من هوالمجنون...

3 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 5 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

كان الطبيب النفسي في مستشفى الأمراض العقلية يتأمل الرجل الجالس أمامه بسكينة . كان يرى .. بحكم خبرته الطويلة .. أن الرجل لا تبدو عليه بوادر واضحة لأي مرض نفسي خطير كالذهان أو الفصام .

عاد يتطلع إلى ملف المريض الجديد وفي تفاصيل تقرير الشرطة لجريمة الرجل التي قررت المحكمة على ضوء القضية أنها نتيجة جنون . ثم رفع رأسه نحو المريض وقال :
 في التقرير أمامي .. أنك قمت بقتل رجل بدون أسباب واضحة .. هل لك أن تخبرني القصة

اجاب الرجل بلهجة صادقة وكأنه لم يقم بشيء خاطيء :
لقد أخبرتهم ألف مرة أني قمت بذلك لأنه كان مزعجا ً كما أنه كان أسود . كان يصرخ بوجهي و أحسست برغبة في قتله لأنه كان مزعجا. صمت قليلا ً ثم استدرك متذكرا ً
 و لأنه أسود . لا أحب السود
هل كرهك لعرق أو جنس معين يعطيك الحق في قتله  تساءل الدكتور محاولا ً سبر أغوار هذا المجنون .
أنت لا تفهمني . أنا فعلت ذلك لأني أريد . قتلته لأني رغبت في قتله . مالخطأ في ذلك
القتل في حد ذاته خطأ .. هذا أولا ً . ثانيا ً .. ألم تفكر بالعواقب ... أي أن يلقى القبض عليك ويتم إعدامك
الخطأ شي نسبي يا دوكتور . أنت ترى قتلي للرجل خطأ , لكني أراه صواب . بالنسبة للعواقب , فلم اتوقع أن يتم علي القبض بسهولة . في الحقيقة انا فعلت الشيء الذي ظننته هو الخيار الصائب . من يحدد الخطا والصواب في نظرك
الكثير من القوانين العلوية والدنيوية تحدد ذلك . الدين يقول أن القتل خطأ وجريمة والمجتمع كذلك والقانون والأخلاق والضمير

ابتسم الرجل ابتسامة متفهمة وقال كأنه مدرس يشرح لتلميذ صغير :
 كنت واقفا ً بعد أن إصطدمت سيارتي بسيارة الأسود . كان يصرخ في وجهي وبدا صوته مزعجا ً . لم يكن أحد موجود في موقف السيارات في ذلك الوقت وكان القضيب المعدني ملقى بجانبي . أحسست برغبة في قتله لأني أريد ذلك . كان سيموت في يوم ٍ ما على أي حال . حين تعالى صراخه قمت بالتقاط القضيب وضربه على رأسه عدة مرات . كنت أريده أن يصمت . كان صوته مزعجا ً يا دوكتور , كما أنه كان أسود . لا أحب السود ولا أعلم لماذا ولا أريد أن أعلم . الحياة لا معنى لها أو غاية . وجودنا بلا قيمة يادوكتور . نعيش ثم نموت هذه هي القصة المختصرة لكل إنسان . بدلا ً من تكبيل أنفسنا بقوانين أو دين أو قيود المجتمع والبشر يمكننا أن نعيش بإرادتنا الحرة الكاملة . أعني ان نفعل ما نريد حين نقتنع نحن بصوابه بالنسبة لنا بغض النظر عن رأي الآخرين أو المجتمع . الوجود الإنساني والحياة ككل هي عبثية بلا غاية فعلية . لايوجد غاية من الوجود ذاته . المعاني المطلقة كالخير والشر تتغير على مر العصور.. بل المفروض أن يحدد كل شخص ماهو الخير والشر والصواب والخطأ بالنسبة له هو لأنها كما قلت لك من قبل معاني خاوية بلا قيمة أو غاية نهائية

تطلع الدكتور إليه بنظرات عميقة ومندهشة ثم قال :
أنت مجنون

ابتسم الرجل بتعاطف ثم قال :
أنت المجنون يا دوكتور.. ثم أعقب مستدركا:  كالآخرين تماما ً ..

.......

نعيش ونموت
ولكن
كيف تفاعلنا مع الاخرين
ماذا قدمنا للمحيطين بنا
ماذا تركنا وراءنا
هل نحن راضون عن انفسنا..
اسئلة كثيرة
والمؤمن وحده
يعلم الى اين يسير وما الغاية من وجود الحياة والموت
ولولا الايمان
لعمنا الجنون
الان اريد ان اعرف
من هو المجنون فينا
من اراد ان يحيا الحياة بكل حذافيرها ومتاعبها ومشاكلها ونكباتها مع تسلل افراح قليلة عاجلة
ام من الغى كل هذه الافكار وعاش وتصرف وفق ما يراه دونما اجهاد عقل او فكر...

صورة  Nabil Yousif's
User offline. Last seen 5 سنة 2 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2010

أظن بأني أدركت ماذا تقصد أخي سر الحب ...
من يتصرف وفق هواه و ما يراه هو لا بقية العالم هو المجنون وقريبا سيقبض عليه كما المريض , لكن المصيبة مجنوننا يحمل لقب دكتور ولا يرى مسافة أبعد من 5 سنتمرات !

NY

User offline. Last seen 5 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

اخي العزيز نبيل
بداية الحمد الله ع سلامتك.. و نوافذ كوليلك الثقافية ترحب بعودتك ..
اخي تم توضيح ع ما اظن(من اراد ان يحيا الحياة بكل حذافيرها ومتاعبها ومشاكلها ونكباتها مع تسلل افراح قليلة عاجلة
ام من الغى كل هذه الافكار وعاش وتصرف وفق ما يراه دونما اجهاد عقل او فكر)من هو المجنون فينا

 

صورة  Nabil Yousif's
User offline. Last seen 5 سنة 2 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2010

إذا التمس العفو
ودام كوليلك مستنيرة بقلمك
لا شك أن من لم يتقبل الحياة بكل ما فيها من أفراح و أتراح ولم يحاول أن يفهمها لهو الأجدر بحمل الصفة التي أطلقتها , بل إن مجرد العيش لهو عقاب كاف لمن لم يفهم الحياة بغرابتها و من لم يحرك ما في داخله ليحاول التأقلم مع تعقيدات الحياة .
هي الحياة كل منا سيعيشها فمنا من يتخلى عن الكثيرفيها ومنا من سيحاول التغلب على الصعوبات التي ستواجهه وعندها تكمن الشعور الحقيقي بالسعادة .
أما إلغاء وجود الآخر و التفرد والتسلط لهو ضرب من الجنون برأيي المتواضع
وأرجو أن لا أكون مجددا قد خرجت من صلب الموضوع .
تحياتي

NY