جان كورد : الكورد والاستقلال

2013-01-01

تقع جمهورية ليتوانيا التي عاصمتها (فيلنا) والعضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004 , ولاتتجاوز مساحتها الكلية 65.000 كم مربع في أدنى ثلاث جمهوريات تدعى بجمهوريات البلطيق. ولم يكن يزيد عدد مواطنيها في عام 2012 عن  3 مليون نسمة , في حين أن سكان الاستلاند لايزيدون عن المليون ومائتي ألف نسمة وسكان الليتلاند يقاربون المليونين والنصف,

وتقع هذه الجمهوريات الصغيرة حجماً من حيث المساحة الجغرافية والتعداد السكاني بين روسيا وبولونيا وروسيا البيضاء, وتحدها جميعاً من الغرب سواحل بحر البلطيق.  
ظلت ليتوانيا دولة مستقلة بين عامي 1918 و1940, واستعادت استقلالها في 11 آذار 1990 بصورة رسمية من الاتحاد السوفييتي.
وخلال 50 عام من خضوع الليتوانيين لحكم السوفييت الممتد آنذاك من وسط أوروبا غرباً إلى آخر نقطة في آسيا شرقاً والذي اتسم بالبطش والقمع حيال المناوئين له كان يبدو أنهم سقطوا في أيادي قدر محتوم ومصير هم في الخنوع للأجنبي نهائي, وبخاصة بعد سقوط النازية الهتلرية واقتحام الجنود الروس عاصمة الرايخ الثالث برلين في عام 1945, وظهور الدكتاتور السوفييتي المنتصر جوزيف ستالين كعملاق لايقدر أحد على معارضته.
إلا أن بعض المؤمنين بحق شعبهم في الحرية والاستقلال ظلوا حاملين مشاعل الأمل المتقدة وخاضوا مختلف المعارك السياسية لكي لاتنهار معنويات شعبهم العريق في نزوعه للحرية والاستقلال والذي يمتد تاريخه إلى ما قبل ألفي عام أو أكثر من بدء التقويم الميلادي، وكافح ضد الغزاة والمحتلين الروس والمغول والألمان وسواهم فلايتخلى عن حقه ذاك, مهما كانت التحديات والمصاعب التي تواجههم, ومنها مشكلة هروب شبابهم من البلاد الخاضعة للنظام الشيوعي مقابل تزايد مستمر لنسبة الغرباء من المجموعات القومية الأخرى أو الأقليات التي تشكل 20% من مجموع السكان وهم (روس وبولونيون وروس بيض وأوكرانيون ويهود وألمان). وكان هؤلاء المناضلون الوطنيون يحملون شعارات حرية واستقلال شعبهم, رغم اضمحلال الأمل في صدور أغلبية السياسيين الذين كانوا يمارسون سياساتهم ضمن الاطر المتاحة لهم, كما أن السياسيين "الواقعيين!" ساهموا في تأسيس جمهورية شيوعية في ظل النظام السوفييتي، ومنهم من ساهم في تأليب الليتوانيين على اليهود أثناء الاحتلال النازي، وأدى ذلك إلى تصفيات جسدية واسعة لليهود في بلادهم خدمة للأفكار العنصرية الهتلرية. وكان المؤمنون بحرية واستقلال ليتوانيا يهادنون ساسة بلادهم والشريحة العميلة من المثقفين الذين كانوا على الدوام يبررون ابتعادهم عن المنادين بالحرية والاستقلال بذرائع مبتكرة ومتجددة حسب الظروف التاريخية وحجم التواجد الأجنبي على صدر شعبهم، ولكن هذه المهادنة لم تكن عن قناعة بصحة الخطوط "الواقعية!" وانما عن إيمان بأن المؤمنين باستقلال ليتوانيا يريدون مواجهة مستعمري بلادهم فقط, وليس من يتبعهم من أبناء وبنات جلدتهم, فالشعب الليتواني سيتخلص من تبعيتهم تلك بأسلوب رائع حال حصوله على استقلاله ومنذ اليول الأول الذي يرفرف فيه علم الحرية فوق رؤوسهم.
عندما نقارن وضع الشعب الليتواني والشعبين الآخرين من شعوب البلطيق التي كافحت دون تردد من أجل حريتها واستقلالها,  بوضع الشعب الكوردي, من حيث الحجم الديموغرافي والمساحة الجغرافية لوطنه كوردستان, أو من حيث الامكانات والطاقات العظيمة التي يمتلكها, سنلاحظ ضعفاً كبيراً لدى الكورد في سياستهم حيال الهدف المشترك لهم, والتبرير الوحيد لهذا الضعف هو انقسامهم على عدة أقاليم, دون السعي من أجل تخفيف ذلك التقسيم الذي يبدو وكأنه جغرافياً لبعض الشهور فقط من العام, حيث كوردستان بلاد جبلية, يمكن فيها للمقاتلين عبور الحدود المصطنعة بسهولة معظم شهور الخريف والشتاء وبعض الربيع ايضاً, وهذا ما حدث باستمرار عبر التاريخ ولم يتوقف, ولاتزال قوى كوردية من هذا الاقليم متواجدة في ذلك الاقليم, ولكن مطالب القوى الكوردية مختلفة, متفاوتة ومتعارضة أحياناً مع الأسف.
إن إرادة الشعب الليتواني هي التي أمدته بسائر أسباب القوة, والايمان السائد لدى مختلف شرائح مناضليه الوطنيين بأن لشعبهم الحق في الحرية والاستقلال, هو الذي جعلهم متوحدين وأشداء, وهذا يذكرنا بمناضلي الشعب السكوتلاندي أيضاً في شمال بريطانيا, إذ قلما تجد مناضلاً قومياً سكوتلاندياً يرضى بهدف أدنى من هدف الاستقلال, متديناً كان أو علمانياً, إلا أن غالبية سياسيي الشعب الكوردي قد تخلت تماماً عن هدف استقلال كوردستان منذ انهيار ثورة خويبون في بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي, والذين حملوا الراية بعد نصف قرن من نشوء تلك الحرية العظيمة تخلوا أيضاً عن هدف الاستقلال الكوردي وراحوا يدافعون عن وحدة واستقلال الدول التي تقتسم أرض وطنهم كوردستان. وهناك باستمرار عشرات الذرائع التي يتمترسون خلفها, ومنهم – مع الأسف – عديد من السياسيين الكوردستانيين المشهورين ممن يعتبر التفكير في استقلال كوردستان وتحرير الكورد مجرد "حلم", بل مثار سخرية سوداء. فكيف يمكن تحريك أمة صوب الاستقلال خارت إرادة الحرية في رؤوس قادته وسياسييها ومحاربيها. وهناك من شطب في برنامج حزبه على وجود جزء من كوردستان (أكبر من ليتوانيا مساة وتعداداً سكانيا) لأسباب تكتيكية وعلاقات اقليمية, فاعتبر ذلك من قبل آخرين من السياسيين الواقعيين ومن لف لفهم ذكاءً سياسياً وليس "خيانة قومية". ولدينا أكثر من حزب كوردستاني واحد كأمثلة على ما نقول.
وعليه, يمكن القول بأن لهشاشة وتباطىء الاندفاع الكوردي نحو هدف الاستقلال وتوحيد الأمة الكوردية سببان, هما:
- الانقسام الذاتي الناجم عن تقسيم كوردستان تاريخياً والظروف الناجمة عنها على مختلف المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية والقتالية, والذي يؤدي مع الأسف إلى التعريب والتفريس والتتريك (الذاتي) في الوقت الحالي, حيث صار الدفاع عن رايات وجيوش ولغات وشعارات وسياسات الدول التي تقتسم بلاد الكورد واجباً (وطنياً وقومياً) لبعض التيارات والأحزاب والشخصيات والاعلاميات الكوردية, وتعبق به نشريات وأدبيات ومقالات وأشعار الكثيرين من مثقفي الكورد.
- انطفاء ارادة الحرية والاستقلال بشكل شبه أكيد لدى مناضلي الشعب الكوردي, لدرجة أن الحديث عن حرية واستقلال الكورد في مناسبة عامة صار يعتبر نوعاً من الهلوسة والهروب إلى الأمام ومضيعة الوقت وتفتيت القوى "الوطنية" وانتهازية وتحريفية لبعض من يريدون ضرب الحركة الوطنية من الداخل باسم الكورد وكوردستان... وقد يأتي يوم يمسك به البعض من الواقعيين بأعناق المطالبين بتحقيق حلم حرية واستقلال الكورد وتسليمهم إلى محاكم التفتيش "الوطنية" ومحاسبتهم على جريمة الخيانة الوطنية للشعب الكوردي, في حين قيام البعض الآخر بتزيين صدور من خانوا الأمة الكوردية بأوسمة الشرف الوطني والدفاع عن الأمة الكوردية...وفي هذا يكمن الفارق بين ليتوانيا المستقلة وكوردستان غير المستقلة... والتاريخ يكتب الوقائع والحقائق بدقة كل ساعة.
 
Carekê li Bloga me jî binêrin:
http://cankurd.wordpress.com
Ji comerdiya xwe, me agahdar bikin, heger hûn heznakin nameyên me ji we re bên
 Silavek ji dil  / Grüsse / BESTS/ Salamat
Têldest: (+49) 163 869 81 59,  
Cankurd -



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.