أسرى للانتظار...

2 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 5 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

كم هو محزن أننا أصبحنا نعتاد كلما كبرنا على أشياء كثيرة.. ونتعامل مع العالم بحتمية.. ليبدو مع الوقت وقد تقدم بنا العمر بأن نرى كل الأشياء من حولنا كشئ طبيعي. فلم يعد هناك ما يدهشنا.. وتصبح الحياة في نظرنا مملة.. ورتيبة.. وبهذا نفقد شيئاً أساسياً وهو أن الحياة لم تعد لغزاً كبيراً يبهجنا .. ويبقينا على الاستمرار في اكتشافه.. كلما استيقظنا من النوم لمواجهة يوم جديد.

نحن نشعر بالحنين إلى زمن الطفولة.. وعليه فإننا نهرب إلى الماضي حين يرهقنا الحاضر باعتباره الأجمل على الاطلاق.. وذلك لأن في عالمنا السابق.. عالم الصغار دهشة كانت تملؤنا أينما ذهبنا.. ونشعر بها في كل الأشياء البسيطة من حولنا.. في مشاهدة وردة حمراء.. في فراشة تطير.. في الغيمة المعلقة بالسماء.. وفي السيارة التي تسير بالشارع.. كنا نرى هذه الأشياء في كل مرة وكأننا نراها للمرة الأولى.. دون أن يصيبنا الملل.. ودون أن تفارقنا الابتسامة ونحن نشير إلى كل شئ نراه وكأنه " معجزة " . ذاك أن العالم في طفولتنا لم يصبح عادة بعد.. لهذا كنا نحلق كلما انكشف لنا الفضاء .. وننطلق كلما اتيحت لنا المسافة.. ونتأمل بترقب كل شئ يطير دون أن ننتظر سقوطه...

لكننا اليوم أصبحنا أسرى للانتظار .. فعندما نرمي حجراً في الهواء فنحن "ننتظر " سقوطه على الأرض.. لأننا اعتدنا كبالغين من خلال التجربة المسبقة على ماسيحدث لاحقاً. لكن الطفل عكس ذلك تماماً.. لم يصبح بعد أسيراً لتلك اللحظات من الانتظار التي تضعنا فيها العادة حين نرمي ذلك الحجر .. لأنه لا يحمل أفكار وتصورات مسبقة عن هذا العالم.. بل إن العالم هو من يقدم له كل يوم فكرة مدهشة يعيشها بكل حواسه.

هذه الدهشة التي يعيشها الطفل.. تجعله يطرح الكثير من الأسئلة.. ولهذا كان سقراط يقول:بأن الذين يطرحون الأسئلة هم دائماً الأكثر خطورة.. فأن تجيب ليس أمراً مربكاً.. لأن سؤالاً واحداً يمكن أن يفجر مالا يفجره مئة ..جواب.

وبرأي الفيلسوف ديفيد هيوم أن الأطفال هم الشهود على الحقيقة .. حيث أنهم يصابون بالذهول أكثر منا حينما يخرجون لهذا العالم.. فهو بالنسبة لهم معجزة بفعل انتفاء مبدأ العادة .. لديهم والتي تبقي ذلك الحس الذي تولد منه تلك الشرارة نحو فهم الابداعات.. وتجعلنا نتعرف على الطريق من خلال امتلاك أحد عناصرها.. كما يقول كارل ياسبرز : بأن الأصل الدافع نحو انتاج الفلسفة يتمثل في مجموعة من العناصر و هي:الدهشة .. التساؤل .. المعرفة.. الشك.. الفحص النقدي.. والوعي بالذات. فهو يرى بأن الجذور الأولى نحو ملامسة الحقيقة مصدره الدهشة.. تلك الدهشة التي فقدناها بعد أن كبرنا.

إن أكثر الناس اليوم ولأسباب مختلفة.. أصبحوا مشغولون بحياتهم اليومية.. تراهم كل يوم يلهثون خلف مصالحهم.. إلى حد لايترك لهم وقتاً ليندهشوا أمام الحياة.. حتى اختفت معاني الجمال في عالم من صنعهم.. ولم تعد لديهم القدرة على التساؤل .. أو الشك.. وأصبح العالم أكثر قسوة. لكننا بالرغم من ذلك مازلنا لم نفقد تلك المتعة الغريبة في مراقبة الأطفال.. والتأمل فيهم بمتعة.. وكأن الطاقة التي تملؤهم تلمسنا كلما اقتربنا من عالمهم الجميل.. وتمنحنا سعادة .. وصفاء الذهن وراحة البال

إذاً علينا أن نتعلم من جديد.. ليس من الأطفال وحدهم.. بل من العالم .. كيف ننفض الغبار.. ونكنس أفكارنا القديمة.. ونعيد تأسسيها من جديد كما فعل أرسطو.. وديكارت.. ولانكتفي أبداً بانتظار سقوط الحجر الذي قمنا برميه.. فربما ستحدث معجزة ويبقى معلقاً في الهواء.. ونفوت على أنفسنا مشاهدة حدوثها

 

مشترك منذ تاريخ: 11/02/2007

 اتعرف اخي الكريم ... متطلبات الحياة  والعيش الصعب هما من افقد طفولة وبراءة الصغار وسرق الضحكة والاحساس بالمعاني او بالصور التي تكون جميلا ظاهريا وباطنيا  ولكن الطفل لايحس او يشعر بها ... 

عدة اسباب تؤثر على الطفل وتحول دون احساسه بالاشياء واعتبارها عادية ... 

1) الظروف الحالية والراهنة  أبعتقادك ان الاطفال الذبن يولدون الان في عصر كله قتل وتخريب سيكونون ذو صفوة بال ؟ 

2) الظروف الاجتماعية  وأقصد بها قلة اهتمام الاهل وعدم رعايتهم للأبناء بشكل جيد ...

3) واخيرا التكنولوجيا (اقصد بها الحاسوب والعاب الفيديو وغيرها ) هل برأيك الاطفال الذين يقضون يومهم كله وراء هذه الاجهزة اطفال يستطيعون التماس حب الحياة والاحساس بالطبيعة ... 

واخيرا ...

اذا قلت لك بأني التمس كل الثقافة والوعي  من وراء قلمك وكتاباتك فأريدك ان تستغرب معي لعلنا نستحضر بعض اوقات الطفولة ...

فانا أشكر كل مساهماتك في هذا المنتدى  ولك مني جزيل الشكر اخي الكريم ... 

واتمنى لك جل التوفيق ...

صورة  Nabil Yousif's
User offline. Last seen 5 سنة 2 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2010

أصبحنا لا نعبأ بالحياة بل وأصبحت عبئا علينا , ننتظر كيف ستمر بدون أدنى إدراك للحالة المذرية التي وصلنا إليها لدرجة فقدان النشوة بالأشياء التي تحدث أمام أعيننا كوننا أسرى للإنتظار وكذلك تفكير الآخرين , حيث فقدنا روح التفوق و قبلنا بالمراتب الدنيا و رضينا بحالة المرواحة في نفس المكان و السكون و التقوقع في جو باهت متمنيا بأن لا يفسد أحد مناخنا هذا , و لعل الظروف الاجتماعية لها تأثير كبير فعلى سبيل المثال , الأسرة التي تدرك قيمة الوقت و الإحساس بمتعة الحياة , بالتأكيد ستنشئ أفرادا على دراية وإدراك بالغ بأهمية الوقت و الاستمتاع بكل يوم من حياتهم دون هدر أوقاتهم والبقاء في سكون و تحجر في عقولهم .
تقبل تحياتي سر الحب وكل الشكر.....

NY