سري كانيه تغير الخريطة السياسية الكوردية

2013-02-16

بقلم : دلشاد مراد *

افتتاحية جريدة آزادي – الحرية  / العدد 26
أثرت دخول كتائب  مسلحة محسوبة على الجيش الحر وبدعم وتمويل تركي إلى مدينة سري كانيه خلال أواخر العام المنصرم وقرار وحدات حماية الشعب المعروفة بـ YPG مواجهة تلك الكتائب والدفاع عن المدينة على الخريطة السياسية الكوردية في سوريا إلى حد كبير .
فمعظم المنتقدين والمعارضين لحركة المجتمع الديمقراطي طوال الفترة الماضية قد غيروا رأيهم بسبب أحداث سري كانيه نتيجة وقوف قوات تلك الحركة في مواجهة الجماعات التي دخلت المدينة ومنعهم من التقدم وبسبب الطريقة التي دخل فيها تلك الكتائب وما رافق ذلك من آثار سلبية جداً ومنها إهانة العلم الكوردي إضافة إلى تهجير سكان المدينة ونهب عدد من البيوت وما رافق ذلك من حملة غير طبيعية لتجييش بعض العشائر العربية وبخاصة عشائر البكارة وعدوان ضد الكورد من قبيل أن الكورد يعملون على إنشاء دولة كوردية في الجزيرة وإنهم سيقومون بطرد العرب إن تحقق لهم ذلك . 
يذكر إن حركة المجتمع الديمقراطي يعمل تحت لوائه مجموعة من التنظيمات والمؤسسات من بينها :مجلس شعب غرب كوردستان – حزب الاتحاد الديمقراطيPYD -الأسايش -  اتحاد ستار النسائي – حركة الشباب الثوري – مؤسسة عوائل الشهداء – مؤسسة اللغة الكوردية وغيرها من المؤسسات .
موقف أحزاب المجلس الوطني الكوردي إزاء ما يحدث في سري كانيه  بدا للرأي العام الكوردي وكأنهم يعيشون على كوكب المريخ أو كأن المدينة لا تعنيهم بشيء,وإن كل الأوهام التي نسجوها لأنفسهم بأنهم الممثل الشرعي للشعب الكوردي ذهبت أدراج الرياح بحسب رأي الكثيرين . فقد رأينا كيف أن جميع أعضاء المجلس الوطني في سري كانيه قد تبخروا بمجرد دخول الكتائب المسلحة المحسوبة على الجيش الحر وفروا إلى تركيا التي هي ربما حتى لم تصدق ما فعلوه ولذلك زارهم المسؤولين الأتراك وقالوا لهم :( إنكم يا سادة ممنوعون من العمل السياسي في أراضينا وان لا سبيل أمامكم سوى الإقامة في مخيمات اللاجئين التي صنعناها لكم ). طبعاً لم يتحمل بعضهم هذه الإهانة من جانب الأتراك ليضبضبوا أغراضهم من جديد وليتوجهوا إلى هولير حيث يقيم هناك معظم الرفاق والقادة الآخرين.
مع العلم إن قادة أحزاب المجلس وأثناء أحداث سري كانيه واشتداد المعارك فيه كانت تتصارع فيما بينها على تمثيل الوفد المشارك في اجتماع الدوحة القطرية لائتلاف المعارضة السورية وعلى تمثيل المقعد المخصص للكورد في الائتلاف ( النائب الثالث لرئيس الائتلاف ). الائتلاف نفسه رد على شروط المجلس الوطني الكوردي للدخول في الائتلاف كما يلي : ( قررنا عدم البحث في المطالب الدستورية بخصوص كرد سوريا وسنترك إلى ما بعد انتخاب برلمان حر ليقرر بشأنها ) .وقد أثرت صراعات الأحزاب كثيراً على عمل المجلس حتى بدا للمراقبين  في ذلك الوقت أن المجلس يتجه نحو التفكك والانهيار وانه بالفعل انقسمت إلى عدة تكتلات وان معظم الأحزاب يتجهون لإعلان خيارات بديلة أو تحالفات جديدة  للحفاظ على نفسها من الانحلال والانهيار أمام حركة المجتمع الديمقراطي ومن ذلك :
-الاتحاد السياسي الثلاثي : بين أحزاب البارتي ( عبد الحكيم بشار ) – آزادي ( مصطفى جمعة ) –  يكيتي.
-الاتحاد السياسي السباعي : بين أحزاب  المساواة – الديمقراطي الكوردي – الوفاق الديمقراطي – اليساري – الديمقراطي الكردي السوري - البارتي ( نصر الدين ) - اليساري الديمقراطي  .
-الاتحاد السياسي الثلاثي : بين أحزاب (آزادي ( مصطفى أوسو )– 
البارتي ( لازكين  فخري ) – حركة الإصلاح ) .
-حزب الوحدة الديمقراطي: هذا الحزب كان في ضياع فكري وتنظيمي كبير وعدد كبير من أعضائهم وقياداتهم بدأوا  بترك تنظيمهم.
-الحزب الديمقراطي التقدمي ( عبد الحميد درويش ) : اقترب من حركة المجتمع الديمقراطي  وعقد تحالفاً استراتيجياً على ما يبدوا مع حركة المجتمع الديمقراطي كثيراً لدرجة انه تم الاتفاق بينهما على  تسليم الحزب مبنى إدارة أمن الدولة في ديريك .
يذكر ان المجلس الوطني الكوردي ائتلاف سياسي يضم معظم الأحزاب التي توصف في الشارع الكوردي بالأحزاب التقليدية  .
تسبب الانتصار الأول للقوات التابعة لحركة المجتمع الديمقراطي على الكتائب التي هاجمت سري كانيه  في إحداث تغيير آخر للخريطة السياسية الكوردية حيث نتج عنها ما يلي :
-تم الإعلان عن  كتلة سياسية جديدة في المجلس الوطني الكوردي سمي بالاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي بين أحزاب (البارتي ( عبد الحكيم بشار ) – آزادي ( مصطفى جمعة )– يكيتي – آزادي  ( مصطفى أوسو ).
-فشل مشروع الاتحاد السياسي السباعي مما دفع بمعظمها للاقتراب من حركة المجتمع الديمقراطي.
-فشل مشروع الاتحاد السياسي الثلاثي  بين أحزاب آزادي ( مصطفى أوسو )– البارتي ( لازكين فخري ) – حركة الإصلاح  بسبب انضمام حزب آزادي ( جناح أوسو )  للاتحاد السياسي الديمقراطي ..
-حزب الوحدة الديمقراطي: اقترب من حركة المجتمع الديمقراطي وأصبح من حلفائه .
-الحزب الديمقراطي التقدمي ( عبد الحميد درويش ) : قام بتمتين وتعزيز علاقاته مع حركة المجتمع الديمقراطي .
-انهيار وتفكك معظم التنسيقيات والحركات الشبابية  لعدم وجود أي أجسام تنظيمية لها على الأرض .
كما تسبب الانتصار الأخير للقوات التابعة لحركة المجتمع الديمقراطي على الكتائب التي هاجمت سري كانيه  في إحداث تغييرات أخرى للخريطة السياسية الكوردية وهي تغييرات غير واضحة حالياً ولكنها جارية على قدم وساق   حيث سنتحدث عنها لاحقاً.
أي بكلمة أوضح, نتجت لحتى الآن من معركة سري كانيه – وبغض النظر عن المآسي الإنسانية التي حصلت لأخوتنا في سري كانيه – من آثار سياسية في المشهد السياسي والتنظيمي الكوردي ما يلي :
-ازدياد كبير في قوة وشعبية ودور حركة المجتمع الديمقراطي  بكافة مؤسساتها لدرجة انه يمكن إطلاق لقب سيدة التنظيمات الكوردية  عليها بلا منازع .
-تراجع كبير في شعبية ودور أحزاب المجلس الوطني الكوردي وتفكك المجلس عمليا دون إعلان رسمي .
-انهيار كامل للحركات  والتنسيقيات الشبابية  .
بقي أن أقول إن الاتفاق الحاصل بين المجلسين الكورديين في هولير والذي نتج عنه الهيئة الكوردية العليا هو أمر إيجابي لكلا الطرفين وهو لصالح أبناء الشعب الكوردي عامة .
 
*المحرر العام للجريدة
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.