معارك ضارية داخل دمشق .. و تجار حلب ينقلون عائلاتهم و أعمالهم إلى الخارج

2012-07-16

في واحدة من أعنف المعارك التي وقعت داخل حدود العاصمة السورية، دمشق، وأثناء النهار حتى الآن، خاض مقاتلو المعارضة قتالا ضاريا مع قوات الرئيس السوري بشار الأسد في أحياء جنوب العاصمة، في دلالة واضحة على ضعف قدرة النظام على حفظ الأمن حتى في دمشق، واقتراب المعارك من «عرين الأسد».

وبينما لم تعرف حصيلة الضحايا في حي التضامن الدمشقي الفقير الذي شهد العمليات القتالية، سقط أكثر من 60 قتيلا، حتى ساعة إعداد هذا التقرير، بنيران القوات النظامية السورية في عدة مناطق من البلاد، أمس، أغلبهم في حمص ودير الزور والرستن.

وقال الناشط سمير الشامي لدى اندلاع المعارك أمس إن «القتال ما زال دائرا في حي التضامن الفقير بعد معارك متواصلة طوال الليل في حي الحجر الأسود»، وأضاف متحدثا إلى «رويترز» من دمشق، عن طريق موقع «سكايب» أن «أصوات إطلاق النار تتردد بكثافة والدخان يتصاعد من المنطقة». وتابع قائلا: «هناك بالفعل عدد من الجرحى، والسكان يحاولون الفرار من المنطقة». كما عرض لقطات حية للدخان يتصاعد فوق مباني الحي، مؤكدا أن عربات مدرعة تتوجه نحو جنوب الحي.

ونقل شهود عيان آخرون لـ«الشرق الأوسط» تعرض حي التضامن لقصف عنيف أوقع عشرات الجرحى.

ولفت المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إلى أن حي التضامن الدمشقي «يتعرض لقصف من قبل القوات النظامية»، مضيفا أن عددا من القذائف «سقط على منطقة القرشي في دمشق».

وأشار إلى أن «أصوات إطلاق رصاص كثيف تسمع في حي التضامن والحجر الأسود، مترافقة مع سماع أصوات انفجارات وسط معلومات عن سقوط جرحى».

وشهدت دمشق أيضا، استهداف حافلة كانت تقل عناصر من القوات النظامية بعبوة ناسفة على طريق المتحلق الجنوبي بالقرب من حي الزهور، مما أدى إلى كثير من الإصابات، حسب المرصد. وقال سكان إنهم سمعوا انفجارا قويا أعقبه دوي لأبواق سيارات الإسعاف التي هرعت باتجاه الطريق الدائري بجنوب دمشق قرب حي الميدان. وأفاد بعض النشطاء بأن أكثر من عنصر من قوات الأمن قتل في الهجوم، لكن آخرين قالوا إنه لم يسقط قتلى، وإنما جريح واحد. وأضافوا أن الانفجار سببته فيما يبدو عبوة ناسفة بدائية الصنع كانت مثبتة بالحافلة.

وتركزت عمليات القصف، أمس، على مدينتي حمص والرستن وسط البلاد، وبلغت حصيلة القتلى ما لا يقل عن 18 من القوات النظامية خلال الاشتباكات مع المقاتلين المعارضين، هم 6 في سلقين و3 في جسر الشغور بريف إدلب (شمال غرب)، و3 في اعزاز بريف حلب (شمال)، و5 في محافظة دير الزور (شرق) و3 في محافظة درعا (جنوب)، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار أيضا إلى سقوط 12 مقاتلا معارضا، بينهم 4 من المنشقين قتلوا خلال اشتباكات مع القوات النظامية في دير الزور وإدلب ودمشق.

وأوضح المرصد في بيان أن محافظة حمص وسط البلاد شهدت مقتل 10 مدنيين، هم 4 في مدينة حمص بينهم اثنان جراء القصف على حي الخالدية ومدني متأثرا بجراح أصيب بها في حي بابا عمرو، وآخر قتل برصاص قناص بحي باب هود، بالإضافة إلى مدني في مدينة القصير، و5 مدنيين في بلدة الرستن بريف حمص.

وتطرق الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية في حمص، هادي العبد الله، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية من المدينة إلى الوضع التمويني في أحياء جورة الشياح والقصير والخالدية والقرابيص، وكذلك في حمص القديمة، وقال إنه يتم «تأمين ما لا يتعدى 10 في المائة من المواد الغذائية لهذه المناطق وبعد عمليات خطرة من قبل عناصر الجيش السوري الحر». وبدوره، وجه الجيش السوري الحر نداء لإخلاء المدنيين من الأحياء المحاصرة في حمص القديمة التي تتعرض للقصف العنيف منذ 39 يوما.

وفي محافظة دير الزور شرق البلاد، أفاد المرصد بسقوط 7 قتلى بينهم 4 مدنيين في مدينة دير الزور إثر سقوط قذائف، ومقاتل معارض في مدينة البوكمال، ومقاتلين معارضين، أحدهما قائد كتيبة، سقطا خلال اشتباكات في محيط حقل العمر النفطي.

وفي محافظة حماه (وسط)، تتعرض بلدة قلعة المضيق للقصف من قبل القوات النظامية السورية، مما أسفر عن مقتل مواطنين اثنين وإصابة آخرين بجراح، بحسب المرصد.

وشمالا في ريف حلب، قتل ثلاثة أشخاص، أحدهم مقاتل معارض في اشتباكات على مداخل مدينة اعزاز، بالإضافة إلى مدنيين اثنين أحدهما طفل إثر إطلاق نار في مدينة الباب.

وكانت بلدات في ناحية الأتارب بمحافظة حلب تعرضت مساء أول من أمس لقصف عنيف استمر قرابة ست ساعات.

وعلى بعد نحو 30 كلم إلى الغرب من مدينة حلب (شمال)، ثاني كبرى المدن السورية، قال مسؤول ميداني من مقاتلي المعارضة إن مدفعية القوات النظامية المنصوبة في بلدة أورم الصغرى (20 كلم تقريبا غرب حلب) تشن قصفا عنيفا على بلدات الجينة وأبين وزردنا، وهي بلدات مجاورة لأورم الصغرى تتبع جميعها ناحية الأتارب.

وذكرت المصادر أن وتيرة القصف كانت بمعدل قذيفة كل دقيقتين إلى ثلاث دقائق على الأكثر، اعتبارا من الساعة 18:00 (15:00 ت.غ) من مساء السبت واستمر الوضع على حاله حتى منتصف الليل (21:00 ت.غ) ثم خفت حدته لتصبح الفترة الزمنية الفاصلة بين القذيفة والأخرى نحو ربع ساعة.

وفي محافظة إدلب (شمال غرب) لفت المرصد السوري أمس إلى سقوط مقاتلين معارضين اثنين إثر إطلاق نار من رشاشات ثقيلة في بلدة سلقين التي تدور على مداخلها اشتباكات بين القوات النظامية والمعارضين.

وفي مدينة درعا جنوبا، قتل خمسة أشخاص، أحدهم متأثرا بجراح أصيب بها جراء القصف على مخيم النازحين ومدني ثان بالإضافة إلى اثنين من المقاتلين المعارضين خلال اقتحام القوات النظامية أحياء الكرك ودرعا البلد، وفي الريف قتل مدني برصاص أحد الحواجز العسكرية في بلدة بصر الحرير، بحسب المرصد.

وفي محافظة اللاذقية شمال غرب، تتعرض بلدة سلمى والقرى المجاورة لها في جبل الأكراد لقصف عنيف من القوات النظامية.

إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية سوريا أن عشرات من رجال الأعمال في مدينة حلب (شمال سوريا) نقلوا عائلاتهم وأعمالهم لخارج البلاد بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية والاحتجاجات المستمرة ضد النظام.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن موقع «الاقتصادي» الإخباري السوري أن «حالات تأمين العائلات ونقل إدارة الأعمال للخارج، كانت تفاديا لحالات خطف وقتل، كما جرى مع عدد من الصناعيين والتجار في بعض مناطق حلب، كان آخرهم رجل الأعمال عمار الويس».

وأشار الموقع إلى كثير من الحوادث التي شهدتها منشآت صناعية وتجارية في المدينة، منها الحرائق التي نشبت في مصنع رجل الأعمال بسام العلبي والسطو على 250 سيارة لشركة «ملوك» في حلب، والحريق الذي نشب في معمل الفرقان للخيوط النسيجية، وسرقة 31 شاحنة محملة بالبضائع تعود لشركة «جود».

وحسب الموقع، فإن الوضع في العاصمة دمشق ليس بعيدا عنه في حلب بالنسبة لرجال الأعمال، حيث نقل المئات من رجال الأعمال الذين كانوا يعملون في دمشق أعمالهم إلى بعض البلدان المجاورة العربية والأجنبية.

وقال الموقع الاقتصادي إنه جرى إخراج مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج كما أن الاقتصاد السوري خسر كثيرا من الفرص الاستثمارية، مما شكل ضغطا على الاقتصاد، وزاد في نسبة البطالة، التي ارتفعت إلى أكثر من 40 في المائة في بعض الأحيان، وفقا لتقارير رسمية وغير رسمية.

والمفارقة في الموضوع أن مالك موقع «الاقتصادي» الإلكتروني رجل الأعمال الشاب السوري عبد السلام هيكل نقل جزءا من أعماله إلى لبنان، ووضع لنفسه كغيره موطئ قدم في بيروت.

وكان بشار النوري أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق قد أعلن، أول من أمس، أن كثيرا من تجار دمشق قد يعلنون إفلاسهم في الفترة المقبلة.