مدرسة الثلاثين يوما

7 ردود [اخر رد]
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

تحية طيبة ..

إنه في الحقيقة ليس شهرا من الأشهر بل هو فصل نفساني
كفصول الطبيعة في دورانها و هو أشبه بفصل الشتاء في
حلوله على الدنيا بالجو الذي من طبيعته السحب و الغيث و من عمله إمداد الحياة بوسائل
لها ما بعدها إلى آخر السنة ..

لم أجد أية معجزة إصلاحية أعجب من هذه المعجزة الاسلامية التي تقضي أن
يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوما في كل سنة
ليحل في محله تاريخ النفس على الرغم من أن ضعف النفوس أفسد هذا المعنى
فما يحقق الناس ( تاريخ البطن ) كما يحققونه في شهر رمضان
و هم يعوضون البطن في الليل ما منعوه في النهار حتى جعلوا الصوم تغييرا لمواعيد الأكل .. و لكن الصوم على ذلك يحرمهم فوائده ..

نرى الاشتراكيين يضطربون في أوربا و قد عجزوا عجز من
يحاول تغيير الإنسان بزيادة و نقص في أعصابه
و لا يزال مذهبهم في الدنيا مذهب كتب و رسائل و لو أنهم
تدبروا حكمة الصوم في الإسلام لرأوا هذا الشهر نظاما عمليا
من أقوى وأبدع الأنظمة الصحيحة ..
فالصوم فقر إجباري تفرضه الشريعة على الناس فرضا
ليتساوى الجميع في بواطنهم
فقر إجباري يراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية واضحة
أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها وأنها إنما تكون على
أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون
و حين يتعاطفون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة

و بهذا يضع الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة تتلبس بها
النفس في مشارق الأرض و مغاربها و يطلق فيها صوت
الروح يعلم الرحمة و يدعو إليها
فيشبع فيها بهذا الجوع فكرة هي كل ما في مذهب الاشتراكية
و هي مساواة الغني للفقير من طبيعته و اطمئنان الفقير إلى الغني بطبيعته

و من قواعد النفس أن الرحمة تنشأ عن الألم ..
و هذا بعض السر الاجتماعي العظيم في الصوم
و متى تحققت رحمة الجائع الغني للجائع الفقير أصبح
للكلمة الإنسانية الداخلية سلطانها النافذ وحكم الوازع النفسي على المادة
و تتحقق الحكمة الإلهية من الصوم في أبهى صورها

و شكرا
المصدر : كتاب وحي القلم ل مصطفى صادق الرافعي

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

صورة  Nabil Yousif's
User offline. Last seen 5 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2010

شكرا أخ عماد على جهدك بقراءة هذا الكتاب الكبير نوعا ما لتأتي وتعطينا خلاصته أو بعض أفكاره
إنه لشي نبيل منك وأرجو شرح هذه الجملة الصوم فقر إجباري تفرضه الشريعة

NY

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

شكرا على مرورك العطر أخي نبيل
و أهلا بك في كوليلك
المقصود بها أن الصوم فرض و أمر إلهي يطلب من الإنسان أن
يجوع كي يشعر بآلام و مشاعر الآخرين لأن أدنى درجات الفقر هي الجوع و عدم ايجاد ما يسد الرمق ..
و لو حققت رأيت الناس لا يختلفون في الإنسانية بعقولهم
و لا بأنسابهم و لا بمراتبهم ولا بما ملكوا و إنما يختلفون ببطونهم ,
و أحكام هذه البطون على العقل و العاطفة ,
فمن البطن نكبة الإنسانية و البطن هو العقل العملي على
الأرض وإذا اختلف البطن و الدماغ في ضرورة ,
مد البطن مده من قوى الهضم فلم يبق و لم يذر ..
و من هنا يتناوله الصوم بالتهذيب و التأديب و التدريب
و يجعل الناس فيه سواء ليس لجميعهم إلا شعور واحد ,
و حس واحد و طبيعة واحدة

مع كل التقدير و شكرا

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

إن شهر رمضان يقول لداخله :
ادخل في زمني و دع زمنك و تعال إلي أيها الإنسان الأرضي
لتتحقق أن فيك حاسة من السماء و جئني بقلبك و فكرك
ليشعرا أنهما في لا فيك .

إن للصوم حكمة كبيرة و هي عمله في تربية الإرادة و تقويتها
بهذا الأسلوب العملي الذي يدرب الصائم على أن يمتنع باختياره
من شهواته و لذة حيوانيته و يبقيه مصرا على الامتناع
متهيئا له بعزيمته صابرا عليه بأخلاق الصبر ..

مع التحية و صياما مقبولا

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

تحية طيبة ..
و ها هي المدرسة الرمضانية تفتح أبوابها من جديد
و تنادي هل من مستغفر ?
هل من تائب ?
إنها المدرسة التي منهاجها الرحمة و شعارها الهداية
و درجاتها الفوز بالجنة

فقدموا أوراقكم الثبوتية بالعودة إلى الله و ترك نواهيه
مع العلم أن شروط القبول في المدرسة هي :
ان تصوم بقلب سليم و نية صادقة و عمل دؤوب

و تقبل الله صيامكم جميعا

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

صورة  gul yh's
User offline. Last seen 6 سنة 2 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 05/06/2011

تجديد رائع

عماد

واختيار بليغ لكلمات أقبلت ضمن أجمل طرح

من خلال أدب الرافعي

ذاك الذي علم كيف يستدرج الأفئدة

ويستميل الألباب نحو أبلغ العبر ، وأكمل المعاني

لهذا الشهر الذي تدنو فيه القلوب  ،

لتنال الأجر وتحظى بالثواب من لدن الرب

إذن رمضان

في عيون الأدباء والكتاب

فكم تناول الكتاب شهر رمضان العظيم ، فأمنعوا فيه النظر

واستخلصوا منه الدروس

أما الرافعي وهو أديب الإسلام الفذ فقد كتب عن معاني ودلالات

الصيام من خلال فلسفة خاصة قلما تطرق إليها كاتب ؟!!

أو خاض فيها أديب ....

وهنا اتوقف لأعيد هذه الكلمات :

إنه في الحقيقة ليس شهرا من الأشهر بل هو فصل نفساني

كفصول الطبيعة في دورانها

ما ألطف معاني الصوم وما أرق عبارات الرافعي

الذي يريد معنىً أشمل وأعم وإن شئت قل أسمى من تلك المعاني

التي تكلموا فيها

إنه يريد أن يستوحي تلك الحقيقة الإسلامية الكبرى

التي شرعت الصوم

والذي أداه إلى هذا الاستحياء فهمه لمعنى من معاني الإعجاز

وهو أنه يدخر في الألفاظ المعروفة في كل زمن

حقائق غير معروفة لكل زمن

فالمعاني تظهر وتختفي بين زمن وآخر

والإعجاز عنده مخبوء طي أسرار القرآن وفي ألفاظه

ومن هذه المعاني التي تكلم عنها الرافعي الصوم فقر إجباري يراد منه المساواة

بين الناس

ألا ما أعظم الأدب حين يكون أدباً روحياً متصلاً بذلك الشعاع العلوي

مستلهماً آيات الله الصامتة ،

والناطقة في فلسفته

ألا ما أعظمك يا شهر رمضان

لو عرفك العالم حق معرفتك لسماك مدرسة الثلاثين يوماً

كل الشكر لتقديم هذه الفيضوات

الرافعية إن صح التعبير

عماد

 

 

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

كل التقدير على ما أضفته هنا من كلماته أيتها الصائمة عن كوليلك
أختنا الأديبة gul‏ ‏

أجل قمت بتجديد هذا الموضوع رغبة مني لنجدد به حياتنا
لأن المعاني و الأدب المتصل بالروح لا يموت و لا يزبل فكرته مع الزمن
بل يبقى خالدا على مر الدهر
ليأتي كل منا و يأخذ منها عبرته
و يستفيد منها ما يشاء
و دمتم بخير

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

User offline. Last seen 10 سنة 41 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/05/2011

اوافقك كلامك هذا قبل سنوات خلت .

سنوات كان للصيام طعم روحاني ,قبل ان تتسرب رائحة المسابقات و المشاحنات و كثرة حوادث السير و تقاتل مصران اعور مع مصران اخر في قلب الاسواق .

اوافقك لما كان للسوس طعم السوس  .. و للمعروك الرمضاني طعم الزهد قبل ان يطعم بالموز و الكيوي و الافوكا .

اوافقك قبل ان يعرض الاعلان الرمضاني العظيم بين كل اسكيتش تلفزيوني في رمضان . اعلان مبوب يدعي انه :

الرمضان لا يحلو الا مع بيبسي .

اوافقك لما كان الغني يصوم مع الفقير و يفطر على مائدة صغيرة ..... و ليس على ولائم كبرى .

 

تقبلو مروري

سردم