قادم من الانتفاضة...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 5 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

    شفان شاب كردي من قامشلو,طالب في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية الفرع الأدبي

    يحب الأدب والشعر,يحب كتابات غابريل غارسيا ماركيز و سليم بركات ويحب شعر محمود درويش وملايي جزيري,يحب قامشلو جدا بأوراق الصندويش المرمية على أرصفتها وأعقاب السجائر المرمية في كل مكان,ويحب جارته سيلفيا السريانية التي لا تعرف عن مشاعره شيئا

    سيلفيا فتاة فائقة الجمال بشعر أسود فاحم وعيون خضراء وبشرة بيضاء ناعمة وصدر باستدارة جميلة
    رغم ان شفان كان يسمع أغنية xwezi esmer

    الا أنه كان يتخيل سيلفيا بجمالها الطاغي وبشرتها البيضاء التي تصرخ بالأنوثة والشهوة

    في اليوم الثاني من انتفاضة آذار كان شفان في الشارع مع أصدقائه وأبناء مدينته يرشقون العسكر بالحجر بتلقائية كقطيع من الغزلان حين يقع في منطقة الخطر أمام سيل من التماسيح الشرسة النهمة,شعور عفوي دفع شفان للدفاع عن نفسه, وعن سرب الفراشات ,ورائحة الأرض التي تتكلم منذ النبوة باللغة الكردية, مر عليها كل جبابرة الأرض ابتداءا من الآشوريين ومرورا بجيوش الاسكندر الكبير وفتوحات المسلمين مرورا بالمغول والتتار وانتهاءا بالفرنسيين ,رحل الجميع, وما زالت هي تتكلم لغتها الكردية,شعور القطيع بالدفاع عن نفسه حتى وان كان لا يملك المخالب,الشعور التلقائي بالدفاع عن النفس حتى بالأظلاف والأصابع العارية والحجر

    حين وصلت سيارة الجيب العسكرية بسرعة كبيرة ليخرج منها مجموعة أشباح بلباس عسكرية خضراء, وهرب الشباب وتفرقوا في الجهات, كان شفان الشخص الثاني من الذين استطاع العسكر اللحاق بهم,جرجروه على الأرض في لحظات عدة كان الدم يسيل من جروح ركبته التي تمزق عنها البنطال والجلد على اسفلت الشارع, وقبل أن يدخلوه السيارة كانت شفة شفان السفلى قد تمزقت وتورمت بعد أن لكمه عسكري بحجم البغل بحقد غير مبرر

    عندما زجوه بالسجن,كانت مجاميع غفيرة من البشر في السجن بملامح مدماة, أحس بشعور عجيب بالتبول, وتذكر للحظات قول محمود درويش: سجل أنا عربي,ولكنه حور المقولة في نفسه,وقال:سجل أنا كردي,سمع الصدى في داخله مرارا,صدى أرتطم بالجدار الاسمنتي وحط كسنونوات صغيرة على ملابس المعتقلين

    بعد ست ساعات جاء دوره في التحقيق,لم يكن تحقيقا,تهجم عليه عدد من الكتل الخضراء والمرقطة في البداية لكما ورفسا, تكوم على نفسه ككيس طحين, كانوا يلقون عليه الأسئلة ولا ينتظرون أجوبة بل يعيدون اللكم والرفس, وأخيرا أمر الضابط الذي يشرف على التعذيب ليطرحوه أرضا,فتحوا فمه بأصابعهم غصبا,اشتم شفان رائحة الأصابع الملوثة بالبصل ودهن الدجاج

    أمر الضابط أحد عناصره بالتبول في فمه حتى النهاية وهو يقول له قل الآن

    قل الآنbiji kurdistan قل الآن

    بقي شفان خمسة وعشرين يوما في سجن الأمن العسكري,جربوا عليه كل ساديتهم وكل وسائل التعذيب ابتداءا من البصاق والضرب بالعصي في مكان من جسده الفتي والتبول عليه, والدولاب وكل ما توصل اليه علم الكلام من مفردات والسب والشتم, شاهد بين الحين والآخر قادة الأحزاب الكردية داخلين أو خارجين الى غرفة رئيس الفرع حين كانوا ينقلونه بين غرفة التعذيب والمهجع الذي يضم العشرات من الوجوه الشاحبة والمدماة

    بعد خمسة وعشرون يوما اتصلوا بوالد شفان لاستلامه بعد أن أنذروه بأن لاينطق بحرف واحد لما جرى لشفان,بقي شفان ستين يوما في مشفى خاص وبعدها

    تحول شفان الى شخص آخر, حتى ان اخوته ظنوه مسكونا بروح أخرى كتلك التي شاهدوها في فيلم الرعب,والذي كانت سحابة من الدخان تنتقل من جسد شخص الى جسد آخر لتتغير يصرفاته وسلوكه كالسحر

    كانت أم شفان تبكي بمرارة وهي تشاهد ابنها البكر,يتبول في منتصف غرفة الجلوس في الليل أو ساعات الفجر وهو يغني بصوت عال جدا

    xwezi esmer te zani ba

    يستيقظ لصوت غناءه كل من في البيت وأحيانا الجيران

    لم يعد شفان ينتبه لسيلفيا وجسدها الذي يصرخ بالجمال الشهي

    أحيانا اخرى كان شفان يجمع كل ما في سطل الزبالة ويأخذها الى فراشه,يجمع الزبالة في فراشه يحضنها ويشمها بشوق,تاتي أمه تنظف الفراش من الزبالة وهي تبكي وتقول

    الزبالة,لماذا الزبالة يا ربي وشفان لم يكن يخرج من البيت دون حمام ودون عطر؟

    في يوم من الأيام خرج شفان في غفلة عن الجميع,كان والد شفان في العمل,ووالدته منهمكة بالمطبخ بحفر الكوسا,بينما كان اخوته يحضرون لامتحانات السنة الدراسية,خرج شفان ولم يعد

    بحثوا عنه في مكان في كل شوارع قامشلو سألوا المحلات والبقاليات دون جدوى

    بعد يوم آخر من البحث وجدوه نائما على أكوام الزبالة على مقربة من العنترية, كانت جيوبه مليئة بالزبالة, ونتف أوراق ملونة

    بكى والد شفان بألم وهو الذي نادرا ما يبكي وهو يقول لولده

    لماذا الزبالة يابني,لماذا لا تنام في في الحديقة العامة أو في مكان نظيف؟

    أسند جسد ولده شفان بقامته وهو يسير به نحو البيت,كان شفان كمن في غيبوبة وهو يرد على والده بعد أن أطلق ضحكة هيستيرية

    أبي الزبالة هي أصدق شيء في هذا الوطن,الزبالة تتكلم عن حياة البشر بصدق,عن ما يأكلون وما يرمون وكل ما يليه تمثيل قبيح يا أبي

    ضحك بهستيرية مرة أخرى, ثم أخرج عضوه الذكري ليتبول على الرصيف وهو يغني بصوت عال جدا

    xwezi esmer te zani ba

    عثمان حمو