نظرية قهر العقل الجمعي...

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 6 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

ولد دوركايم أحد أبناء مدينة " ابينال " في شرق فرنسا سنه 1858م وقد اراد منذ بداية حياتة أن يكون استاذاً فكان له ما أراد فلما أتم الثانوية في مدينته تقدم لمسابقة الدخول في المدرسة العلمية العليا بباريس والتحق بها سنه 1879 وبعد تخرجه اشتغل بالتدريس في المدارس الثانوية حتى سنة 1887 ذهب بعدها إلى ألمانيا ودرس على يد
" فاجنر" , "شمولر" و "فونت" ودرس هناك علم الاجتماع , ويمكن القول إنه تأثر بهؤلاء الأساتذة كثيراً ربما أكثر من تأثره بـ "أوجست كونت" ولما عاد إلى فرنسا أنشأت كلية الآداب في بوردو ــ لحسن حظه ــ أنشأت كرسياً لعلم الاجتماع فاختير أستاذاً له .
وهكذا بدأ يوجه اهتمامه إلى تفسير علم الاجتماع بطريقته الخاصة . وهو ما أثمر فيما بعد بحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون برسالتة التى قدمها في مسألة " تقسيم العمل الاجتماعي" ثم تدرج منها إلى ابتكار طريقه جديدة لدراسة الظواهر الاجتماعية حدد أصولها في كتابه " قواعد المنهج في علم الاجتماع " وأصبح بعدها أستاذاً لعلم الاجتماع في جامعة السوربون. ولعل من المشهور أنه كان أستاذاً لطه حسين قبل وفاته سنة1917 .
....................................

 نظرة خاصة لعلم الاجتماع

ويرى دوركايم أن علم الاجتماع ليس تكمله لعلم النفس بل هو علم قائم بذاته لأنه يدرس الظواهر التى لا يشاركه في دراستها علم آخر وبطريقة مستقله عن باقي العلوم. وللظواهر الاجتماعية صفاتها النوعية التى تتميز بها عن غيرها فهي توجد خارج شعور الفرد وهي تقهره على ضروب من التفكير والسلوك والشعور . وليس من المستطاع أن يغيرها الفرد كما يحلو له بل لا بد له من دراستها ومعرفه قوانينها فهي شبيهه في ذلك بالظواهر المادية من جهة أننا لا نستطيع التدخل في سيرها إلا إذا اهتدينا إلى معرفه قوانينها وهكذا نستطيع القول إن الظواهر الاجتماعية أشياء خارجية وأنها مستقلة عن الظواهر البيولوجية والظواهر النفسية وإنه لا بد من دراستها دراسة موضوعية لا على أساس من تحليل شعور الفرد وذلك لأنها تفوق هذه الحالات الشعورية الفردية باعتبار الزمان والمكان بمعنى أنها توجد قبل وجود الفرد وتعم في جميع الحالات أنحاء المجتمع . وأعتقد أن هذا الكلام يشبه ما تناوله إيمانوئيل كانت عن أثر الزمان والمكان على إدراك العقل في كتابه الرائع (نقد العقل المجرد) .
ويعتقد دوركايم أنه وإن كانت هذه الظواهر أشياء خارجية فإنها من نوع خاص أي أنها تصورات نفسيه وقد تطرق من ذلك إلى القول بوجود شعور أو (عقل جمعي) له خواصة الذاتية التى تفصل بينه وبين الشعور الفردي فصلاً تاماً.
وقد ذهب دوركايم في تفسيره لعلم الاجتماع إلى أن علم الاجتماع لم يكن بحاجة إلى علم النفس وإنه سوف يوجه هذاالأخير وجهه جديدة في دراسة الحالات النفسية لدى الأفراد وذلك لأن الحياة الاجتماعية هي التى تزود شعور الفرد بكل شيء تقريباً .وكانت هذه الفكرة مصدر إلهام للذين أخذوا على عاتقهم مهمة إنشاء علم جديد أطلقوا عليه علم النفس الجمعي .
.....................................
  نظرية قهر العقل الجمعي

يشرح دوركايم هذه النظرية في الفصل الأول من كتابة قواعد المنهج في علم الاجتماع بقولة
" إنني في حين أودي واجبي كأخ أو زوج أو مواطن وحين أنجز العهود التي أبرمتها وأقوم بأداء واجبات خارجية حددها العرف والقانون وعلم الرغم من أن هذه الواجبات لا تتعارض مع عواطفي الشخصية واشعر بحقيقتها شعوراً داخلياً فإن هذه الحقيقة تظل خارجه عن شعوري بها وذلك لأنني لست أنا الذي ألزمت نفسي بها , ولكني تلقيتها من طريق التربية فالقانون وأصول الدين والواجبات الفردية أسبق من الفرد وهو يجدها تامة عند ولادته ونحن نعود إلى كتب القانون والأصول لمعرفة الواجبات , ولا توجد هذه الضروب من السلوك والتفكير خارج شعور الفرد فقط بل إنها تمتاز أيضاً (بقوة آمره قاهره) هي السبب في أنها تستطيع أن تفرض نفسها على الفرد أراد ذلك أم لم يرد .
صحيح أننا لا نشعر بهذا الإجبار حين نستسلم له بمحض إرادتنا ولكن ذلك لا يحول دون أن يكون القهر خاصة تتميز بها الظواهر الاجتماعية" .
وفي هذا الجزء نلاحظ التشابه بين هذه الفكرة وفكرة الأنا المثالي لعالم النفس "سيجموند فرويد" .
.........................
أراء حول النظرية

تطرق الدكتور سفر الحوالي لهذه النظرية بالنقد في رسالة الماجستير التي قدمها بعنوان " العلمانية " فقال :
(أما اليهودي (دوركايم) فقد جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظريته في (العقل الجمعي) التي تقول: إن الإنسان حيوان خاضع لـ(الجبرية الاجتماعية)، أو قهر اجتماعي يفرضه عليه العقل الجمعي للقطيع البشري ويستمد شواهده المؤيدة من عالم الحيوان ومجتمع الحيوان)
( دوركايم ) وعلم النفس -بصفة عامة- يدرس الإنسان كما يدرس أي حيوان ثديي).
ويبدو هذا المقطع أكثر تحديداً لمآخذ الدكتور سفر الحوالي على هذة النظرية عند قوله :
(فعلم الاجتماع -بل يهودية دوركايم - ينفي أن يكون الدين والزواج والأسرة فطرية في الإنسان، وإنما هي من عمل (العقل الجمعي) ذي السطوة القاهرة على الأفراد، وهذا العقل دائم التغير والتطور والتشكل (وهنا نلحظ عنصر الاضطراب) فإذا قال العقل الجمعي في طور من أطواره: ليكن دين أو زواج أو أسرة فليكن ذلك، أما إذا قال حسب هواه: ليكن لا دين ولا زواج ولا أسرة، فسرعان ما يخضع الأفراد لقهره فينسلخون من دينهم وأخلاقهم وتقاليدهم، ويتفق علم النفس مع علم الاجتماع في عدم فطرية الدين ولكنهما يختلفان في تفسير تطوره.
فعلم الاجتماع يرى أن أصل الدين شيء خارجي هو -الأرواح أو القوى الطبيعية أو المحرم (التابو)- وابتدأ الإنسان تدينه بالسحر والشعوذة، ثم تطور إلى عبادة آلهة متعددة، ثم تطور إلى التوحيد الذي يمثل آخر حلقة في عصر الدين أعقبها مباشرة -بفعل التطور- عصر العلم الذي ينفي الدين بجملته).

صورة  روشدار's
User offline. Last seen 8 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 22/04/2009

هذا الموضوع بحاجة لقرائة بتمعن أكثر لنحدد نحن موقفنا من هذه النظرية .
سلمت أناملك على الاختيار سر الحب .

لا تكن وتراًً يعزف عليه الحياة ... بل كن عازفاً يعزف على أوتار الحياة أجمل الألحان