عماد يوسف : عماد في الهوب هوب

3 ردود [اخر رد]
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

 لم أكن أعلم ماذا يخبأ لي و أنا أحضر نفسي للسفر إلى قامشلو و هي رحلة بسيطة تستغرق ساعة من الزمن ذهابا ً و إياباً في الأيام العادية نستقل فيها سيارة أجرة من نوع ( فوكس ) , بل ما هي إلا تعليمة لسائق السيارة حتى ينتظرني ..

لكن اليوم غير كل الأيام فالاتصالات مقطوعة , و هناك دوي أزمة محروقات خانقة تلوح فوق سماء المنطقة و قد تكون سبباً لنشوب حرب ٍ أهلية تدور رحاها حول محطات الوقود , أرسلنا مبعوثاً أمميا ًللسائق دون جدوى و جاءنا الخبر أنه متوقف عن العمل بسبب نفاذ المازوت , فوجدت نفسي مرغما ً أن أركب الميكرو باص ( الهوب هوب ) فرأيتها ملآى بأناس ٍ تدل تعابير وجوههم على مدى المأساة و المحنة التي ستعبر بهم الطرقات الوعرة الى أن تصل بهم إلى مبتغاهم .
فإذا بنا نلقى حفاوة ً من سائقها و هو يرحب بنا و كأننا في طائرة ملكية من طراز 2010 , أعلنت السيارة عن نفسها و لا حاجة لمن يخبرك بأنه لا شواغر فيها و لا مجال إلا لوقع الأقدام واقفا ً في ظل زحمة في الركوب أملا ً في الوصول بأي طريقة كانت , كان صوت محرك السيارة العجيبة يعلو كل الأصوات و صراخ الأطفال يدك مسامعنا من كل جانب و رائحة الشحوم و الزيوت تفوح من كل مكان و كأن حواسنا الخمس يتوجب عليها أن تعمل , بل و حتى الأمعاء اختلطت ببعضها و غيرت مواقعها الاستراتيجية من كثرة الاهتزازات صعودا ً و هبوطاً و قد يكون ذلك تكتيكا ً هضميا ً للتكيف مع الواقع الجديد داخل الهوب هوب ...
 
كانت السيارة مكيفة تكييفاً طبيعياً ذاتياً من نوع خاص , و تكييفها هو فتح نوافذها للهواء الساخن القادم من أشعة الشمس المحرقة في هذا الصيف الحار و الجاف , و هو أفضل الخيارات المطروحة لنا  فأن تستقبل هواءً ساخنا ً يمنعك من التعرق خير ٌ من أن تسبح في بركة من المياه تنبع من كل مسامات جسدك و تحول رائحتك إلى صرف صحي بامتياز ,
أما السرعة فكنت على يقين ٍ أن السيارة تسير بنا لكن الذي أدريه أن كل ما كان يتحرك في الطريق كان يسبقنا من سيارات و دراجات نارية , إنها سرعة الحصان العربي الذي بقي في مؤخرة الأمم بعد أن تم نفاذ طاقة الحصان البخاري في بلادنا , و يبدو أننا يوما ً ما سنتحول إلى التنقل بالعربات التي تجرها الأحصنة ما دام الوضع يسير بنا إلى هاوية الحرب و التفكك و تدمير البنية التحتية و البشرية و الفكرية للمجتمع المغلوب على أمره ...
 
و عند الوصول سمعت أجمل عبارة من السائق شعرت معها بارتياح شديد و هو يداعبنا بقوله :
 (( حمداً لله على سلامتكم , و كل عام و أنتم بخير )) 
كم تمتمت في نفسي و أنا أردد : صدقت حمداً لله على سلامتنا فنحن ما زلنا أحياء نرزق بعد رحلة بالهوب هوب في العمر و من العمر .... يا الله كم عانى هذا العمر من الشقاء !!!!
 
ملاحظة : هذه اليومية منشورة في العدد الرابع من جريدة بينوسا نو
      عماد يوسف
 

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

صورة  جكدار's
User offline. Last seen 11 سنة 13 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/08/2012

معك حق استاذ

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

معي حق بماذا جكدار ؟؟

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

صورة  جكدار's
User offline. Last seen 11 سنة 13 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/08/2012

بل هل المشكلة مشكلة الموصلات ولاتصالات