الكورد بين الانشقاق السياسي و الانشطار الثقافي

2012-07-07

بعد أن خاب أمل الشعب الكردي في رؤية حركة سياسية كردية موحدة تمثل كافة أحزاب و مجالس و مستقلي الشعب الكردي لضمان حقوقهم ظناً منهم أن الآلام ستكون كفيلة ً للتوحد بعد سنوات ٍ من التشرذم و التناحر السياسي و التخلخل في جسد الحركة الكردية و عمليات التفريخ التي نكست نضاله و أجهدت دوره و عمله في ساحات التمثيل و التفاوض فضلا ً عن الواقع الاجتماعي ...

جاءت الحركة الفكرية و الثقافية الكردية لتكون صورة مماثلة للحراك السياسي و نسخة ً منه في التفريخ و الانشطار بعد أن عقدنا كل الامال على المثقفين و الكتاب لأن يكونوا عونا ً في جمع شمل البيت الكردي و رص صفوفه و توجهاته في الثورة السورية أولا ً و نحو رؤية ٍ موحدة لتحقيق طموحاته وحقوقه ثانيا ً
إلا أنه يبدو لنا أن المنبع الذي يستقي منه كل من الحركتين الثقافية و السياسية واحد في مشاربه و روافده و أن ثقافة التشظي و الانشطار اللا مسؤول نتيجة النرجسية المطلقة و تخرج الحركة الثقافية من مدرسة الحراك الحزبوي في أفكارها و بنائها ومكاتبها الحزبية التي تحولت إلى ما يسمى بمراكز ثقافية يسعى من خلالها كل حزب ٍ كسب و جذب عدد من المريدين من الكتاب و المثقفين و الصحفيين و الذين غدوا محسوبين على تلك الأحزاب و التيارات لا على الثقافة الكردية المستقلة في تطلعاتها و بنائها التنظيمي و المدني , مما أدى بهم الى نقل الحالة السياسية المتخبطة و المتفرخة يوميا ً و المتصارعة شخصيا ً أكثر منها فكريا ً و ايديولوجيا ً و تنظيميا ً إلى الواقع الثقافي ....
فبالرغم من إنشاء الجسد الكردي الجامع المتمثل بالمجلس الوطني الكردي يبدو لنا أن العديد من التيارات و الاحزاب المنطوية تحت لوائه لا يعنيها المجلس لا من قريب و لا من بعيد و تعمل منفردة في نشر أفكارها و بناء مؤسساتها و مراكزها الحزبية الثقافية حتى تحول الأمر الى شكل من اشكال الصراع فيما بينهم في المسارعة في إنشاء مثل تلك المراكز هنا و هناك , و لا شك أن هذا الانفلات السياسي كان له أثره الكبير على الحركة الثقافية حتى أدى الأمر بكل كتلة ثقافية أن تعلن عن إقامة تشكيل أو اتحاد للكتاب أو الصحفيين بالرغم من وجود الجسد الثقافي الجامع لهم و المتمثل برابطة الكتاب و الصحفيين الكورد , إلا أن الخلافات الشخصية و النرجسية و الصراعات الفكرية مزقتهم ليعلن كل فريق عن اتحاد خاص ٍ به , و لا شك أن هذا التعدد و التفرق و التكوينات العشوائية للأحزاب و المنظمات و الاتحادات السياسية و الثقافية هي الطامة التي من شأنها اضعاف الحركة الكردية عامة و تعبر عن تخلي تلك الفئات عن روح المسؤولية القومية و تقديم المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية مما أدى بالبعض من الغيارى إلى إعلان نعي الثقافة الكردية بوضعها الحالي ....
و لكي تكون للحركة السياسية و الثقافية وجودها حاضراً و مستقبلا ً لا بد من ردم الخلافات و المصالح الشخصية و تقديم كل طرف بعض التنازلات للتوافق على صيغ ٍ مشتركة بهدف  تشكيل هيكل واحد يضمن مستقبلنا السياسي و الثقافي على حد ٍ سواء ....
و إلا فإن التاريخ لن يرحمنا .

عماد يوسف
Emad-usef@hotmail.com