الإصلاح الاقتصادي في كُردستان سوريا

  كُرد زانا                                                

 عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا

 
   لا تستطيع كُردستان سوريا الوصول إلى الحرية السياسية الحقيقة بشكل
منفصل عن الحرية الاقتصادية والعكس صحيح، فالنهضة الاقتصادية في كُردستان
سوريا يجب أن تقوم جنباً إلى جنب مع النهضة السياسية التي تحصل الآن، لكن
هذه النهضة لا يمكن أن تتحقق إلا بالإصلاح الاقتصادي لمخلفات الاقتصاد
الماضي. إذ يعتبر موضوع الإصلاح الاقتصادي من أهم المواضيع على الصعيد
الاقتصادي في كُردستان سوريا،
وذلك من منطلق المبررات والتحديات التي
تستوجب عملية الإصلاح المنشود. فالاقتصاد في كُردستان سوريا عانى ويعاني
من ركود شديد تعود أسبابه لظروف مختلفة أدت بنتيجتها إلى تباطؤ معدلات
النمو الاقتصادي، بنسب أقل مما يفترض أن يكون لمواجهة معدلات النمو
السكاني فيها.
   تتمحور عملية الإصلاح الاقتصادي في كُردستان سوريا حول شكله ومضمونه،
وكذلك ما هو المناسب لواقعها، وعليه فهناك عدد من الأسئلة تطرح نفسها
كجزء من إشكالية الإصلاح الاقتصادي في كُردستان سوريا مثل:
1- هل تتوافر الإرادة والقرار السياسي للإصلاح المنشود في كُردستان سوريا؟.
2- ما هو شكل الإصلاح الاقتصادي المناسب لكُردستان سوريا؟.
   تأتي أهمية الإصلاح الاقتصادي في كُردستان سوريا من منطلق المشكلات
التي تعاني منها اقتصادها، فاقتصاد كُردستان سوريا يعاني من:
1- النمو الاقتصادي الضعيف في سوريا بشكلً عام، وفي كُردستان سوريا بشكلٍ
خاص، كون أنَّ المظهر الاقتصادي العام في السابق كان مرآةً للواقع
السياسي المتمثل بمركزية مفرطة من قبل النظام السوري، وكان نموذجه
الاقتصادي يستند على نهج متنفذ من التدخلية وإعادة التوزيع يقوم على
تخطيط الدولة فقط.
2- ارتفاع معدلات النمو السكاني مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي،
وبالتالي ازدياد نسبة البطالة في المنطقة.
3- تقادم التكنولوجيا والمعدات، مما يؤدي إلى ضعف إنتاجية العمل.
4- هجرة الآلاف من العقول والأطر الفنية من كُردستان سوريا باتجاه الخارج
لأسباب سياسية واقتصادية  وأمنية.
5- تدني رواتب وأجور العاملين في القطاعات كافةً.
   فمن منطلق هذه المشكلات تحتاج كُردستان سوريا إلى مرحلة انتقالية
(مرحلة الشروع بعملية الإصلاح الاقتصادي) تقوم فيها بعمليات تكييف أنظمة
عملها وآلياتها مع الاقتصاد ورفع خبراتها به. فمجالات الإصلاح الاقتصادي
الأكثر إلحاحاً التي يجب إنجازها الآن في كُردستان سوريا هي:
- أولاً: الإصلاح الزراعي:
   ما زالت الزراعة في كُردستان سوريا تعتمد أساليب عمل تقليدية وما زالت
ضعيفة الإنتاجية ومحدودة المردود. وتحتاج كُردستان سوريا إلى برنامج
لإعادة هيكلة الزراعات الأساسية باتجاه رفع المنفعة من خلال:
1- البحث عن الانتفاع الأفضل بالسلع الزراعية الفائضة، مثل الزيتون
والخضار عبر تحقيق برنامج تصدير ناجح إلى الداخل السوري أو الخارج، سواء
كان للمنتجات الزراعية أو للصناعات الغذائية.
2- إحداث غرفة زراعة تعنى بالشؤون الزراعية خاصة أنَّ الزراعة هي المساهم
الأول في الناتج المحلي في المنطقة.
3- إلغاء سقف الملكية في الزراعة (الذي كان يعتمد عليها في الدولة
سابقاً) لإفساح الطريق أمام الزراعات الكبيرة المكثفة المعتمدة على رأس
المال.
4- تطوير البحث العلمي الزراعي، وإحداث هيئة مستقلة بأنظمة متطورة بعيدة
عن روتين أنظمة الدولة.
- ثانياً: الإصلاح الصناعي:
   فالوجهة الملائمة لاقتصاد كُردستان سوريا هي وجهة تعزيز اقتصاد إنتاجي
يقوم على صناعة السلع والخدمات الإنتاجية بالدرجة الأولى، أكثر مما هو
اقتصاد خدمات. وهذا يتطلب اهتماماً خاصاً بالصناعة والعلم والتكنولوجيا.
إذ يمكن للصناعة في كُردستان سوريا الاستفادة من هبات الطبيعة، وإنتاج
المواد الأولية والخام، إضافة إلى صناعات تحويلية بسيطة. كما تحتاج
الصناعة في كُردستان سوريا إلى دراسة جيدة للصناعات التي يمكن العمل بها
ووضع برامج مدروسة لتطوير صناعات معينة.
- ثالثاً: الإصلاح الاستثماري:
   اقتصاد كُردستان سوريا يواجه منذ أكثر من خمسين سنة حتى اليوم هروباً
لرؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، نتيجة هشاشة الاقتصاد السوري من جهة
ولاعتبارات سياسية وأمنية من جهة أخرى، وبالتالي فأنَّ إصلاح هذه المجال
يحتاج إلى توعية أصحاب رؤوس الأموال الوطنية (المستثمرين) بضرورة
الاستثمار في مناطقهم بعد تقديم ضمانات وامتيازات تضمن لهم حقوق
الاستثمار (مثل تقديم الإعفاءات الضريبة على مشاريعهم، وتقديم القروض،
وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير لمنتجاتهم...الخ).
   أذاً يحتاج الإصلاح الاقتصادي في كُردستان سوريا إلى النظر لمكوناته
على نحو مندمج وألا يعالج كل جانب منها على نحو منفصل من جانب لجان
مستقلة، بل يجب دمجها في برنامج موحد وهذا يحتاج إلى تشكيل لجنة عليا
للإصلاح الاقتصادي تضع التوجهات العامة للإصلاح في برنامج موحد مع لجان
قطاعية يعالج كل منها جانب من جوانب برنامج الإصلاح الاقتصادي.
- الخاتمة:
   في النهاية لا بد من علاج الواقع الاقتصادي في كُردستان سوريا ووضع
الحلول اللازمة والمناسبة للنهوض به،  فالإصلاح يجب أن يبدأ من ضرورة
حاجة المجتمع الذي يعيش في كُردستان سوريا وتطلعاته المتمثلة بالتنمية
المستدامة وتحسين المستوى الاجتماعي لأفراده، فهذه الحاجات والتطلعات
تحدد الأهداف، ومن هذه الأهداف يتم وضع الخطط والبرامج التنفيذية للتطبيق
العملي ورسمها، فيكون مدخلاً موضوعياً يهيئ الشروط الموضوعية المناسبة
لرسم سياسات اقتصادية اجتماعية تجعل من كُردستان سوريا منطقة قادرة على
مواجهة التحديات والنهوض بأعبائها، وتخلق القاعدة الضرورية القادرة على
مواجهة التحديات الداخلية التي تواجه اقتصادها.
 
 
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك:
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.