الغزو التركي للهلال الخصيب

2013-03-06

السر الأكبر و المعلن في أنقرة ان تركيا تكره ايران , التي تحاول ان تقوض مصالحها في كل من سوريا والعراق , غير ان القادة الأتراك  لا يعترفون بذلك علنا , لأن بلادهم بحاجة ماسة الى الغاز الطبيعي , والنفط  الايراني لمواصلة نموها الاقتصادي الهائل , لكن أنقرة تعتبر وبشكل متزايد ان كل من العراق وسوريا تحاربان بالوكالة عن ايران , 

وانها ضد الحكومة المركزية بقيادة المالكي الشيعي الذي اصبح دمية في يد ايران , كما انها تساعد وتدعم السوريين الذين يتمردن ضد حكم الأسد  وايران .
التحدي كبير , ولهذا قامت تركيا ببناء نفوذها في كل من كوردستان العراق ( الكاتب يقول شمال العراق  في اكثرمن مرة , فهو تركي الأصل ويبدوعنصريته لا تسمح له بقول كوردستان العراق ) وشمال سوريا , وهذا مؤشر على صعود السياسة التركية حتى الأن وغير المعلنة في الشرق الأوسط  , وهي تحقيق االلامركزية في سوريا ما بعد الأسد وتأمل الاستفادة من المراكز التجارية الضخمة في كل من حلب والموصل والمناطق الكوردية.
لقد كانت تركيا تأمل من توثيق علاقاتها مع جيرانها المسلمين منذ عقد من الزمن على تعزيز الاستقرار في العراق , وتحسين العلاقات السياسية مع ايران وسوريا , لكن الربيع العربي والتمرد جعل من هذه التحالفات عفا عليها الزمن .
لقد حاولت تركيا ان تنقذ النظام في سوريا ونصحته بعدم استخدام العنف مع الشعب , لكن النظام ضرب بالنصيحة عرض الحائط , بل تمادى في الوحشية  و العنف , وهذا جعل من تركيا خصما , وبدأت بتقديم الملاذ الآمن للمعارضة السورية وحتى تسليحها, وهذه السياسة ألفت من ايرن وتركيا منافسين ولاعبين أساسيين في سوريا وهذا بدوره ادى الى تفاقم المنافسة في العراق وخاصة بعد أن أيدت أنقرة أياد علاوي العلماني على المالكي الشيعي , وهذا سمم الأجواء اكثر .
ولكن الخلافات تفاقمت بعد اعادة انتخاب المالكي ,  وبفضل توثيق العلاقات بين العرب السنة والكورد في الاقليم وصلت حجم التجارة مع كوردستان العراق الى 8 مليار دولار في السنة مقارنة ب 2 مليون دولار في جنوب العراقي, كما انها تسعى الى صفقات نفطية مريحة مع اقليم كوردستان.وهكذا حلت الصداقة محل العداوة , وباختصار , اصبحت كوردستان العراق جزأ من النفوذ التركي المرحب به ولم تعد كوردستان مهددة بالاجتياح.
اليوم على النقيض الخطوط الجوية التركية تقدم رحلات يومية الى السليمانية واربيل داخل أقليم كوردستان , والكورد العراقيين يمضون اجازاتهم في انطاليا وفي منتجعات البحر المتوسط في تركيا , كما  أن موصل مركز السنة في شمال العراق تتمحور نحو انقرة التي توفر حماية وملاذ آمن لطارق الهاشمي  , وموصل معروفة بامتدادها من أيام السلطنة.
اما في الشمال السوري , وعلى بعد 26 ميلا فقط , تقع مدينة حلب التي كانت وأصبحت نقطة محورية للشركات التركية في شمال سوريا , وليس هناك من شك بأن الدعم القوي من الاتراك للمسلحين في شمال سوريا سيزيد من نفوذ تركيا في المدينة بعد نهاية نظام الأسد.
أما في المناطق الشملية الشرقية ذات الغالبية الكوردية ,  حيث لم يكن لتركيا نفوذ في هلالها الخصيب ,  بل كره  ونفور متبادل , ولكن يبدو ان الظروف تغيرت هناك خاصة بعد الاعلان عن المفاوضات بين تركيا وبين حزب العمال الكوردستاني وان ب ي د الفصيل الكوردي المنظم والحليف ل ب ك ك سيكون له وضع خاص وان تركيا قد اعيدت صياغة سياساتها في الشرق الأوسط , وهي ترى بان الكورد هم أساس لنفوذها المعاصر كما كانوا في الماضي , وان الوصول الى هلالها الخصيب تمر من خلالهم.
غير ان كل الامور ليست وردية  و لاتسير كما تشتهي تركيا, فمحادثات السلام لاتزال في بداياتها وطريقها شاق وطويل وقد تذهب سدى , كما قد تذهب قيادات ب ك ك الرافضة للسلام في أحضان ايران وبغداد , وهناك أيضا التهديد من خطرالجهاديين المتطرفين التي تبدو ان تركيا تدعمهم لسقوط سوريا  و في لجم نفوذ ايران و حلفائها , وهذه اللعبة الخطرة التي وقعت سوريا في شباكها قد تجد تركيا نفسها في المواجهة مع الجهاديين في حال نجاحهم في سوريا.
الرياض
3-2-2013
من الصحافة العالمية
ترجمة :حسني كدو

 



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.