الليرة السورية (عوامل القوة والضعف) محاضرة للنشر جمعية الاقتصاديين الكرد سوريا

 عقدت جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا وبالتعاون مع منتدى سليمان آدي،

محاضرة للباحث جوان فداء الدين حمو بعنوان:
الليرة السورية (عوامل القوة والضعف)
Leyra sûrî, egerên qelsbûn û hêzdariyê
   وذلك يوم الجمعة  19/ 7/ 2013 الساعة الثامنة والنصف مساءً، في منتدى
سليمان آدي في الحي الشرقي بقامشلو، مقابل شركة برافو، وكانت المحاضرة
للدكتور مسلم طالاس ولكن بسبب إغلاق الطرق بين كوباني والجزيرة لأمو
أمنية لم يتمكن الدكتور مسلم طالاس من الوصول إلى قامشلو واعتذر عن
المحاضرة،
فاستعانت الجمعية وبالتعاون مع منتدى سليمان آدي بالباحث جوان
فداء الدين حمو عضو جمعية الاقتصاديين الكرد، واغنى الباحث المحاضرة
وكانت هناك مداخلات عدة من الحضور، والباحث جوان طالب دكتوراه في
الاقتصاد والعلاقات الدولية- جامعة حلب.
وفيما يلي نص المحاضرة:
الليــرة السوريــة
(عوامل القوة والضعف)
جوان فداء الدين حمو
عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
 
أولاً: تعريف الليرة السورية وآلية تحديد سعر صرفها:
تعرف الليرة السورية بأنَّه النقد الذي يتم تداوله داخل سورية بهدف بيع
وشراء السلع والخدمات، وخارج سورية في مجال التجارة الخارجية (الصادرات
والواردات) وفي العمليات المصرفية.
بحلول منتصف عام  2005أصبحت آلية تحديد سعر صرف الليرة السورية لدى مصرف
سورية المركزي ترتكز «على إستراتيجية متكاملة في الأجل القصير والمتوسط
والطويل».
فعلى المدى القصير يتم تحديد سعر الصرف يومياً بالاستناد إلى مجموعة من
المؤشرات، وذلك من أجل إرسال إشارات واضحة للسوق حول توجهات مصرف سورية
المركزي فيما يتعلق بسعر صرف الليرة السورية.
وعلى المدى المتوسط يتم استهداف سعر صرف مستقر لليرة السورية بما يضمن
تقليل تقلباتها مقابل العملات الأخرى.
وعلى المدى الطويل يعمل مصرف سورية المركزي على إدارة سعر صرف حقيقي فعال
قريب من مستوياته التوازنية بحيث يحقق تنافسية الاقتصاد السوري، مع
التركيز على هدف مصرف سورية المركزي في الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة
باعتباره الهدف النهائي له.
أما الشكل العملي لآلية التحديد فيحددها المصرف المركزي بإصدار نشرة
يومية لأسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية تمثل الحد
الأعلى والأدنى للسعر المسموح للمصارف ومؤسسات الصرافة المرخّصة التعامل
مع زبائنها على أساسه بدءاً من 2005/5/8.وذلك بعد أن كان المصرف التجاري
السوري يقوم بإصدارها، غير أن المصرف يوضح أنه «وبشكل فعلي فقد كان سعر
الصرف يتحدد خارج سورية ولفترة طويلة من الزمن»، أما اليوم «فإنَّ سعر
صرف الليرة السورية يتحدد من قبل مصرف سورية المركزي وبالاستناد إلى عدة
عوامل وفي مقدمتها العرض والطلب في السوق المحلية».
وفيما يتعلق بعملية تسعير الليرة السورية بشكل يومي يشير المصرف إلى وجود
فريق عمل متخصص بتحديد سعر الصرف في المصرف المركزي، ومهمة الفريق الأخير
تقوم بجمع كافة المعلومات المتوافرة لديه حول مراكز القطع الأجنبي لدى
المصارف العاملة في السوق المحلية بالليرة السورية ومقيمة بالدولار
الأمريكي ومراكز العملات الرئيسية المكونة لها، إضافة إلى تعادل أسعار
صرف العملات الأجنبية في الأسواق العالمية، ومؤشرات تطورات العرض والطلب
على القطع الأجنبي في السوق المحلية»، وبناء على هذه المؤشرات يتم تحديد
سعر صرف الليرة السورية مقابل الليرة السورية والعملات الأخرى وفقاً
للمصرف.
 
ثانياً: عوامل قوة وضعف الليرة السورية:
يجمع جميع الدارسين والعارفين بعلم الاقتصاد أن قوة العملة تأتي بالدرجة
الأولى من قوة الدولة صاحبة العملة ثم بالدرجة الثانية مدى قدرة الدولة
على الحفاظ على سعر صرف العملة بما تملكه من احتياطي عملات أجنبية وذهب
ثم تأتي عوامل أخرى أقل أهمية.
 
وفيما يتعلق بالليرة السورية فأنَّ أهم عوامل قوة وضعف الليرة السورية
تتمثل فيما يلي:
1- الاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا:
إذ نرى أنَّ تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في سورية نتيجة الأزمة
منذ مطلع عام 2011 ساهم في إضعاف قيمة الليرة السورية.
2- الاحتياطيات من القطع الأجنبي والذهب:
تستخدم الاحتياطيات الدولية وهي الموجودات الأجنبية المتاحة من الذهب
والنقد الأجنبي واحتياطي البلد في صندوق النقد الدولي وحيازات حقوق السحب
الخاصة لتزويد الاقتصاد الوطني لأي دولة بتأمين داخلي ضد الأزمات
الخارجية ومعالجة الاختلالات في سوق النقد الأجنبي.
 تتكون الاحتياطيات الدولية في الاقتصاد السوري من العملات والودائع
والذهب النقدي وحقوق السحب الخاصة والاحتياطي في صندوق النقد الدولي
ويحتفظ مصرف سورية المركزي بعملات من الدولار بنسبة 44% واليورو بنسبة
34% والجنيه الإسترليني بنسبة 11% والين الياباني وباقي العملات بنسبة
11%.
فالاحتياطيات النقدية الأجنبية تلعب دوراً مهماً على الصعيد الاقتصادي
والمالي والنقدي في مثل الحالات التي نمر بها، فهي إلى جانب مساعدتها في
تأمين النقد الأجنبي اللازم لمواجهة احتياجات عمليات الاستيراد والوفاء
بالالتزامات الخارجية وخاصة خدمة الدين العام، فإنها تقوم بدعم الثقة في
سياسات إدارة النقد وسعر الصرف بما يعزز القدرة على التدخل في سوق الصرف
دعماً للعملة المحلية كما أنها تزيد من القدرة على امتصاص الصدمات
الخارجية وتخفف من وطأة تأثير نزوح أو تهريب العملة المحلية وتراجع
الاستثمار الأجنبي، ومن هنا تنطلق أهمية الإدارة السليمة والحكيمة
للاحتياطيات باعتبارها أحد مؤشرات قوة اقتصاد الدولة، وبالتالي مواجهة
المخاطر وضبط العديد من عوامل قوة الاقتصاد.
 
وتجدر الإشارة إلى أن السلطة النقدية في سورية فرطت في القطع الأجنبي
لصالح الدولة نتيجة الصراع الدائر فيها، الأمر الذي أدى إلى تدهور في
احتياطياتها من القطع الأجنبي والذهب فحسب العديد من الدراسات فأن
احتياطها من القطع الأجنبي قد انخفض من 18 مليار دولار منذ بداية عام
2011 إلى اقل من 3 مليارات دولار إلى الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن إحدى تقارير بنك التمويل العالمي لعام 2012 أشارت
إلى أنَّ مخزون سوريا من الذهب جاء في المرتبة 53 عالمياً حسب الجدول
التالي:
 
الدولة  المرتبة كمية الذهب/ بالطن
السعودية        16      322.9
لبنان   18      286
الجزائر 22      173.6
ليبيا   24      143.8
الكويت  35      79
مصر     36      75.6
سورية   53      25.8
 
3- الوفر أو العجز في الميزانية السورية:
تعتمد الميزانية السورية في الدخل على 60%  ضرائب داخلية من الشعب، 15%
السياحة، 10% النفط، 5% متفرقات. وتصرف هذا الدخل في دعم الكهرباء
والمازوت 40% ، دعم المستوردات الأساسية 20% ، الرواتب وباقي الخدمات
40%. الشعب توقف عن دفع الضرائب بسبب الأزمة وبسبب حملات شعبية ، السياحة
معدومة حيث وصلت نسبة إشغال الفنادق إلى صفر، وتصدير النفط معدوم
تقريباً. الحكومة بالمقابل قلصت إستهلاك الكهرباء والمازوت ورفعت يدها عن
دعم المستوردات الأساسية، وبالتالي فالميزانية السورية تعاني من عجز
الأمر الذي انعكس سلباً على قيمة الليرة السورية.
4- الوفر أو العجز في الميزان التجاري السوري:
من المعروف أنَّه عندما يشهد الميزان التجاري وفراً هذه يعني تجاوز قيمة
الصادرات للواردات وبالتالي تركم للقطع الأجنبي في الداخل. والعكس صحيح،
فعندما يشهد الميزان التجاري عجزاً هذا يعني تجاوز قيمة الواردات
للصادرات وبالتالي خروج القطع الأجنبي للخارج.
 وفي الحالة السورية نرى أن الميزان التجاري السوري يشهد عجزاً منذ عام
2005 وحتى الآن وأحدث إحصائية لدينا هي ما تحدث عنه المكتب المركزي
للإحصاء عن أن العجز في ميزان التجاري السوري عام 2009 يزيد عن 225 مليار
ليرة سورية بينما لا يوجد إحصاءات رسمية عن العجز في أعوام 2010 و 2011.
والسبب الأساسي لهذا العجز يعود إلى أهم سبب وهو توقف الصادرات النفطية
السورية الذي كان حصيلته يؤمن النسبة الأكبر من القطع الأجنبي. (حيث كان
الميزان التجاري السوري رابح مع النفط وخاسر بدونه).
 
كما انعكس تراجع الإنتاج وتراجع الطلب وتراجع الاستثمار على تراجع
المستوردات، عدا مستوردات السلاح والمشتقات النفطية من روسيا وإيران.
فتراجع إنفاقها على مستوردات مستلزمات إنتاج قطاعها العام ومستوردات
مستلزمات قطاعها الخدمي مثل قطاع توليد الكهرباء وإنتاج الماء وقطاع
التعليم والصحة ومستلزمات قطاع الري ومستلزمات قطاعها الإداري (مثل
السيارات والتجهيزات ومستلزمات المباني، قطع الغيار، ومستلزمات التشغيل
..الخ).
5- الجدارة الائتمانية لليرة السورية في الخارج:
الليرة السورية عملة غير منتشرة، فليس لها تواجد قوي وهي ليست عملة دولية
، بمعنى أن هذه العملة غير متوفرة في كثير من دول العالم، ولا تتوفر
أيضاً في كثير من الدول العربية، وبالكاد تتوفر في بعض دول الخليج ولبنان
والأردن. وبناءً على ذلك فالعالم لا يتضرر إذا انهارت الليرة، فالدولار
مثلاً يحمي نفسه بالانتشار العالمي، فإذا انخفضت قيمته تدخلت كل الدول
لحمايته لأنَّ عندها احتياطي منه، أما الليرة فغير موجودة ولن يتضرر أحد
بانهيارها.
 
6- المعونات أو العقوبات الاقتصادية:
إنَّ العقوبات الاقتصادية على سورية من الأسباب الرئيسية لتراجع سعر صرف
الليرة السورية نتيجة قرارات المقاطعة والعقوبات (الأوروبية والأميركية
والعربية) والعقوبات المصرفية التي ساهمت جميعها في تراجع حصيلة القطع
الأجنبي من تصدير السلع الرئيسية سواء النفط والمواد الخام الأخرى أو
صادرات القطاع الخاص الصناعية، وفي ارتفاع كلف عمليات الاستيراد.
 
7- تحويلات السوريين من الخارج:
يساهم تحويلات العاملين في الخارج إلى رفع قيمة العملة المحلية من خلال
ضخه للعملات الأجنبية إلى الداخل لكن تراجع تحويلات السوريين العاملين في
الخارج ليصبح شبه معدوماً والتي كانت تقدر 3 مليار دولار سنوياً.
8- النشاط السياحي:
يساهم قطاع السياحة كما نعلم في رفد ميزانية الدولة بالقطع الأجنبي
وبالتالي يساهم في رفع قيمة العملة المحلية لكن تراجع السياحة في سورية
نتيجة الصراع الدائر أدى إلى تراجع حركة السياحة والذي كان يدر دخلاً،
يقدر بنحو 3.7 مليار دولار أميركي عام 2010. (بحسب نشرة المصرف المركزي -
ميزان المدفوعات) هذا القطاع الذي يشكّل نحو 12 في المائة من حجم الدخل
القومي السوري.
9- دخول وخروج أصحاب رؤوس الأموال:
غادر سوريا الكثير من كبار رجال المال والأعمال، وقام عدد منهم بتفكيك
مصانعهم ونقلها إلى دول عربية.
كما وصل الكثير من رؤوس الأموال إلى الإمارات، فضلا عن تلك التي هاجرت
إلى تركيا ومصر والأردن، ذلك بعد تزايد طلب تلك الفئات على الدولار من
أجل تحويل مدخراتها إلى الخارج (دبي – بيروت – تركيا – أوروبا)، خوفاً من
تدهور سعر صرف العملة السورية، وقدر تقرير معهد التمويل الدولي الصادر في
آب 2012، الأموال التي غادرات سورية بنحو 10.5 مليار دولار منذ آذار 2012
وهناك تقديرات غير رسمية ظهرت عبر وسائل الإعلام ،قدرت حجم هذه الأموال
بالحد الأدنى بنحو 15 مليار دولار أميركي.
 
إذ يقدر الادخار في الاقتصاد السوري في السنوات الأخيرة بنحو 25% من حجم
الناتج المحلي الإجمالي الذي يقدر ب 60 مليار دولار عام 2010، أي نحو 15
مليار دولار. ونقدر أن أكثر من نصف هذا المبلغ يغادر سورية بسبب توقف
الاستثمار. وجزء من رؤوس الأموال التشغيلية التي تفيض عن حاجة الشركات
الخاصة بسبب انكماش أعمال معظمها.
وبذلك تراجع تحويلات المستثمرين سواء كانوا مستثمرين سوريين أو أجانب.
وقد كانت تقدر بنحو 1.85 مليار دولار عام 2010، بحسب تقرير الاستثمار
العالمي لمنظمة الأونكتاد.  بينما لم يدخل إلى سورية عام 2012 أي استثمار
أجنبي.
 
 
- أسباب تحويل الليرة السورية إلى دولار:
السبب الرئيسي لتحويل الليرة السورية إلى دولار إلى دولار بدافع السفر
والتحوط من المستقبل والاكتناز أما الأسباب الأخرى فتتمثل بتحقيق ربح من
وراء المضاربة على الدولار.
- الإجراءات الحكومية للحفاظ على قيمة الليرة السورية:
لتدارك هروب العملة الصعبة (الدولار) عمد المصرف المركزي السوري إلى
السماح -للمرة الأولى- بفتح حسابات توفير بالدولار واليورو شرط تجميد
الرصيد لمدة ستة أشهر. كما رفع المصرف مستوى الفائدة للحسابات المودعة
بالليرة السورية إلى 11%، بينما كانت ما بين  5و7% حسب فترة الإيداع.
وقال محافظ المركزي أديب ميالة حينها إنَّه سيتم بيع النقد الأجنبي
للمصارف ومؤسسات الصرافة بما يضمن استقرار قيمة الليرة عند مستويات وصفها
بالمقبولة.
وبالنسبة إلى طباعة العملة السورية فقد قامت الشركة الحكومية الروسية
"جوزناك" بطباعة النقود السورية، التي تشغل مطبعة النقود الروسية، وتعد
روسيا من أهم حلفاء السلطات السورية اقتصادياً وسياسياً، إضافة إلى أنه
ليس في العقوبات المفروضة على سوريا ما يمنع شركة روسية من طباعة أوراق
نقدية لسوريا. وكانت العملة السورية تُطبع قبل ذلك في النمسا في شركة
تابعة للبنك المركزي النمساوي قبل توقف الطباعة العام الماضي بسبب عقوبات
الاتحاد الأوروبي على النظام السوري.
- الخاتمة:
الأزمة في سورية مترادفة سياسية واقتصادية ومالية. ومن المتوقع أن تستمر
الليرة السورية في التأرجح في حدود 250 ليرة أو أكثر مقابل الدولار،
فطالما هناك شلل في الإنتاج في سورية، وتزايد في كمية النقود (تراجعت
إيرادات الحكومة للنصف تقريباً) وتغطى نسبة كبيرة منها بضخ النقد الجديد،
وتزايد سرعة دوران النقود بسبب فقدان الليرة للعديد من وظائفها كل هذا
يقول أن الأسعار ستواصل الصعود بما فيه سعر الدولار... مهما كان الضخ
الحكومي للدولار في السوق.
 
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك:
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.