عماد يوسف : سوريا .. و رفاهية فقدان الحلم الموعود

2013-05-18

إذا كان القرن العشرين قد حول كوكبنا بأكمله من عالمٍ متناه من الحقائق اليقينية إلى عالم لا متناه من الشكوك كما يقول إيليا بريجوجين الحائز على جائزة نوبل في الديناميكا الحرارية , فإن القرن الحادي و العشرين قد نسف كل المبادئ التي نادت بها البشرية من حقوق الإنسان و ربما ما تشهده الثورة السورية من مجازر مروعة إزاء الصمت الدولي المخيب لآمال الشعب السوري ..

بل تحول المؤسسات الدولية إلى سماسرة تتاجر بدماء السوريين تسيّسها المصالح الدولية عبر أفعالهم المتمردة على كل القوانين الأخلاقية و الإنسانية و إبداع النظام السوري في القتل و الذي لا يملّ في انتهاك حرمة شعب ٍ و بلدٍ عشق الحياة الحرة الكريمة ...

و قد غدا التنبؤ الصادق الوحيد أمام تقلبات الثورة السورية و ظروفها و مراحلها هو استحالة التنبؤ ذاته بسبل معالجتها  , فلم يكن رحيل النظام بالسهولة المرجوة كما تصور مشعلو الثورة , و لم تكن الأمم المتحدة  راعية للإنسانية كما حلم به صانعوه  و تشيّع له مؤيدوه , و لم يكن أصدقاء الدولة السورية إلا أصدقاء لنظامه المجرم و أشد أعداء شعبه المغلوب على أمره ..
و حتماً فقدنا رفاهية الحلم الموعود بالحرية التي تلطخت بكل أشكال الموبقات , و علينا أن نقرّ أننا نواجه أخطر ظاهرة استبدادية قمعية واجهتها البشرية على امتداد عصورها , و أن سبيل التحرر منها  سيمر عبر بوابة الويلات التي تشهدها الساحة السورية من استخدام لكل أشكال العنف و القتل و الدمار ضد شعبنا الأعزل  ..
لقد أصبحنا نرى عبر شاشة الثورة السورية معظم وقائع هذا العالم و نرصد أحداثه و نلوم خذلانه , و هو يقذف بنا نحو فوهات مدافع الفتك التي حولت وطننا إلى شظايا متناثرة و أبناءنا إلى جثث مترامية  في ظل فوضى عارمة في التسلح و التوجه الفكري و الطائفي و العرقي  ..

و أمام كل هذه التحديات التي صنعتها أيادينا أكثر مما ساهمت فيها أقدارنا , لا بد لنا من التبصر في آثارها و إن استمر الوضع على ما هو عليه فليس أقل من كارثة تنتظر البشرية جمعاء بعد أن أخذ الشعب السوري نصيبه منها ..

عماد يوسف
15 / 5 / 2013

 



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.