وردة تحت الرماد
وردة تحت الرماد
بعد أن أحسّت الطرق قد ضاقت أمامها وتقطّعت الدروب والسبل.. بدا كل شيء يظهر بلون السواد من حولها...
فتحتْ الباب ودخلتْ البيت وفجأة انفجر البركان الصامت المكبوت في داخلها.. وصرخت صراخا ًممزوجا ً ببكاء تحيطه غمامة سوداء من الكآبة والضيق.. وسارعت إلى غرفتها وغلّقت الباب..
انطلق الأب قلقا ً إلى ابنته وهو يسأل : ما بك يا ابنتي؟. أخبريني.. لقد أرعبتينا..! ولا تزال الابنة منكبة على وجهها تبكي.. وتبكي.. وازدادت وتيرة قلق الأب شيئا ً فشيئا ً.. وبدا وجهه شاحباً.. ويتحرك متثاقلاً.. ويقول بنبرة حنونة هادئة تملؤها مشاعر الحرص: ابنتي.. أنا أبوك.. وجئت لأسمعك.. وأخفف عنك هذا الحزن العجيب الذي غمرك.. تكلمي يا قرة عيني.. ويا زهري عمري.. وبدأ يمسح على رأسها بكل لطف ووداد حتى تحولت تلك المسحة إلى غيث اطمئنان ورحمات استقرت في قلب ابنته المبتلية.. فأدارت وجهها بهدوء عن الأرض وهي تغطيه بيديها الرقيقتين لتخفي ملامح حزنها الدّفين والعميق.. وقالت بصوت متقطع: أبي.. لقد تركني حبيبي.. لقد خانني الحقير.. وأعلن حبه لبنت أخرى.. لقد تركني بعد مشوارنا الطويل.. بعد أن ارتشفنا معا ً كاسات العشق والغرام.. ورقصنا على أنغام الحب الشجية.. وتبادلنا أحاديث الوئام في سكون الليل.. لم أكن أتوقع تخليه عني بهذه السهولة!! كيف سأقابل صديقاتي؟! بأيّ وجه سأحدثهن؟! بعدما كنت أقصّ عليهن بثقة بل بسذاجة! بطولات حبيبي وصفحات حبنا ولحظات ودّنا المقبورة..
أبي.. أنا أحبه.. لكنه حقير.. نذل.. خائن.... وأجهشت ببكاء أشدّ..
ولا يزال الأب تظهر عليه علامات الإرباك تارة وعلامات الحسرة تارة أخرى.. وعيناه مغرورقتان بدموع القلق والأسى.. ثم قال بصوت هادئ ولهجة تخلطها الحسرة: يا ابنتي الغالية.. ألا تتذكري حينما أخبرتك يوما ً: ألا نفتح أبوابنا لأول واقف عليها ولا نتسرع في السماح له بالمكوث بين كنوز قلوبنا.. وأن لكل شخص نصيبه المعقول من هذه الكنوز.. فمشاعرنا وعواطفنا ليست رخيصة ومبتذلة ومسرحا ً للفوضى.. فمن الجهل أن نفتح باب قلوبنا بتسرع فتتكون علاقة سمّيتها ( بالحب الوهمي! ).. وما هي إلا لعبة تقوم على خلط أوراق خاطئة..!
غاليتي.. ليس كل من حاول الظهور بمظهر الصادق بصادق.. وليس كل ما يلمع ذهبا ً! وكم من كلام معسول وابتسامة برّاقة وعطر فواح كان وراءه مكر وخداع دفين.. وكم من سخاء وعطاء كان وراءه مصالح وأنانية مختبئة..
ألا تتذكري قولي لكم مرارا ً : على الإنسان أن يستقرأ الحياة ويفهمها ويقبل عليها بعقلانية ويستبصر ما قد يواجهه.. قبل أن يبدأ برسم صورة وردية خيالية عنها..؟!
ابنتي.. إنك لم تنقلي سوى بعض المواقف البسيطة عن ذلك الشخص حتى تثبتي مدى طيبته وشهامته وتريني صفحاته البيضاء اللامعة .. ولم يخطر لك ولو لمرة واحدة أن تناقشيني في خطأ أو ملاحظة تخصه.. أم كان وليا ً وملاكا ً؟!!
لم تحاولي أن تجلسي مع أبيك لحظات صدق وصفاء بل كنت تتحاشين ذلك يا ابنتي.. يا قرة عيني! نعم.. كنت تتحاشين ذلك بوضوح ساطع ظاهر لي.. في الوقت الذي كنت مستعدة فيه للتواصل مع ذلك الحبيب المفارق لساعات طوال دون كلل أو محاسبة!.. ولكن لا بأس.. فلا يزال أملي الأسمى أن أراكم تعيشون حياة سعيدة رغيدة بعيدة عن براثن الجهل والهوى.. وتحصّنون أنفسكم بالأخلاق الفاضلة وتصغون لصوت العقل الحكيم.. يا عزيزتي.. أنتِ ثمرتي وأريد أن أراك ناضجة..
ولا تزال البنت تذرف الدموع وتبكي وتهزّ رأسها جرّاء ما تسمعه من أبيها..
الأب: ابنتي العزيزة.. ما كنت أقول لكم ذلك سوى من منطلق الواجب الأبوي أولا ً وواجبي الإنساني ثانيا ً..ولم أكن مثل غيري من الآباء أحاصر أبنائي أو أتدخل في خصوصياتهم وأجبرهم على أمر معين.. وربما كنتُ مرنا ً ومنفتحا ً إلى حدّ الضعف أحيانا ً!
ولكن.. لا عليك.. حاولي الوقوف من جديد.. وقوف المتبصرة والمستفيدة من تجاربها.. فالحياة لا تتوقف عند باب إنسان.. فلعلّها أخفت في غدها المُقبل ما هو أحلى وأجمل...ثم أقبلَ رأسها وأطبق عينيه المبلولتين وعانقها بحرارة وبكى بكاءً رجوليا ً حييا ً..بكاء من أحسّ بالمسؤولية.. وأدرك وقع المصيبة.. وسمع صدى الخيبة.. وذاق مرارة الخطأ...
أهلا بك عماد.. سررت بوجودك
أرى أن أوتار الأمل لن تنقطع ما دامت الفتاة أو أي الإنسان كان يعاود الوقوف بعد أخطائه مستفيدا مدركا ومحتميا برحمة الله ومؤمنا بقدرته ، فحينما نظن أن المشكلة هناك في الخارج نكون قد ابتلينا بطريقة تفكير خاطئة هي بحد ذاتها مشكلة..
وهل كل الآباء يسمعن بناتهن ....؟!!
يستوعبنهن .....؟!!
يحتويهن .....؟!!
وأخيرا هل كل الآباء يملكن مشاعر ذلك الأب .....؟!!
مواضيعك قيمة شيرزاد ليت كل البنات والآباء يفكروا هكذا
بارك الله فيك وجزاك كل خير إلى مزيد من التقدم .
أهلا بك روشدار
بالطبع لا ، فليس كل الآباء يسمعون بناتهم كما أن ليس كل البنات يسمعن آبائهن ، وذلك مشروط بالتربية السليمة والرحمة الحاضنة والشفافية المعقولة ، أي أن تتحقق بوادر التفهم خلال علاقتهم .
أتمنى لك القوة والثبات روشدار الواعية والخبيرة وجعلك الله من الصابرين الأبرار..
قصة معبرة
نرا هذه المشكلة منتشرة كثيرا في مجتمعنا
يجب أن نستفيد منها ونتأمل فيها
شكرا أخ شيرزاد
قصة تعبر عن واقع اليم قد نراه بين الحين والاخر في مجتمع ينقصه المام الاهل باولادهم ولو الجزء اليسير لتدارك الاخطاء فليس من الصعب ان يجالس الاباء والامهات الى اولادهم بين كل فترة او بالاحرى عند تغير تصرفاتهم والاهتمام بامورهم الشخصية لتدارك الخطأ في بدايته ان كان هناك خطأ وترشيدهم بما هو الصح بما يصقل شخصياتهم منذ الصغر ليستفادوا منهم في مراحل اعمارهم الاخرى فليس كل انسان قادر على التفكير بعقله بعيدا عن العاطفة فما بالك بقضية الحب والعاطفة ان كانت شابة او شاب
العاطفة ياصديقي العزيز شي جميل كما الربيع في ايامنا ولكن الى جانب العقل وهل تتصور معي بوجود انسان لم يحب في حياته فهل كل من جرب الحب استفاد من تجربته لان معظم علاقات الحب فاشلة والدواعي كثيرة مع تعدد الاسباب وهنا اقول
ان النصر كان دائما بحاجة الى ضحايا وكان دائما بحاجة الى قرابين والاستفادة تكون من تجاربنا ومن تجارب غيرنا في الحياة
والوردة التي تحت الرماد ستظهر مجددا لان الرماد يتناثر برياح الزمن .........صديقي العزيز
صدقت أخي شيرزاد
فالكثيرين من البنات حين تبدأ علاقتهم بشكل رسمي مع خطيب
فإنهن غالبا ما يخفين ما يدور بينهم من توترات إلى أن تصل
إلى نقطة اللا عودة و اللا أمل من التواصل
و حينها فقط تعود الفتاة إلى أهلها بدموعها و مصيبتها
التي قطعت أوتار أملها في الحياة
___ .... ___ .... ___ ..
قصة معبرة أخي شيرزاد و دمت بخير
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع