جان كورد : نزاع الكورد فيما بينهم

2012-06-27

نزاع الكورد السوريين فيما بينهم
هل غرب كوردستان "حارة كل مين إيدو الو..."؟
 
لن أطيل عليكم هذه المرة، إلا أنني سأزعج البعض منكم، والحديث بصراحة عن الحقل الكوردي السوري جلب لي من قبل، ولمراتٍ عديدة، ما أضر بي شخصياً من الناحية النفسية، ولكن أصدقاءً أحترمهم يقولون لي:- لماذا لاتبدي رأيك في هذه المسألة، وأنت أحد الذين يكتبون عن مختلف الموضوعات المتعلقة بالكورد وكوردستان، وعن الكثير من القضايا الأخرى...

المسألة التي بين أيادينا الآن هي اعتراض "اللجان الشعبية" العائدة لحزب الاتحاد الديموقراطي للأخ المناضل، الأستاذ مصطفى جمعة، سكرتير حزب آزادي الكوردي في سوريا، وهو في طريقه إلى جنوب كوردستان، واعتقاله كما كانت تعتقله المخابرات السورية وتغطي عينيه بقطعة قماش، وتحقق معه، بعد أن تم تهديده قبل ذلك من قبل من هم محسوبون على هذا الحزب، واتهامه بأنه يعمل مع رفيق دربه الطويل "سابقاً"، الأستاذ صلاح بدر الدين بأنهما ينسقان مع المخابرات التركية ضد حزب الاتحاد الديموقراطي، وبهجوم رفاقه في حزب آزادي على "نقطة كونترول" عائدة لهذا الحزب، الذي حرر غرب كوردستان - كما يبدو- دون أي صدام مسلح مع النظام الأسدي الدموي، بل بنى برلماناً منتخباً من قبل "الشعب الكوردي!" على مرأى ومسمع الحكومة وقريباً من حدود الدولة التركية، التي ربما تخاف من القيام بأي عمل هجومي لمنع السيد صالح مسلم، رئيس هذا الحزب بالشراكة، من تأسيس "قناديل" مسلحة في منطقتي جبل الكورد وكوباني والجزيرة على غرار ما لحزب العمال الكوردستاني "الحزب الأم للاتحاد الديموقراطي" في جبل "قنديل" في جنوب كوردستان، ويبدو أن الحكومة التركية - حسب لائحة الاتهامات الموجهة للأستاذين صلاح بدر الدين ورفيقه مصطفى جمعة -  أوكلت إخماد نار هذه القناديل لهما، حيث لدى حزب آزادي "قوات عسكرية ضخمة!" يمكن لها أن تطرد حزب الاتحاد الديموقراطي من غرب كوردستان أو تضعفه وترهقه، مثلما فعلت أحزب جنوب كوردستان مع حزب العمال الكوردستاني في الماضي. كما يبدو أن الأستاذ مصطفى جمعه كان في طريقه للمساهمة في "غرفة العمليات" التي يشرف عليها الأستاذ صلاح بدر الدين في مدينة هه ولير (أربيل)...
هذه المسألة برمتها تثير القرف والاشمئزاز لدي لعدة أسباب:
تمكنت فصائل عديدة وكبيرة في الحركة الوطنية الكوردية، بعد سنواتٍ طويلة من الانشقاقات والتمزقات التنظيمية، من بناء "مجلس وطني كوردي" إلا أن هذا المجلس لايزال حتى الآن أضعف من أن يواجه – سياسياً – بحزم حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يمارس السياسة المرسومة له من قبل قيادة حزب العمال الكوردستاني (من خارج سوريا)، وهي سياسة "دقة على النعل ودقة على الحافر"، بمعنى السير مع المعارضة السورية العاملة دون استخدام القوة على تغييرالنظام، وفي الوقت ذاته منع "الجيش السوري الحر" و"العصابات المسلحة!" من العبور عبر المناطق الكوردية، وبخاصة جبل الكورد الواقع في غرب حلب وكوباني (عين العرب)، لضرب مقرات عصابات النظام في العمق السوري الشمالي. فلو توحدت أربع فصائل كوردية ديموقراطية في تنظيم سياسي قوي – وهي تملك كل أسباب التوحد عملياً وفكرياً وتركيبة تنظيمية – لما تجرأ أحد على التصرف هكذا مع نائب لرئيس هذا المجلس... ولا أدري هل سينتظر الشعب الكوردي قرناً آخر لتصبح التنظيمات المنشقة عن بعضها قوةَ موحدة ومنظمة.
هذا المجلس (ولا أدري لماذا...) يعقد صفقة مع برلمان حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يسمى "مجلس شعب غرب كوردستان!" في جنوب كوردستان، من دون الحزب ذاته، والسيد صالح مسلم بنفسه قال منذ أيام بأن ما حدث في نقطة تفتيش بمنطقة جبل الكورد من تجاوزات بحق المواطني الكورد هو من عمل هذا "مجلس شعب غرب كوردستان" وليس من قبل حزبه، وكأن هذا المجلس لشعب غرب كوردستان تنظيم مستقل بنفسه... وهنا أمران مثيران للجدل، بل ثلاثة:
أولاً- لماذا تأسيس هكذا مجلس في غرب كوردستان، دون أجزاء كوردستان الأخرى؟ ففي شمال كوردستان الكبير الواسع يقسم أعضاء ومؤيدو حزب العمال الكوردستاني اليمين ضمن البرلمان التركي على صون دستور وحدود  وأمن تركيا... القول هنا بأن حزب الاتحاد الديموقراطي أقوى من حزب العمال الكوردستاني غير مقنع، كقولهم بانه غير تابع للحزب الأم.
ثانياً- هل هذا المجلس شرعي حتى يقبل مجلسنا الوطني الكوردي عقد الاتفاق معه وليس مع الحزب الذي أسسه من مؤيديه وأتباعه، دون مشاركة أي حزب كوردي آخر... وقد يتم حله وتفكيكه من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي نفسه، أو بسبب أوامر زعمائه... وهنا أتذكر أنني في حوار مع السيد زبير آيدار، الذي كان يجهد لكسب أحزاب كوردستانية للمؤتمر الوطني الكوردستاني تحت قيادة السيد عبد الله أوجالان، قبل سنوات عديدة (ولي شاهد على ذلك لايزال حياً يرزق وهو السيد حكمت يلدرز من شمال كوردستان) قد طرحت هذا السؤال: - ماذا ستفعل إذا ما اتصل بك السيد عبد الله أوجالان غداً أو بعد غد من دمشق، وقال لك:" رفيق زبير، أطلب منك حل هذا المؤتمر/ المجلس!" فنظر السيد زبير آيدار، السياسي الهادىء، إلى عيني رفيقه الذي كان معه - وكان آبوجياً عريقاً – ثم أجابني:"السيد الرئيس لن يقدم على هكذا خطوة." ولم يمض شهران على ذلك، وإذا بالسيد عبد الله اوجالان يقول كلاماً كهذا:"ليس المهم أن يكون هناك هكذا مجلس، بامكانكم تبديله أو إنشاء ما يتلاءم مع ظروفنا الحالية عوضاً عنه." ولا أدري كيف كان رد السيد زبير آيدارالمحترم آنذاك. فمن يضمن بقاء مجلس شعب غرب كوردستان، الذي برأيي لايستند إلى أي مادة دستورية سورية، وليس هناك أي قرار وزاري أو مرسوم تشريعي بتأسيسه؟ فهل أخذ المجلس الوطني الكوردي هذه الحقيقة بعين الاعتبار، أم سارع إلى تقبيل وجنات من لايعلم مجلسنا الوطني العزيز على قلوبنا، هل هو مع الثورة السورية أم مع النظام الذي لايزال قائماً باستخدامه المفرط للقوة ضد شعبه؟
ثالثاً- الأستاذ مصطفى جمعه، الذي أكن له الاحترام الكبيرلأنه مناضل صنديد ووطني خالص وكوردستاني لاغبارعليه، وأتذكر أنه بعث لي في نهاية عام 1979 من بيروت رسالة لا أزال أحتفظ بها، ظهر لي في محادثته التلفونية مع موقع الأخ عزالدين كردو "سه ر هلدانا روزآفايى كوردستان" محيراً وفي موقف ضعف، وهو نائب رئيس المجلس الوطني الكوردي، فقد تم منعه من متابعة سيره صوب جنوب كوردستان، باطلاق الرصاص على المجموعة التي معه من بعيد، وتوقيفه وعصب عينيه وأخذه إلى مكان مجهول وتفتيش حقيبته والتحقيق معه، مثلما كان يحدث لدى اعتقاله من قبل المخابرات السورية، ومع ذلك يقول بأن "الإخوة" لم يخطئوا معه وعاملوه معاملة جيدة...! فهل ما حدث له كان - حقيقة -  مجرد خطأ أو أخطاء.؟ من خلال متابعة تلك المحادثة المثيرة وجدت أنه مصر على اعتذار حزب الاتحاد الديموقراطي منه خطياً وإلا فإنه يعتبر نفسه مهدداً بالقتل على أيدي هذا الحزب... أليس هذا بتناقض؟ إنه يكاد لايدري بالضبط لماذا تم اعتراضه، فهو متهم بالتعامل مع المخابرات التركية - وهي تهمة خطيرة حقاً – ثم يحمد ربه على أنهم لم يجدوا في حقيبته شيئاً يمكن لهم الاستناد عليه لتأكيد اتهامهم. أليس هذا بموقفٍ ضعيف؟ كنت آمل أن يقول كل الحقيقة وهي:"إن اعتراضي بهذا الشكل واختطافي وعصب عيني والتحقيق معي وتفتيش حوائجي قرصنة غير مقبولة سياسياً وأخلاقياً ويشبه ممارسات النظام الدموي الذي عانيت منه الكثير، وليس مجرد خطأ والزعم بأن حزب الاتحاد الديموقراطي خاف علي من اغتيال أو قتل فلجأ إلى اختطافي لحمايتي مجرد بالونة هواء ساخن."
برأيي، إن أي تقارب بين مختلف فصائل الحركة الوطنية الكوردية في غرب كوردستان يجب أن يكون هدف الجميع، ودون استثناءات، ولكن من الضروري أن يقوم هكذا جهد عظيم على أسس متينة، وبعد حوارٍ طويل، وتثبيت نقاط ارتكاز قوية وواضحة للشعب، والكف عن الاستهزاء بالآخرين ومحاولة تأليب فصائل على بعضها بعضاً (ومن ذلك قول أحد كبار كوادر حزب الاتحاد الديموقراطي "آلدار خليل" لموقع وه لاتي.نت الانترنتي  "قرارات المجلس الوطني الكوردي تأتي من الدكتور عبد الحكيم بشار، لذا أرسلنا وفدنا من سوريا إلى هولير للحوار مع مسئول المجلس الوطني الكوردي في هولير"...!!!". فهل يقصد بقوله هذا أن بقية أعضاء قيادة المجلس الوطني السوري ليسوا فاعلين أساسيين فيه؟ أم أنه محاولة لبث الفتنة في المجلس؟
وفي الختام أتوجه بالاحترام والتقدير للسادة زعماء الحركة الوطنية الكوردية السورية وأدعوهم لأن يأخذوا كل الاحتياطات لحماية حياة كلٍ منهم، وحياة الأستاذين مصطفى جمعه وصلاح بدرالدين خاصة، حتى لانفقد أياً منهم، لأن هذا الشعب - رغم كل الهفوات – بحاجة إلى كل مناضل مثابر في هذه المرحلة خاصة، وآمل أن يساهموا بقوة في صفوف المعارضة السورية العاملة على اسقاط هذا النظام وخلق البديل الحرالديموقراطي القادرعلى تقبل طموحات شعبنا الكوردي وتحقيقها، وهذا يعني اقامة "التحالف الكوردستاني السوري" فيما بينهم بضم سائر المجموعات الشبابية - عماد شعبنا مستقبلاً – وكل الفصائل الكوردية المنظمة، بغض النظر عن برامجها السياسية واتجاهاتها الفكرية، طالما ترفض العنف وتنبذ الارهاب في التعامل السياسي مع الخصوم والمنافسين لها، ومن الضروري أن يساهم الجميع - دون استثناء – في بناء هكذا تحالف قومي، قبل الدخول في أي تركيبة معارضة سورية وطنية، فذلك الانضمام يجب أن يتم ويتحقق ولكن على أسس ومبادىء وليس لمجرد توجيه دعوة لحضور مؤتمر من المؤتمرات، هنا أو هناك... وعلى حزب الاتحاد الديموقراطي أن يقوم بثلاثة واجبات للتأكيد على أنه فصيل قومي كوردي ديموقراطي حقيقي:
الانسحاب من هيئة التنسيق الوطني السورية لأنها كذا .... وكذا...مثلما انسحب المجلس الوطني الكوردي من المجلس الوطني السوري...
الاتفاق مع المجلس الوطني الكوردي والتنظيمات الكوردية الأخرى ومجموعات الشباب الكوردي الثائرة على آلية لاستمرارية "نقاط التفتيش" لتصبح مشتركة ومقبولة من الشعب الكوردي ومن مختلف القوى الكوردية، ويجب تحديد الهدف منها لخدمة القضية الكوردية وليس لاعتراض الثوار السوريين، فالزعم بأن غرب كوردستان يجب أن لايخضع للجيش السوري الحر يعني حرفياً تحرير هذا الجزء واستقلاليته، وهذا يتعارض مع برنامج حزب الاتحاد الديموقراطي الذي مطلبه "إدارة ذاتية ديموقراطية".
حل مجلس شعب غرب كوردستان بقرار خطي من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي لأنه لايعتمد على شرعية دستورية، وإيجاد أسس متينة بالتنسيق مع مختلف قوى شعبنا في غرب كوردستان لتأسيس هكذا مجلس منتخب ديموقراطياً من كافة أبناء وبنات شعبنا والأقليات التي تعيش بينه، وليس من مؤيدي حزب من الأحزاب لوحده، كما هو حال هذا المجلس الذي يسمى ظلماً ب"مجلس شعب غرب كوردستان"، والاتفاق على ذلك مع فصائل المعارضة الوطنية السورية المؤمنة بضرورة إدارة الشعب الكوردي لنفسه وفق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الأقليات والقوميات المتعددة ضمن الدولة الواحدة، التي في حالتنا اليوم: سوريا التي تتحرك على مسار واضح من أجل الحريات السياسية والديموقراطية وصون حقوق الإنسان وحماية حقوق الأقليات الدينية والقومية، دون نقصان...
أرجوكم أن لاتجعلوا من غرب كوردستان "حارة كل مين إيدو الو..." ولاتفسحوا المجال بنزاعاتكم لمن يريد افتراسها كلقمة سائغة بأساليب المكر والخداع وفي غفلةٍ منكم جميعاً...
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا...  
 
Carekê li Bloga me jî binêrin:
http://cankurd.wordpress.com
http://www.facebook.com/madmiro1