان كورد : احذر الإيميل: أخطر وسائل الاتصال (1-2)

2013-11-26

‏25. November 2013
يعتبر الإيميل من أهم وسائل الاتصال بين البشر في وقتنا الحالي، حيث يتم إرسال أكثر من 145 مليار عبر الإيميل في شتى أنحاء العالم، يوماً بعد يوم، وفي عام 2011 وحده تم استخدام الإيميل بمستوىً خيالي، إذ بلغ 33 بليون مرة، وهذا رقم لن يصل إليه (تويتر) أو (س م س) أو(واتس آب) أو أي حامل آخر للمعلومات الالكترونية.

هذا الانتشار الذي لامثيل له والاستخدام الواسع النطاق، يخفف بشدة من كمية استخدام الورق في المراسلات، وبالتالي الحد من قطع الأشجار لانتاج الورق على الصعيد العالمي، بمعنى أن استخدام الإيميل بهذه المستويات العظيمة يخدم أهداف المحافظة على البيئة وسلامة الطبيعة.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن سرعة الاتصال عن طريق الإيميل لا تتوفر لدى المراسلات البريدية الاعتيادية، وهذا شيء مفيد جداً للتواصل بين الشركات خاصة والدوائر الحكومية ووسائل الإعلام وبشكل عام في مختلف مجالات الحياة البشرية.
ولكن على الرغم من ذلك، فإن هناك أصواتاً عالية في أوروبا وأمريكا تعلن عداءها للإيميل، ومنها الخبير الالكتروني في مجال اقتحام المواقع واحداث التغيير فيها، السيد (كارلو فون لوش)، الذي يطالب بإلغاء الإيميل نهائياً، أو الامتناع عن استخدامه كلياً، حسب ما روته صفحات "العلم" التي تعتبر جزءاً مثيراً وهاماً في جريدة (زوود دويتشى تسايتونغ) الشهيرة في العدد 271 الصادر بتاريخ 23-24 نوفمبر من هذا العام.
والأسباب التي تدفع إلى استخدام الإيميل متعددة، إذ بإمكان المرء إيصال مايريده بسرعة فائقة إلى أي مكان يريده، وتخزين البريد ونسخه وإيصاله إلى العديد من الناس، وأن يكون مجرد ناقلٍ بين طرفين، ويلحق ببريده صوراً وملفات وفيديوهات ومقطوعات موسيقية، وأرشفة ما يأتيه أو ما يبعثه من مراسلات، من بيته ومن مكان عمله، بل وأثناء تنقله براً وبحراً وجواً، وهذا يعكس طبيعته الإنسانية القديم، حيث هناك مرسل ومرسل إليه، إضافة إلى ورود وصدور الرسائل في غياب الطرفين وبكميات كبيرة، كما تفعل وكالات الإعلام والدعاية للبضائع والانباء. وحسب الصحافيين يوهانس بويى وجان هايدتمان فإن هذا يعتبر تطوراً مذهلاً للغاية بالنسبة إلى الرسالة التي أرسلتها نفرتيتي، زوجة فرعون المصري من وادي النيل إلى الملك الهيتيتي (شوݕي لوليوما) في بلاد الأناضول قبل ميلاد عيسى المسيح (عليه السلام) ب1300 عاماً. ويقول الصحافيان في بحثهما الطويل المنشور في تلك الجريدة، الذي اختصرناه لكم بمقالين لأهميته، بأن السيد (راي توملينسون) الذي ابتكر الإيميل في عام 1971، وكان هدفه إبتكار أداة إلكترونية يستغني بها الإنسان عن استخدام الورق والحبر، ما كان يعلم أن تمكنه من إرسال 10 حروف كبيرة عشوائية من كومبيتره إلى كومبيوتر آخر سيغير وجه العالم كما يقال، واحتاج المبتكر آنئذٍ إلى عنوان وإلى إشارة (@) التي لها الآن أسماء مختلفة في شتى أنحاء العالم، وكانت هذه الإشارة قبل ذاك تستخدم في اختصار الكتابة لدى البائعين مثل (5 تفاحات@2 دولار)، ووضع بذلك تولينسون أساس البريد الالكتروني، الذي انطلق ليصبح عملاقاً لايضاهيه أحد في قوته.
وصل الإيميل إلى ألمانيا قبل ثلاثين عاماً فقط، واستخدمت جامعة مدينة دورتموند الألمانية أول جهازٍ خادمٍ الكتروني له في هذا المجال، وهاهو الآن يشكل دعامةً هامة من دعامات الثقافة، وفي عام 1998 أخذ قاموس أوكسفورد الإنجليزي كلمة "سݕام –Spam" كأحد الكلمات التي يطلق عليها تسمية "الكلمة المدفعية"، أي المنطلقة بقوة وسرعة، وجعل المتحف الحديث في عام 2010 إشارة (@) رمزاً له، بل إن بعض شركات تسجيل الايميل أي الخدمة الالكترونية تسمح لزبائنها تحديد الوقت الذي يختارونه لحذف إيميلاتهم من سجل الشركة بعد وفاتهم.
هذا الابتكار العجيب الذي كان هدفه متواضعاً وعصرياً تحول إلى عدوٍ خطير للإنسان، حيث يتذمر معظم مستخدمي البريد الالكتروني من ضخامة عدد او حجم الرسائل التي تصلهم على شكل "سݕام – Spam" غير مرغوب لديهم، ومن عدم سلامة مراسلاتهم من اقتحام الغرباء ونسخها، بل وتحوير مضامينها، ومن مراقبة مستديمة من وكالات الدعاية التي تريد معرفة أذواق وأخبار وطبائع المساهمين، أفراداً وشركاتٍ، في استخدام شبكات الإيميل، وكذلك من مراقبة الأجهزة الأمنية ولصوص الانترنت الذين يعملون لجهاتٍ أجنبية، يتلصصون على كل شيء شخصي أو متعلق بأماكن العمل والإنتاج... كما أن قراءة وحذف وإجابة الإيميلات يأخذ ما يقارب (20) أسبوعياً من وقت الإنسان المهتم باستخدام الإيميل. ولذلك فإن بعض الشركات الكبيرة تعامل مستخدمي الإيميل الخاص أثناء وقت العمل بصرامة، ومنها ما يمنع وصول الإيميلات المتعلقة بالعمل بعد انتهاء الدوام ومنها ما قد أضاف برنامجاً لاستخدامات الشركة الإلكترونية يحذف الرسائل تلقائياً بمجرد وصولها إلى عناوين عمالها وموظفيها، وبخاصة أثناء عطلاتهم السنوية ليتمتعوا بوقتهم أكثر. وقد وضعت شركة إي تي – كونسرن آتوس هدفاً كبيراً لها هو "زيرو –إيميل" لأكثر من 47000 عامل لديها في نهاية العام القادم. وهناك من يعمل من أجل إيجاد بديل للإيميل مثل شركة سالسفورس لتطوير البرامج الإلكترونية.
(يتبع...)



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.