تلفتت حولي فلم أجد ظلي..!! أين انت يا ظلي.. رفعت بصري الى السماء واذا بالشمس في كبد السماء..

لا اثر لغيم او سحاب...

لقد كان يسير بجواري.. رجعت الى الوراء بحثا عنه ..فوجدته قرب صخرة..

فقلت له :اين انت لماذا لم تتابع السير معي؟!

الظل: قد مللت من السير معك..

- وما السبب؟

- لانك ترغمني على اماكن لم اخلق لها.. لانك تفعل اعمالا في ظاهرها الاخلاص وفي باطنها الرياء..

- قلت: تتمنى فراقي والناس يتمنون لقائي..فقد اخطأت الحكم يا ظلي..!!

- الظل : الناس يعرفون مظهرك وانا اعرف مخبرك وجوهرك..

- وما قصدك من هذا الكلام؟

- قصدي انت تعرفه جيدا .. فضائل الاخلاق تفضحها المعاشرة..والناس لا يعاشرونك مثلي ..

والخيل اعرف بفرسانها..ولو نظرت الى قلبك لرأيت فيه السواد..

- وما سبب سواده؟

- الظل : عدم الاخلاص في الاعمال  والرياء في المعاملات..

- وهل يؤثر ذلك على القلب لهذه الدرجة؟

- نعم ,, فالاخلاص اصل العمل حتى قيل في الامثال "قل لمن لا يخلص لا تتعب"..

- وهل تضرب لي مثلا على ذلك؟

- لا بأس.. لكن تدبر ما سأقول ..

ان الشجرة اذا تبين عروقها ..انقطعت عن شربها وجف ورقها..ولم تثمر وذهب قدر قيمتها..

اما اذا غاصت عروقها ..كثر شرابها ..فاخضر ورقها وطاب ثمرها..وكثر قدر قيمتها..

- ولكن هذا الامر شديد على نفسي..

-الظل:  صدقت..لأن النية من اكبر الابواب التي يدخلها الشيطان..فيفسد على المرء عمله..

ولهذا قال سفيان رحمه الله ( ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي)..

- ولكن الناس لا يعرفون اني مراء؟

- وهل انت ممن يتعاملون مع الناس ام مع رب الناس؟ فالله تعالى لا تخفى عليه خافية..فالكل مكشوف عنده يوم القيامة مكشوف الجسد ..مكشوف الضمير.. مكشوف القلب..مكشوف العمل ..تسقط كل الاستار التي كانت تحجب الاسرار..وتتعرى النفوس فلا ينفعك الناس يا صاحبي ف اخلص في عملك واخفي عبادتك..حتى لا يحرق الشيطان عليك حسناتك..

- لقد غيرت نظرتي لنفسي يا ظلي.. لكن ما هي علامات المرائي ..اخبرني فإني عزمت الاخلاص ؟؟

- قال الامام علي كرم الله وجهه..للمرائي ثلاث علامات..

( يكسل اذا كان وحده)

(ينشط اذا كان مع الناس)

(يزيد في العمل اذا اثني عليه وينقص اذا ذم)

- يا حسرتي .. لقد ضاعت اعمالي..

- جدد العزم.. وجدد العهد مع الله واسأله الاخلاص في العمل..

وصف هشام بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز فقال: ما احسب عمرا خطا خطوة قط  الا وله فيها نية.. لذلك استطاع ان يهزم حزبين بإذن الله في اقل من سنتين..

قلت بعد تفكير وتدبر: ان كلامك يحرك الجبل من مكانه وسأبدأ بنية ان شاء الله..

-الظل : فابدأ يا صاحبي بهمة قبل ان يحرقك ظلك..

قلت مستغربا : وهل الظل يحرق؟

- نعم يا صاحبي لان هناك نوعان من الظل...

ظل مذموم ..

قال تعالى:( فانطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب)

اي انطلقوا الى ظل دخان جهنم المتشعب الذي لا يقي حر ذلك اليوم ولا يدفع من حر النار شيئا..

وظل محمود..وهو ظل الجنة..قال تعالى ( في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب) فالجنة كلها ظل لا شمس فيها..

فاختر أي الظلين شئت يا صاحبي..

وقل لمن لا يخلص لا تتعب..

ف تراب الاخلاص خير من زعفران الرياء..