حسين علي غالب : علبة سجائر

في زمن الألم و الحزن و القهر و الاضطهاد و بالتحديد في سنوات الثمانينات من هذا القرن الملطخ بالدماء..!!

تبدأ القصة و بطلها الأخ الأكبر الذي كان يجلس في بيت أخيه الأصغر مختبئا عن أنظار رجال الجيش و الشرطة و أتباع النظام السابق..!! 
حيث أنه هارب من الخدمة العسكرية في الجيش العراقي في فترة الحرب العراقية الإيرانية فالحرب حصدت شبابا و هم في عمر الزهور .
كان الأخ الأكبر يقضي وقته بالقراءة فهو لا يستطيع الخروج من المنزل أو حتى فتح النافذة خوفا من أن يشاهده أحد .
و لا يستطيع تشغيل المذياع أو التلفاز عندما لا يوجد أخيه الأصغر في البيت خوفا من جلب الانتباه فكل خطوة يجب أن يخطوها الأخ الأكبر يجب أن تكون مدروسة و حذرة ..؟؟
حتى جاء هذا اليوم المشؤوم الذي لم ينساه الأخ الأصغر حيث عاد من عمله بعد يوم شاق و كان التعب مرسوما على وجهه و دخل بيته الصغير و وجد أخيه الأكبر مبتسما له و يقول: مرحبا بك أخيرا جاءت ..؟؟
ابتسم له و قال: نعم لقد كان يوميا شاق للغاية و أنا منهك للغاية .
قال له الأخ الأكبر : هل بالإمكان أن تذهب و تشتري لي علبة سجائر فالسجائر انتهت لدي من كثرة تدخيني الشديد.
قال الأخ الأصغر لأخيه الأكبر : ليس الآن دعني أرتاح لعدة ساعات ثم أذهب و أشتري لك ما تريده .
قال الأخ الأكبر: عدة ساعات لا أستطيع أن أنتظر لعدة ساعات أنا مدمن على تدخين السجائر و أنت تعرف بهذا الأمر .
قال الأخ الأصغر لأخيه الأكبر المسجون في البيت : فقط أصبر إذن نصف ساعة و بعدها أذهب لكي أشتري لك علبة سجائر .
تقدم الأخ الأصغر نحو الكرسي الكبير الموجود في وسط المنزل و جلس و أغمض عينيه لكي يرتاح و إذ يغفو على الكرسي من شدة تعبه .
مرت نصف ساعة سمع الأخ الأصغر صوت باب بيته وهو يفتح فحرك رأسه و فتح كلتا عينيه بهدوء شديد و التفت و طالع بيته فلم يجد أخوه الأكبر موجود فقام على الفور بالوقوف و التوجه بسرعة نحو باب بيته لأن الصوت الذي أيقظه يبدو أنه صوت الباب الذي فتحه أخوه الأكبر …؟؟
خرج الأخ الأصغر من بيته و هو مصاب بحالة جنونية بسبب خوفه على أخيه الأكبر ..؟؟
و بدأ يطالع كل جوانب الشارع ..؟؟
فوجد أخيه الأكبر في نهاية الشارع و قد قام بلف وشاح أبيض على وجهه لكي لا يبدو واضحا و يسير بهدوء شديد و يتلفت و على جانب الشارع حيث هناك عدد من الرجال العسكريين فتقدم الأخ الأصغر نحو أخيه الأكبر لأنه خائف من تعرف العسكريين عليه حيث أن بعض العسكريين هم سكان نفس المنطقة و يعرفون الشباب الذي لم يذهبوا للخدمة العسكرية ..؟؟
و عند بدأ الأخ الأصغر يخطو خطواته الأولى نحو أخيه الأكبر وجد أحد العسكريين يصرخ بأعلى صوته: هذا هذا هو الهارب..؟؟
فتقد نحو الأخ الأكبر نحو ما يقارب ثمانية جنود عليه و حاصروه و قاموا بركله و أحد الجنود أخرج بندقيته و وجهها نحو الأخ الأصغر مما جعله يتوقف في مكانه..!!
بدأ الأخ الأكبر يصرخ و يتألم و يطلب النجدة و الأخ الأصغر واقف و الدمع ينزل من عيونه فليس بمقدوره فعل شيء ..؟؟
حتى توقف الأخ الأكبر عن الصراخ ..؟؟
و أبتعد الجنود العسكريين عنه و أبتعد الجندي الذي كان يرفع سلاحه بوجه الأخ الأصغر .
فتقدم الأخ الأصغر نحو أخيه الأكبر بكل ما يملك من سرعة ..!!
وصل الأخ الأصغر إلى أخيه فوجده غارقا في دمه و قد فارق الحياة و بيده يمسك علبة سجائر الذي قام بشرائها متخفيا ..؟؟
فبسبب علبة سجائر قتل هذا المسكين و بات الأخ الأصغر ضميره يؤلمه لأن احسن بأنه قصر بإتجاه أخيه الأكبر.
حسين علي غالب
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.