ولات احمه : الحراك الشبابي الكردي في سوريا بين الواقع والطموح

2013-11-23

كان للشباب الكرد الدور الرئيس في قيادة الاحتجاجات ضد النظام السوري إبان أحداث انتقاضة 12 آذار/ مارس 2004، ليشكل ذلك التاريخ مرحلة انعطافٍ مهمة لدى شريحة الشباب، ودفعهم نحو تأطير ومأسسة نشاطاتهم وفعالياتهم ضمن أطر وهياكل تنظيمة، كانت لها الدور الفاعل في قيادة الاحتجاجات المناهضة للنظام في الثورة السورية.

لم يتوان الحراك الشبابي الكردي في سوريا عن مهامه وواجباته في الثورة السورية المناهضة للنظام، منذ اندلاعها في أواسط آذار / مارس 2011، وعمل جاهداً على إيصال موقف الشباب، والشعب الكردي إلى جميع المدن والمحافظات السورية، في صورةٍ واضحةٍ عن رفضهم القاطع للنظام القائم في سوريا منذ أربعة عقود، ودعا بكل علانيةً إلى إسقاط النظام السوري بكل مرتكزاته ورموزه، متزامناً مع غيابٍ شبه تام للفصائل السياسية الكردية على اختلاف أطرها وتوجهاتها في اتخاذ موقف سياسيًّ تنفيذيًّ تجاه ثورة الكرامة.

استطاع الحراك الشبابي الكردي عبر المجموعات والحركات التي تأسست في خضم الثورة السورية وقبلها، على إثبات قوته تنظيمياً وإدارياً في إحياء الفعاليات، وقيادة التظاهرات والاعتصامات، متجاوزاً كل الطرق والسبل التي عملت على إجهاض قيادته الميدانية والسياسية في المدن الكردية، إلى جانب رفضه لكل الإملاءات والإغراءات من قبل أطراف مختلفة حاولت واجتهدت على تفريغ الحراك الشبابي من مبادئه وتطلعاته، واستمالته نحو الصمت الحزبي، بالإضافة لآلة القمع والاعتقال وملاحقة النشطاء من قبل الفروع والأذرع الأمنية.

عمل الحراك الشبابي الكردي عبر أطره ومجالسه في تقديم رؤيةٍ سياسيةٍ مشتركةً حول مستقبل سوريا، داعياً لتأسيس نظامٍ برلمانيٍّ ديمقراطي مبنيٍّ على التعددية والتداول وفصل السلطات وسيادة القانون، وحماية حقوق وخصوصية كافة مكونات الشعب السوري، والاٍقرار الدستوري بكون سوريا دولة متعددة القوميات، إلى جانب نبذ جميع أفكار التفكير الشمولي، والقطيعة مع جميع المشروعات الإقصائية والاستئصالية، ونبذ العنف في ممارسة العمل السياسي، بالإضافة إلى تكريس مفهوم الانتماء الوطني السوري في الوعي والسلوك الاجتماعي من خلال تمتين أواصر الأخوّة التاريخية والشراكة بين كافة القوميات ومكونات المجتمع السوري.

أن تشتيت ومحاولات شقِّ صفوف الكيانات الشبابية من قبل الأحزاب الكردية، كانت آيةً واضحةً على مدى نجاح الحراك الشبابي في قيادة الشارع الثائر، وكان سلوكاً مجحفاً ومدروساً من قبل الأحزاب الكردية، التي فشلت في التغلب على المزاج الاحتكاري الحزبوي لسدة القيادة، إلى جانب عدم افساحها المجال لباقي الأطر والتنظيمات الغير حزبية في مزاولة العمل المدني والثقافي والسياسي، متجاوزين بذلك كل القيم والمعايير التي تشرعن أحقية العمل للجميع دون تمييز. لذلك كان السلوك الديماغوجي الذي يستخدم و يُمارس مع قطاع الشباب، ومضاجعة الأحرف واللجوء إلى الخطاب الطوباوي، والعمل في العزف على وتر الحسّ القومي، أمست طرق ممنهجة غايتها تفريغ وإبعاد الشباب عن مجمل النشاطات والقدرات الفكرية والذهنية المدنية، ومحاولة لجــرالشباب للسجود لقاعدة سياسية ثقافية كلاسيكية فقدت وزنها ومحيطها كمّاً وكيفاً.

بالرغم من المحاولات الحزبية الكردية الجادة في لوي ذراع الشباب الكرد، وإبعادهم عن المفاصل الدقيقة في الحياة الثقافية والسياسية الكردية والسورية، كان بمقدور الشريحة الشبابية في التفاعل مع الحدث الثوري اليومي، إلى جانب التواصل والعمل في العديد من الفعاليات السورية، وكان عضواً مؤسساً في العديد من الفعاليات الكردية والسورية، ليكون بذلك الجسر الواصل بين الحدث الكردي والسوري، وبمثابة صمام الأمان للحد من الهوة واختلال التوازن والتواصل الكردي - العربي، لكن التهميش واللامبالاة من قبل الأطر الثقافية والسياسية السورية تجاه الشباب الكرد، كان الدافع الرئيس في الشرخ الحاصل بينهما، وصورةً واضحةً لمعاناة وتشتيت الحراك الشبابي الكردي بين سندان الأطر السورية ومطرقة الأحزاب الكردية.



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.