الغارديان: تجاهل مشاركة الأكراد بالمظاهرات يلقي بظلاله على مستقبلهم في سوريا

2012-04-29

توماس ماك جي
صورت تقارير صحفية عن الثورة السورية على مدى العام الماضي في كثير من الأحيان الأكراد في البلاد كما لو أنهم مجموعة صامتة وغير فعال. وكان أخر تقرير نشره الصحفي الأمريكي مايكل كينيدي في صحيفة "نيويورك تايمز".

كنيدي يضع الأكراد، في تقريره، على "هامش" الثورة السورية، ويصفهم بأنهم "يحتفظون برهاناتهم بانتظار معرفة الطرف المنتصر في الثورة السورية".
قرأت بإحباط هذه التفسيرات، لأنها تقلل من حجم المشاركة الكردية في الثورة على الرغم من الأرشيف الهائل من الفيديوهات على يوتيوب الذي يوثق طبيعة مشاركة المعارضة الكردية.
فببحث عشوائي شمل يوم واحد فقط (13 شباط – ولم يكن يوم جمعة أو يوم ذات أهمية خاصة بالنسبة للأكراد)، وجدت مظاهرات تجري في رأس العين (سري كانييه) وديريك، وعامودا والدرباسية وقامشلو فضلا عن حي الشيخ مقصودذي الغالبية الكردية في مدينة حلب.
وفي حين أن العناوين العربية لهذه الفيديوهات التي توثق مظاهرات الأكراد ربما تفسر عدم إدراك المعلقين الأوربيين والأمريكيين لما يدور في الشارع، فإن مختلف أشكال التحيز المعرفي أيضا ربما تلعب دورا في الحد من الاعتراف بالمشاركة الكردية الواسعة بسبب عدم احتكاك الصحفيين بشكل مباشر مع ما يجري داخل سوريا.
إن ما قاله كنيدي بأن الأكراد "بعيدين إلى حد كبير عن ميدان القتال" يعكس تحريفا مزدوجا. هذه الرؤية تعكس ذهنية تقليدية في التحليل تؤكد فكرة دارجة عن سلبية الأكراد تجاه الثورة بغض النظر عن الأدلة الجديدة التي تؤكد عكس ذلك.
في بداية الثورة، كان الأكراد فعلا غير راغبين في المشاركة، لمعرفتهم أن المظاهرات قد تجرهم إلى تضحيات مثل التي قدموها بعد انتفاضتهم عام 2004، ولمعرفتهم أيضا أن مشاركتهم في الثورة قد يمنح النظام ذريعة الشرعية عنها بدعوى أنها طائفية وانفصالية.ومع ذلك، شارك الأكراد في الثورة منذ أيامها الأولى، واندمجوا بسرعة داخل مكونات الثورة، مؤكدين على أن "الشعب السوري واحد". وكانت الاحتجاجات في المناطق ذات الغالبية الكردية تؤكد تضامنها مع المدن والبلدات المحاصرة في باقي أنحاء سوريا، ووظلت هذه الاحتجاجات حتى وقت قريب ترفع نفس الشعارات والتسميات التي كان تنادي بها باقي المظاهرات في سوريا.
للحكم على المشاركة الكردية في الثورة السورية، ينبغي التميز بين المعارضة الشعبية (المظاهرات الي يقودها الشباب المستقل في الشوارع) والمعارضة الحزبية (الأحزاب وممثليهم في الشتات).
فقد خرج الكثيرون في مظاهرات بوقت طويل قبل أن تتبنى الأحزاب الكردية موقفا واضحا من الثورة (وبعضهم الآخر لا يزال موقفه غير واضح). ومع ذلك، فإن المحللين يركزون على موقف الأحزاب متجاهلين تلك المجموعات الأخرى غير الحزبية التي تخرج في المظاهرات.
وتجاهلت دراستان حديثتان عن الاتجاهات السياسية بين الأكراد: وهما "الأقلية الحاسمة" ونشرتها جمعية هنري جاكسون و"ما هي المعارضة الكردية؟" ونشرتها كورد ووتش، ذكر اسم أكبر تنظيم كردي داخل سوريا Tevgera Ciwanên Kurd (حركة الشباب الكورد).
في مارس/آذار 2011، وبينما كانت الثورة لا تزال في بداياتها، نشرت "حركة الشباب الكورد" بيانا تعلن فيه دعمها الكامل للاحتجاجات السلمية ضد النظام السوري. وهذه المجموعة لديها قوة كبيرة في الشارع السوري وقدرة كبيرة على تنظيم المظاهرات. وعملت الحركة مع المجموعات الكردية الأخرى وهيئات التنسيق والناشطين المستقلين، وكانت لها صلات سياسية واسعة مع الدوائر الثورية في سوريا.
ورغم أن هذه الاحتجاجات الواسعة في المناطق الكردية لم تلق الدعم والمشاركة الكافية من قبل الأحزاب الكردية، إلا أنه من الخطأ الاستنتاج أن المشاركة الكردية ضعيفة بناء على موقف الأحزاب الكردية.هذه الاستنتاجات الخاطئة بحق المشاركة الكردية في الثورة السورية لا تشكل إهانة لأولئك الذي خاطروا بحياتهم من أجل الثورة فحسب، بل سيترتب عليها ضرر كبير على الموقف الكردي في المفاوضات السياسية مع باقي الأطراف الآن وفي المستقبل بعد نجاح الثورة.
فهل من حقنا أن نلقي اللوم على "الأكراد الصامتين" الذين يرون بأم أعينهم عدم اعتراف المحللين الأوربيين بأولئك الأكراد الذين يشاركون بفاعلية في المظاهرات؟ وإذا وجد الأكراد أنفسهم على هامش الثورة، فإن هنالك أولئك الذين يودون بلعب دور أكثر مركزية في الثورة.
ومع الخلافات بين الأحزاب الكردية والمجلس الوطني السوري الذي فشل في الاعتراف بالحقوق القومية الكردية، تغير المزاج الكردي تجاه المشاركة في الثورة السورية برفض الإقصاء والتركيز على هويتهم الخاصة.
وجنج الأكراد أخيرا عن التسميات الموحدة لأيام الجمعة، إلى إطلاق تسمياتهم الخاصة: جمعة حقوق الشعب الكردي، جمعةالحقوق القومية الكوردية فوق كل المجالس وجمعة هنا كردستان.ميدانيا، الشباب الكورد يشاركون بفاعلية في المظاهرات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، ولكن قضية أن تبقى ثورتهم ضمن إطار الثورة السورية ستبقى رهنا بالاعتراف العلني بدورهم من قبل المعارضة السورية والأطراف الدولية.
المصدر : الغارديان