جان كورد : الكورد في المعركة

2013-01-31

التقيت منذ أيام قلائل وأنا في طريقيلالقاء خطبة ثورية عن سوريا المقاتلة من أجل الحرية والديموقراطية في فندقٍ منالدرجة الرابعة أو الخامسة، في مدينة تبعد آلاف الأميال عن أقرب موقع قتالي سوريللثورة ، فإذا بأحد معارفي المثقفين يظهر أمامي فجأة، مما أخافني حقاً،

كان يدعى "بارق"لأن نظراته الثاقبة تشبه البرق، وكان من ذوي الأجسام الضخمة بالنسبة لي، ومعه كاتبكوردي شهير يدعى "عليم" كان قد شارك معنا مرة في حضور مؤتمر أنتالياللتغيير الوطني قبل سنتين ونال على حضوره الخياني العرعوري مثلنا بعض صفعاتالتأديب الإعلامية من المثقف الذي يرافقه ومن سواه من أهل العقد والعزم، على الرغممن أن كاتبنا اللطيف حقاً لدماثة خلقه ورقة عباراته، إلا في الدفاع عن عقيدتهالسياسية، لم يدخل – حسب علمي – في أي حوارٍ مع المؤتمرين آنذاك، وظل طوال مدةالمؤتمر خارج قاعات الكلام المنمق .. ولربما كانت عقوبته رسالة من قبل رفاقه لسواهبين الأتباع والأشياع الذين على خطه السياسي، حتى لايفروا من الصفوف، مثلما فرآخرون من قبل.

سألني المثقفان الناشطان كوردياً وأدبياًعما أنا عازم عليه، فذكرت لهما بزهو وافتخار أنني أريد "تصحيح المساراتوتوضيح الخيارات"، دون أن أنخرط في تركيب الإطارات لمعارضتنا السورية، فشدالبارق أذني وقال بصوتٍ كالرعد:"تعال معنا يا عريعر ...يا نويف... ياإسلاميست... يا الارهابيك، واحكي لنا عما قبضته من دينارات ودولارات وأويرويات علىما تكتبه ضدنا وضدنا سيدنا وضد ثورتنا من حكايات أسطورية، تعال نعطيك درساً فيالثورة والأخلاق الثورية"
فاضطررت أن أذهب معهما، وإذا بنا فيقاعة مظلمة، في وسطها شاشة سينمائية عظيمة تعمل بالبانوراما والصوت فيها "دولبي"والصورة تأتي بأبعادها الثلاثية وب"الهادى إم إي" أيضاً. ورأيت العجبالعجاب حقاً، مما أنساني الإخوة المنتظرين قدومي إليهم ومنهم بعض الكاريكاتوريينالذين يلاحقونك بابداعاتهم الساخرة في حال تأخرك عن لقاء أحدهم دقائق معدودات فقط.
ما رأيته كان رائعاً حقاً، ومن ذلكفيلماً تاريخياً طويلاً عن الثورات الكوردية التي تميزت بمحاربة الكورد بعضهمبعضاً وهم في غمرة قتالهم ضد الأعداء من أجل حريتهم وحقوقهم، فرأيت سيولاً من دماءوشعباً بأكمله يهجر وطنه بسبب الحروب والتدمير الممنهج لبلادهم، ثم ظهور "صقوركوردستان" الذين تمكنوا من إيصال الثورة في عهدها الأخير، بعد عدة محاولاتمنهم للقضاء على "حمائم الكورد" إلى النصر المؤزر والانجاز العظيم الذيتحقق في برلمان أعتى الأعداء، ألا وهو قبولهم ب"استخدام اللغات غيرالتركية" في المحاكم، وعن حوارٍ لطيف بين رئيس مخابراتهم مع قائد ثورتناالعظيمة في معتقلٍ لهم. وهذا النصر الكبير سيقودنا إلى "استقلال كوردستانوتحرير الكورد" بالتأكيد. بل ما حاجة الكورد لاستقلال قومي رجعي عندما يحصلونعلى حقهم في استخدام لغتهم؟
كماأراني "الرفاق" فيلماً وثائقياً آخر، أقصر طولاً وبنوعية رديئة ، عن شبابنا وهم يقاتلون في غرب كوردستان، ليس ضد قوات الطاغية بشار الأسد وجيشه وشبيحته، وإنما ضد أعرابٍ أخطأوا في اتجاه مسار ثورتهم، فهاجموا مدينة "سرى كانيى" الكوردية علىحدود تركيا عوضاً عن مساعدة إخوتهم الذين يقاتلون في ظروفٍ صعبة حقاً في مدينة حلبمثلاً،واعتبروا نجاحهم في المدينة الكوردية نجاحاً على "الإدارة الديموقراطيةالذاتية" التي ليست إلا ابتكاراً  امبريالياًيهدف إلى دفن الإسلام في بلادنا. وعندما حاولت الهمس بملاحظة حول ما يجري في هذهالمدينة،وهي أن هناك قوى اقليمية ودولية تريد لطرفي النزاع المسلح الدمار لأنهما في نظرتلك القوى "منظمات غير مرغوب فيها"، شد البارق أذني ثانية وقال:"دع سخافاتك لنفسك، وحدد موقفك، فإما أنت مع ثورة الشعب الكوردي من أجل اقامةجمهورية ديموقراطية في شمال وغرب كوردستان وإما أنت مع نواف البشير والشيخ عرعوروبن لادن"،
وحقيقةًلم أدر ماذا أقول،إذ هناك بالفعل جبهتان متحاربتان اليوم في غرب كوردستان، كما يظهر للعيان  بوضوح، على الرغم من أن الموضوع أكبر بكثير من عرعرة المدينةالكوردية بمعونة أردوغانية ومن محاولة اقناع الكورد بأنهم قاب قوسين من الحريةوالديموقراطية وحقوق الإنسان في ظل من لايزال متهماً بأنه في خندق النظام ،وأنت كمواطن كوردي سوري رغم اقتناعك بعدم جدوى هذه الحرب وبأنها ستفتح أبوابالجحيم على شعبك،وأنك غير موافقٍ على السياسات الكوردية في هذه المرحلة الحاضرة، مضطر للاختيار بين احدى الجبهتين،  جبهةالغرباء عن المنطقة ،ذوي اللحى الطويلة والنظرت المرعبة كما يصفهم "البارق"، الذينجاؤوا إلى المدينة الكوردية برعاية بعض زعماء العشائر العربية ممن لهم تاريخ حافلبالمواقف العنصرية ضد الكورد وكوردستان، وجبهة من يؤمنون حتى النخاع بأن خلاص الشرق الأوسط منالامبريالية المتحالفة مع الرجعية "الاسلامية" لن يتم إلا على أيدي أبيهم الروحي وهاديهم المنتظر، وكلا الطرفين يؤمنان بالعنف والقوة وفرض الرأي بهماعلى الآخرين، وهذايعني أنك بين نارين،وأمرين أحلاهما مر،وأن عليك حمل السلاح في خدمة إحدى الجبهتين، كلاشينكوفاً كان سلاحك أم قلماً زهيد الثمن. ورحت أفكر وأنا علىطريق عودتي إلى البيت وأنا أتلمس أذني التي عانت من الآلام بسبب فركها بأصابعقوية، ترى ما الموقف الأسلم والأجدر أن يتخذ في هكذا صراعٍ ليس للشعب السوري فيهناقة أو جمل!!! كيف يمكن تقييم حرب على أطراف البلاد، بين آيديولوجيتين، خضراءوحمراء، والثورة السورية بحاجة إلى كل بندقية، وبخاصة في حلب ودمشق، بل هي بحاجةإلى كل طلقة وقذيفة، كما يقسم أمامي أوعبر شبكة السكايب كل مرة، أحد شيوخ العربالمؤيدين للسلام الأبدي بين العرب والكورد، فلم يقدني التفكير إلى موقف ألتزم بهبجدية طوال الليلة اللاحقة لتلك المشاهدة الرائعة لفيلمين عن تحرير الكورد وتوحيدكوردستان واقامة الديموقراطية الذاتية والكونفدراسيون الأممي الشرق أوسطي، فأغمضتعيني في محاولة يائسة للنوم، فإذا بملاك في قامة نورانية يأتي إلي طائراً، وهويقول:"أبشر يا كوردي... أبشر...!" فقلت لنفسي:"لعل أحدهم أعلن قيامدولة كوردية أو جمورية على غرار جمهورية الزاب عليها رحمة الله"، فقال:"أتعلم بأن تركيا التي تعتبر ثاني دولة من حيث القوة العسكرية في أكبر حلف عالمي(النيتو) قد فكرت في أمر غزو المناطق الشمالية من سوريا التي تسمونها بغربكوردستان ولكنها أدركت خطورة ذلك، فالشعب الكوردي الذي تتقدمه أحزابه قد امتشقالسلاح بكل أفراده، ولم يبق خارج الصف الكوردي الموحد سوى "عديمي الشرفوالناموس" حسب التعبير الثوري على طول الخط عبر التاريخ، وفي ذلك دمار تركياوهزيمتها الماحقة في الحرب، لذلك فقد أمرت جماعتها العرب من النوافين والبنلادنيين والعراعرة وعملاءها من المعارضين السوريين، عرباً وكورداً، بوقف القتالداخل مدينة سرى كانيى التي يكره اسمها الكوردي أقطاب المعارضة الديموقراطية، منوزن الدكتور هيثم الطالح، وطالبت تركيا منهم التوسل إلى الاستراتيجيين الكوردالذين يقودون الحرب على جبهتين في آن واحد، ضد قوات الأسد في سيناء ومضيق طارق،وضد قوات بن لادن في الجزيرة وحوض الفرات، عساهم يغفرون لهم جرائمهم ويكفون عنمساعيهم لافنائهم وتصفيتهم جسدياً ودينياً." ففرحت طبعاً لأن تركيا القويةخافت من انتصارنا عليها، على الرغم من معاونة كثيرٍ من العربان الملتحين لها،وأمرت مرتزقتها من أبناء العشائر اليعربية بوقف القتال، هذا القتال الذي لا أرىفيه أي خدمة للثورة السورية أو لاقامة الديموقراطية الذاتية الكوردية، وانما أراهبمثابة "فل الحديد بالحديد" لاضعاف الطرفين معاً والمستفيد من ذلك همأعداء الشعب السوري عامةً والكوردي خاصة، ولكن يبدو لي أن السلام الهش ينقطعباستمرار كجريان الكهرباء في مدن جنوب كوردستان، وهو سلام يستعيد فيه الطرفانالأنفاس وتجميع الطاقات للدخول في معارك أشرس وأسخن وأشد دموية وتدميراً... والحربفي هذه المدينة هي بين النظام السوري والحكومة التركية، وعلينا أن لاننسى أبعادالشكر والامتنان الأسدي لهذه "القرية الصغيرة" في الدفاع عن ثورة"الممانعة والمضاجعة"، ضد اسرائيل ومن وراءها، فقليلاً ما يشكر الرؤساءكما نعلم، ثم سألت الملاك الوسيم النقي في مظهره ومقاله:" بالله عليك! أرنيالحق حقاً والباطل باطلاً بإذن الله تعالى ... هل نحن في ثورة ضد نظام الأسد الشقيالمجرم بحق شعبه، أم في ثورة ضد تركيا التي تفاوض الكورد اليوم حتى ولو عن طريقرئيس مخابراتها الكوردي، فما عدت أدري إلى أين مسارنا الكوردي." فقال مبتسماًوهو يحلق بجناحين خافقين فوق رأسي قبيل الوداع:"يبدو أنك بحاجة إلى فركة أذنأخرى من البوارق لأنك غير قادر على ضبط نفسك، فتطرح أسئلة تثير الزوابع!"
منذ ذلك الحين فهمتأنني الوحيد الذي لايعلم شيئاً عن شؤون السياسة الكوردية، ولذلك أسأل نفسي بينالحين والحين عما إذا كان علي بيع قلمي الناشف في سوق الساكند هاند في حارتيالشعبية، عسى أحد زعمائنا يشتريه ويقبلني في خدمته بقية عمري، وإن غضب علي بارق منالبارقين فيدافع عني... أو أن أكسر قلمي وأحطم الكيبوورد العربي الذي أكتب به مايجول في رأسي من خواطر ووساوس، وأدع الناقة التي تحملنا تسير حيثما تشاء وكيفماتشاء، فأرتاح أنا وأدع الآخرين الأعلمين مني يخططون وينفذون لأنهم بالتأكيد أقدر علىالرؤية والتحليل والتطبيق فهم القادة المعصومون، الذين تقع على كاهلنا مسؤوليةالسير وراءهم بدون ابداء أي ملاحظة حتى يسقطون.
والسلام على مناتبع الهدى وخشي الرحمن بالغيب.
 
Carekê li Bloga me jî binêrin:
Ji comerdiya xwe, me agahdar bikin, heger hûn heznakin nameyên me ji we re bên
  Silavek ji dil  / Grüsse / BESTS/ Salamat
Têldest: (+49) 163 869 81 59, 
Cankurd - 
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.