بيان إدانة من المجلس الوطني الكردستاني - سوريا

2013-07-28

منذ بداية الثورة السورية وغالبية فصائل الحراك السياسي السوري تتهرب من الاعتراف الصريح والمناسب بوجود قضية قومية كردية في سوريا، قضية شعبٍ له في القانون الدولي حق تقرير المصير، إلا أنه يعيش منذ بناء الدولة السورية بعد اعلان الاستقلال في عام 1946 وإلى اليوم، محروماً من التمتع بهذا الحق، على أرض وطنه التاريخي، بسبب المصالح الاستعمارية وقواعد "لعبة الأمم" السياسية،

التي لم تكن في يومٍ من الأيام لصالح الشعوب المستضعفة. وبسبب عدم اعتراف أركان المعارضة السورية وأركان الجيش السوري الحر، وما حولها من تنظيمات وموجموعات غير تابعة له أو غير منتظمة في الإئتلاف الوطني وهيئة التنسيق الوطني، بهذا الحق الطبيعي وبالوجود الواقعي التاريخي لشعبنا، فإن الجفاء قد ازداد عمراً والشرخ قد تعمق بين قوى المعارضة الكردية وقيادات الحراك الوطني السوري، وبالتالي فإن هذا أفسح المجال لظهور مظاهر عدم الثقة بين بعض أطياف المعارضة التي أهملت الملف الكردي، مما دفع بالقوى التكفيرية إلى حشد الكثير من السوريين، وفي مقدمتهم أبناء العشائر التي تعيش في الجوار الكردي، وتجنيدهم للهجوم على المنطقة الكردية، سابقاً في سرى كانيى (رأس العين) واليوم في كرى سبي (تل أبيض)، وذلك بإطلاق بالونات دعائية تحمل ألواناً عقيدية وشعارات حاقدة على الكورد ونعرات عنصرية واضحة تستبيح أرواح وأعراض وأموال هذا الشعب، لاتقل عدواناً  عن عدوان الصربيين على شعب البوسنة والهرسك، كما لاتقل جريمة ضد الإنسان عما يفعله نظام الأسد الطائفي الفاشي ضد شعبنا السوري في مدينة حمص وسواها من المدن السورية الأخرى.      

                                                                                                             

يجب النظر إلى ما يحدث الآن في المنطقة الكردية وتقييم الأحداث الجارية فيها، ضمن إطار "اللااعتراف" هذا بالواقع الاثني التعددي وبالوجود القومي الكردي كأحد أكبر مكونات المجتمع السوري، كما يجب اعتبار ما يجري نتيجة حتمية لخطأ التحليل والتفكير والتاكتيك السياسي للمعارضة السورية التي وضعت - كما نرى بوضوح -  علاقاتها ببعض دول الجوار فوق مصلحة الأمن الوطني والسلام الأهلي بين مكونات الشعب السوري، كما أن ما يحصل في هذه المنطقة اليوم من خروقات صارخة لحقوق الإنسان وتجاذبات سياسية وتمزيقٍ مرعب للنسيج الوطني السوري لايمكن عزله عن التراكمات التاريخية الهائلة الناجمة عن تعشعش الفكر البعثي العنصري الفاشي في رؤوس الكثيرين من القابعين في حجرات القيادات للمعارضة السورية.                                                                 
إننا في المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا لا ولم نقم بتحليلاتنا وتقييمنا للأوضاع السورية عامةً والكردية خاصة من زواية قومية ضيقة كما يظن البعض، ولا ننحاز هنا لفئة كردية ضد فئة عربية، وإنما نؤكد على ضرورة وضع جوهر القضية وجذور المشكلة الأساسية على طاولة التشريح، إذ لايمكن التقنع بتبريرات لهجوم المجموعات التكفيرية على بعض انحاء المنطقة الكردية بالخلافات الناجمة عن تعامل حزبٍ كردي مع تنظيمات مسلحة من خارج المنطقة أو نزاع جماعاتٍ محلية بين بعضها البعض، وإنما لأن إهمال المعارضة السورية لفهم القضية الكردية وتجاهلها لنداءات أهل المنطقة وسكانها لانصافهم في مجالات الإغاثة وتلبية مطالبهم اليومية، وعدم قدرة الجيش السوري الحر على أداء واجبه الوطني في الدفاع عن المنطقة، هي الأسباب الحقيقية وراء ما يحدث الآن من كارثة وطنية، قد تؤدي إلى صراعاتٍ أوسع، ليست في صالح الكورد والعرب والقوميات التي تعيش بين ظهرانيهم، وإنما تخدم مصالح دولٍ إقليمية مثلما تخدم سياسة النظام الأسدي التي تدفع الأمور صوب تأزيم العلاقات بين المكونات القومية والدينية وضربها بعضها ببعض، بل وإعلانها الحرب على بعضها، ليتفرغ من خلالها إلى تصفية الفصائل الثائرة في أماكن خطيرة على نظامه مثل أحياء دمشق وغوطتها، ولتبرير تصفية الوجود السكاني السني في المنطقة الواقعة بين مدينة حمص في وسط البلاد وجبل العلويين في غرب البلاد، تمهيدأً لإقامة الدولة العلوية.                                                                      
نحن في المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا لسنا من أنصار "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" بالمفهوم العربي الجاهلي، ولذلك ننتقد جانباً هاماً من سياسات حزب الاتحاد الديموقراطي الذي عقد سابقاً مع جبهة النصرة المحسوبة على المنظمات الإرهابية دولياً والتي يشك بها الكثيرون من السوريين من حيث الانتماء ومن حيث العلاقة مع النظام، إلا أننا لانستطيع اتخاذ الحياد أو سياسة اللامبالاة حيال هجومٍ تقوم به جماعات متطرفة متذرعة بالشريعة والدين على شعبنا الكردي الذي خدم هذه الشريعة وهذا  الدين منذ أن تعرف عليهما في عصورٍ سحيقة في التاريخ، ولايمكن السكوت عن هذه السياسات التي تتعارض ومصالح التضامن والتآلف بين مكونات الشعب السوري وتخدم سياسة "فرق تسد" التي ينتهجها النظام وعملاؤه ونشطاؤه، فإن دماء الكورد وأموالهم وأعراضهم "خط أحمر" لكل من يعتبر نفسه كردياً ويحمل ذرةً من وجدان إنساني. ولذلك ندين وبشدة:                                                                                                                                                                     
 - كل أشكال العنف التي يمارسها المهاجمون المتطرفون والإرهابيون على المنطقة الكردية واعتداءاتهم على شعبنا وحركته الوطنية وممتلكات المواطنين وأعراضهم، ونطالبهم بالعودة إلى ديارهم ومن حيث أتوا والكف عن التصرف بحياة المواطنين وكأنهم غزاة في أرضٍ محتلة.                       - سكوت المعارضة السورية ومختلف قواها التي تزعم أن كفاحها من أجل الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان على همجية هذه القوى الغازية.                                                                                           
- عدم قيام منظمات الإغاثة السورية والعالمية بواجباتها الإنسانية في المنطقة الكردية، حيث يؤدي إهمال هذه الناحية من المسائل إلى النزاعات المحلية التي تتحول إلى صراعات سياسية حادة.               
كما أننا نرفض تحويل المنطقة الكردية إلى ساحةٍ للصراع الإقليمي الكبير، وإلى مرتعٍ للمنظمات المتطرفة، من أي جهة كانت. كردية أو غير كردية، وندعو كل الأطراف الكردية والكردستانية إلى التعاون والتنسيق من أجل دعم جبهة شعبنا في غرب كوردستان، كما نطالب فصائل الحركة الوطنية الكردية في المنطقة التي تحدث فيها التجاوزات والصدامات، وفي كل مكان خارج هذه المنطقة، إلى الاعتراف بأخطائها والعمل من أجل وحدة الخطاب الكردي السوري وتوحيد قوى شعبنا الثائرة ضد النظام المستبد وتعزيز علاقاتها بالمعارضة الوطنية السورية التي تعترف بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه على أرض وطنه التاريخي، ضمن وحدة البلاد السورية.    
                      
المجلس الوطني الكردستاني – سوريا  
 
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.