جان كورد : شعبنا السوري سينقذ نفسه من المقصلة

2013-05-31

شعب بأكمله يتعرض للذبح والتقتيل يومياً، ولا أحد من رجالات العالم الخارجي يتحرك عملياً لإنقاذه من المقصلة، فأي عالمٍ حرٍ هذا الذي يتحدثون عنه، وأي منظمات دولية يعتزون بوجودها، وأي عدالة وإنسانية يدعون الناس إليهما؟ 

                                                           
شعب بدأ بثورةٍ سلمية، طالب فيها كغيره من شعوب العالم بأسلوبٍ ديموقراطي ومتمدن لشهورٍ عديدة بالحريات السياسية وبتغيير نظامٍ شمولي مستبدٍ به، فلقي العنت والرفض والاستهجان، ليس من النظام المغتصب للسلطة الوطنية فحسب، بل من أعوانه ومحتضنيه من الدول والقوى الخفية التي لا تريد لهذا الشعب أن يتحرر من القيود التي تكبله منذ عهودٍ طويلة، تميزت بنهب ثرواته والاستهتار بحراكه الحضاري وتطبيق مختلف سياسات القمع حياله،                                                                                                                  
شعب أضطر للدخول في معترك المقاومة والكفاح المسلح بعد أن فتح عليه النظام أبواب جحيمٍ لا يطاق، بدءاً باغتصاب وتعذيب وتقطيع أجساد الأطفال، وانتزاع حلوق المنشدين وقصف دور العبادة ورمي المتظاهرين برصاص القناصة وانتهاءً بإخلاء العديد من المدن بالقوة والقصف بقذائف الطائرات وصواريخ السكود وحرق المزارع واستخدام السلاح الكيميائي ضده، والاستعانة بقواتٍ إيرانية وحزب الشيطان ومرتزقة طائفيين من العراقيين وسواهم من مجرمين مجلوبين من لواء الإسكندرون، مما لم يدع المجال أمام هذا الشعب سوى القيام بما هو حق طبيعي له، ألا وهو حق الدفاع عن النفس.     

                                                                                                              
ورغم كل هذا الوضوح الذي عليه الوضع في سوريا منذ بدء الثورة وإلى اليوم، فإن حفنة من "المثقفين وأشباه المثقفين الكرد!" من بقايا الشيوعيين المنقرضين، الذين كانوا عملاء للسوفييت من قبل، فتحولوا إلى عملاءٍ للنظام وتحاول بشتى الوسائل الدفاع بصورةٍ أو بأخرى عن مرتكبي الجريمة الكبرى ضد الإنسانية، ووضعهم في كفة ميزانٍ أثقل من كفة الشعب السوري برمته، وإظهار المشهد السوري الدموي، الذي يعكس حقيقة قيام نظامٍ شمولي بتدمير بلاده وتقتيل شعبه، وكأنه مسرحية لممثلين على مستوى واحدٍ من القدرة على اللعب والتخاصم، وما هم في النهاية سوى فريق عمل تمثيلي واحد، أو أن البادئ بالجرائم هو الشعب والقوى المقاتلة التي تدافع عن هذا الشعب، ويقدمون الصورة للعالم من حولهم مغايرةً للحقيقة بصدد كل حدث من أحداث المشهد السوري وهم متقمصون شخصية المناضل الوطني الكردستاني الذي "كان على الدوام في خدمة الكرد وكوردستان!"، بل إنهم يصبون في كل ما يكتبونه حمم الحقد والاستهتار والكره للجيش السوري الحر الذي ضرب  الأمثال في البذل والفداء من أجل حرية الشعب السوري، ويصورون للناس زوراً وبهتاناً وكأن هذا الجيش لم يتأسس إلا للسرقة والنهب وقتل المواطنين ولمهاجمة الشعب الكردي بهدف استئصال وجوده ويخلطون عمداً بينه وبين العصابات المسلحة والاجرامية التي تستغل ظروف الثورة السورية للإثراء على حساب المواطنين ولبث الذعر في نفوسهم خدمةً للنظام الذي أفرج عن الألوف من القتلة ودفع بهم إلى الشارع ليلوثوا سمعة الثوار والأحرار في سوريا. كما أن هؤلاء المعادين فعلاً لثورة الشعب السوري من "ناشطي الكرد!" يحذرون الناس من هبوب أي نسمة إسلامية على هذه الثورة بدوافع ايديولوجية قديمة لهم، فينشرون بين العالم مواقفهم التي تقول صراحةً أو على استحياء في بعض المناسبات بأن "خطر الإسلام السياسي على سوريا أكبر من خطر النظام الأسدي ومن يقف وراءه ويدعمه من إيرانيين وروس وصينيين وكوريين شماليين ومرتزقة حزب الشيطان" بمعنى أنهم يفضلون بقاء النظام المجرم الأثيم على رحيله، رغم أنه ارتكب ولايزال يرتكب كل يوم المزيد من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، ولا أفهم كيف ينطق بعض هؤلاء باسم بعض منظمات حقوق الإنسان أو منظمات الإغاثة  ويفتخرون بانتمائهم إليها ويمثلونها في بعض الأحيان.                                                                                                                             
من خلال مراقبةٍ طويلة لحال هؤلاء التعساء من بني قومي الذي ابتلى تاريخياً بكثير من العقائد الفاسدة والقوى الشريرة مع الأسف، لاحظت بأنهم جميعاً يؤيدون حزباً واحداً من أحزاب الشعب الكردي العديدة، وهو حزب تأسس وتربى واشتد ساعده بطريقة غريبة وغامضة للغاية ويراوغ في موضوع الانتماء للثورة السورية حسب رأي بعض قادة الحركة الوطنية الكردية السورية، وهو متهم من قبل السوريين والكثيرين من الكرد أنفسهم ومن قبل هيئات دولية والعديد من الصحافيين العالميين بأنه يخدم نظام الأسد منذ بداية الثورة وإلى الآن، وامتلك هذا الحزب، الذي عقيدته السياسية لا تختلف عن عقائد هؤلاء التعساء من ناشطي الكرد أسباب القوة من حيث لا ندري من أين وصار يشكل خطراً على الاتجاه الوطني الديموقراطي في الحراك السياسي الكردي السوري، وهو حزب لا ينكر بل يفتخر بعلاقاته مع أجهزة المخابرات للدول الإقليمية التي تقتسم وطن الكرد "كوردستان" فيما بينها، ويحارب بعض فصائل الثورة السورية بذريعة أنه يقاوم ضد السلفيين والإرهابيين، الذين حسب قول هؤلاء الناشطين السائرين في ركابه "يسعون لإبادة الكرد واحتلال كوردستان ويهاجمون الأقليات الدينية بين الكرد كاليزيديين والعلويين ويقتلونهم ويحرقون قراهم وينتهكون أعراض الناس ويجبرون غير المسلمين على الإسلام أو دفع الجزية لهم صاغرين!!!!" في حين أن برنامج هذا الحزب بريء من الحق الكردي في إدارة نفسه قومياً في سوريا،                                     
إنهم يرسمون صورةً مرعبة بعض أجزائها من خيالاتهم وخلفيتها عقيدتهم الشيوعية التي لا تزال تسيطر على أفئدتهم، على الرغم من أن بعضهم أصبح مع الأيام مليونيراً. كما وجدت أن هؤلاء الناشطين على اتصالٍ دائم فيما بينهم ونشاطاتهم الانترنتية وفي شبكات التفاعل الاجتماعية متشابهة تماماً، وكأنهم جميعاً يتلقون معلوماتهم من مصدرٍ واحد وأسلوب معالجتهم للأخبار وتعليقاتهم متقاربة، وهذا ما يثير التساؤل فيما إذا كانوا منتظمين جميعاً في سلكٍ واحد من التنظيمات السرية التي بنى نظام الأسد العديد منها خلال عمره الطويل.                                                                                                                                                                                                                     
بالتأكيد لن يبقى الأسد حاكماً على سوريا إلى الأبد، والثورة السورية لن تختنق بعد كل هذه التضحيات، رغم كل المجازر واستخدام السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري، والقوى التي تساند هؤلاء التعساء أو تستخدمهم لأغراضها لن تبقى قوية دائماً، والشعب السوري سينقذ نفسه من المقصلة المعدة له، وعندها ستصيب هؤلاء التعساء المذلة وسيلحق بهم الخزي والعار أينما كانوا، حتى ولو لم يتعرضوا لانتقام  شعبنا الذي لن ينسى الخيانة الكبرى بحقه وستسود وجوهم بين شعبهم الكردي وكذلك بين الناس في كل مكان، وأنا على ثقة من أنهم سيندمون، كما أعلم أن بعضهم سيتلون كالحرباء بمجرد ملاحظة أن الظروف من حوله لم تعد في صالح مصلحته الشخصية، وسيتبرؤون من "رفاق الدرب الطويل!"                                                                                                                                
وجدت أن من واجبي الإنساني نقل هذه الملاحظات التي دونتها في مقالي هذا إلى القراء المهتمين بما يجري اليوم على ساحة النشاط الكردي السوري من غرائب وعجائب سياسية،                                     
 
Cankurd
 http://cankurd.wordpress.com



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.